أوقع انفجار هائل -استهدف في ساعة مبكرة من صباح أمس مبنى القنصلية الإيطالية بوسط القاهرة- قتيلاً و10 مصابين، بينهم شرطيان وطفل، وأدى إلى تهشم واجهات العديد من المباني المحيطة والقريبة من موقع الحادث، فيما أكدت مصر قدرتها على توفير أقصى درجات الحماية للبعثات الدبلوماسية المتواجدة على أرضها، وأنها لن تتوانى عن مواصلة وتكثيف جهودها مع مختلف دول العالم من بينها إيطاليا لمحاربة الإرهاب والعمل على اجتثاثه من جذوره ودحره.
ووقع الانفجار تحديدًا في شارع الجلاء بوسط القاهرة، وعلى بعد أمتار من دار القضاء العالي، وشوهدت سيارات الإسعاف وعربات الحماية المدنية تتحرك بكثافة بمحيط نقابة الصحفيين بشارع عبدالخالق ثروت ومستشفى الجلاء بشارع رمسيس.
وفور وقوع الحادث الإرهابي أمر القائم بأعمال النائب العام المستشار علي عمران بانتداب فريق من النيابة العامة للانتقال ومعاينة موقع الحادث، يأتي هذا في وقت كثفت الأجهزة الأمنية جهودها للوصول إلى الجناة، وتقديمهم للعدالة.
سيارة ملغومة
وأشارت المعاينة الأولية للحادث أن مجهولين زرعوا قنبلة شديدة الانفجار أسفل سيارة مركونة قرب القنصلية، وتم العثور على أجزائها فيما بعد بمحيط الانفجار.
وقالت مصادر أمنية: إن ظروف وملابسات انفجار القنصلية الإيطالية يشبه حادث اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، الذي تم استهدافه بسيارة ملغومة، ما يعني أن الجاني واحد، الأمر الذي قد يمكّن الأجهزة الأمنية من الوصول إلى مرتكبي الواقعتين.
وبخصوص عدد الضحايا، أعلنت وزارة الصحة على لسان متحدثها الرسمي د.حسام عبد الغفار أن الحصيلة النهائية للانفجار الذي استهدف القنصلية الإيطالية هي حالة وفاة و10 مصابين كلهم خرجوا من المستشفى، إلا أن طفلا ما زال فيها وإصابته خطيرة.
وألحق الانفجار خسائر جسيمة بمبنى القنصلية الإيطالية، تهشمت على إثره واجهات بعض العقارات والمحال المحيطة بموقع الحادث، كما تحطمت الواجهة الزجاجية الخاصة بنقابة الصحفيين بوسط البلد، كما تصدّعت أجزاء من كوبري 6 أكتوبر، والعديد من المساكن الواقعة خلف القنصلية بمنطقة بولاق أبو العلا.
لا أجانب
ووفق ما ذكره الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية السفير بدر عبدالعاطي، فإن الحادث لم يسفر عن مقتل أي أجنبي، منوهًا إلى أن مقر القنصلية كان شبه خال من الموظفين، والحادث «عابر ويحدث في أي دولة»، في الوقت ذاته أكد على جهود أجهزة الأمن بمصر من أجل الحد من تلك العمليات الإرهابية والقضاء على التنظيمات الإرهابية.
وأشار «عبدالعاطي» إلى أن هناك تنسيقا بين الخارجية والأجهزة الأمنية المعنية لتوفير أقصى درجات الحماية والتأمين للسفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية المتواجدة بالقاهرة، نافياً في الوقت ذاته أن تثني تلك العمليات الإرهابية بلاده عن مواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه.
الجانب الإيطالي
وأجرى رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي مشاورات هاتفية صباحا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفق ما أورد بيان لمكتبه.
وقال رينزي: إن "ايطاليا تعلم أن مكافحة الإرهاب تحد هائل يطبع تاريخنا الحالي. لن ندع مصر لوحدها، ايطاليا ومصر هما معا وستكونان معا في مكافحة الارهاب والتطرف".
وفي مؤتمر صحافي ظهرا، أكد وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني ان "هدف الاعتداء كان القنصلية الايطالية من دون شك".
وأوضح ان الاعتداء لم تتبنه أية جهة حتى الان، وتحدث عن "محاولة ترهيب" و"هجوم على الوجود الدولي ولكن ايضا هجوم مباشر على ايطاليا".
واضاف: "نحن عازمون على الرد بحزم ولكن ايضا بهدوء من دون قلق".
وكان الوزير كتب في وقت سابق على حسابه على تويتر "استهدفت قنبلة قنصليتنا في القاهرة، لم يقع ضحايا ايطاليون. نحن الى جانب الاشخاص المصابين وموظفينا. ايطاليا لن تخاف".
واتصل وزير الخارجية المصري سامح شكري بنظيره الايطالي مؤكدا ان مصر "ستكثف جهودها مع مختلف دول العالم وبينها ايطاليا لمكافحة الارهاب"، بحسب بيان.
وفي سياق متصل، دان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بشدة التفجير الإرهابي بوسط القاهرة، وأكد الدكتور العربي في بيان امس على موقف جامعة الدول العربية الثابت بالوقوف بجانب مصر في حربها ضد الإرهاب، وعن تأييدها الكامل لجهود السلطات المصرية في تعقب وضبط هؤلاء المجرمين وتقديمهم للعدالة بشكل عاجل.
ونددت فرنسا بالاعتداء مؤكدة وقوفها "الى جانب مصر وايطاليا في مكافحة الارهاب".
ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو 2013 تكثفت الهجمات الجهادية في مصر مستهدفة بشكل خاص قوات الامن. وتتبناها جماعات تقول انها تتحرك انتقاما للقمع الدامي لانصار مرسي.
لكن دبلوماسيين قالوا مؤخرا ان الشرطة حذرتهم من امكانية استهداف السفارات.
وغمرت المياه السبت المنطقة المحيطة بالقنصلية بعد انفجار انبوب للمياه في الهجوم، فيما انتشر حطام السيارة في المكان. كما تم تدمير كشك خشبي للشرطة خارج القنصلية.
وعاد القنصل إلى المبنى لتفقد الاضرار، رافضا الحديث للصحافة.
واكثر الاعتداءات دموية وقعت في شمال شبه جزيرة سيناء حيث تبنى الفرع المصري لتنظيم داعش سلسلة هجمات دامية على الجيش في الاول من يوليو. وافاد الجيش عن مقتل 21 جنديا في اعمال العنف الاخيرة. لكن القاهرة ومدن دلتا النيل لم تبق في منأى عن هذه الهجمات التي ادت الى مقتل مئات من عناصر الشرطة والجيش.
وفي التاسع والعشرين من يونيو قتل النائب العام المصري في تفجير بسيارة مفخخة استهدف موكبه في القاهرة.
وبعد هذه الهجمات، توعد السيسي، القائد السابق للجيش، بتشديد قوانين "مكافحة الارهاب" لتنفيذ العقوبات الجنائية ضد المتشددين بشكل اسرع.ووافقت حكومته على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، الا انه لم ينفذ، بعد احتجاجات من الصحافيين والمدافعين عن حقوق الانسان.
وفي مواجهة الانتقادات، اشارت الحكومة الى انها قد تعيد النظر في النص.
وخلال الاتصال بين وزير الخارجية المصري ونظيره الايطالي، قدّم «شكري» لنظيره المعلومات المتوافرة حول الحادث الإرهابي، وأعرب عن إدانة مصر حكومة وشعبًا الشديدة لهذا الحادث، وأكد أن مصر لن تتوانى عن مواصلة وتكثيف جهودها مع مختلف دول العالم من بينها إيطاليا لمحاربة الإرهاب والعمل على اجتثاثه من جذوره ودحره.
ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن الإرهاب لن يتورع عن استخدام أداوته الخسيسة ضد الأبرياء، مشدداً عزم مصر على إفشال المخططات التي تستهدف الاستقرار في البلاد والقضاء على كافة التنظيمات الإرهابية.