تطوير أدواتنا السلوكية بحسب المقتضيات الحضارية ليس أمرا صعبا أو مستبعدا بالنظر الى أن ذلك يعتبر من سمات الشخصية الاجتماعية، فالحياة تتطور وتستوعب كثيرا من المتغيرات السلوكية، سلبا وإيجابا، وذلك يتطلب بدوره وعيا حاضرا لخلق حجاب حاجز ضد أي مكتسبات سلبية وطاقة دفع ذاتية ومجتمعية للإيجابية منها من خلال المؤسسات الاجتماعية، على النحو الذي تصدّت له الجمعية السعودية للذوق العام.
الجمعية في إطار إستراتيجياتها لتعزيز مبدأ وفكرة ومفهوم الذوق، وأنا هنا أستخدم ثلاثة مترادفات اصطلاحية عن قصد حتى نؤطر ونحاصر اللفظ بما يجعله خاضعا لحيثيات ومجريات العمل بصورة متكاملة ويقظة للارتقاء بالسلوك العام من خلال الذوق، ولعل من أبرز أهداف الجمعية تأصيل الممارسات السلوكية ذات القيم الإسلامية لدى أفراد المجتمع ليصبح الذوق أسلوبا للحياة ومنهجاً للتعامل.
وتضع الجمعية أهدافا عامة وأخرى تفصيلية يتم تحقيقها والعمل من أجلها من خلال سلسلة برامج تناسب الوصول الى الغايات النهائية وتحقيق الأهداف الكلّية للارتقاء بالذوق العام، فالمسألة في جميع تفاصيلها تتعلق بأداء فردي وذاتي حضاري راق وجميل وإنساني حقيقي، وطالما لدينا الأسس والقيم الأصيلة، اجتماعيا ودينيا، فإن منظومة العمل لن تكون صعبة في التلقّي والتفاعل مع أي أفكار أو برامج تسهم في تطوير طرائق تعاملنا ومعاملاتنا.
الجمعية من خلال ذلك الهدف النبيل تسعى الى إيجاد نماذج للذوق العام في المجتمع، وهي حالة أشبه بالتنافسية الشريفة الرفيعة من أجل أن نقدّم أفضل ما لدينا في سلوكنا الشخصي، وذلك ما يمكن تطبيقه من خلال البرنامج الإثرائي الذي تطلقه الجمعية بعنوان "الذوق العام"، وفي المحصلة فإننا أمام عمل اجتماعي ممنهج وضروري لمواكبة التطور السلوكي والحضري الذي يجعلنا أكثر تفاعلا مع كل ما هو إيجابي وجدير بأن يمنحنا حالة متفردة في التطور.
تلك الجمعية الحديثة في تأسيسها والقديمة بوعيها وخبرات القائمين عليها تستحق أن نتفاعل مع أدائها من خلال برامجها، حتى نصل الى مستوى متقدم من الوعي والرضا الشخصي، فبرامجها عبارة عن قياس لمستوى التطور في وعينا السلوكي، وهناك أرضية علمية تعمل بموجبها حتى لا نتراجع وتأخذنا الحياة في دوامة انشغالات ومتاهات تصرفنا عن الأرقى والأجمل والأنبل الذي يثري حياتنا، وحينها نفقد أجمل ما لدينا ونصبح تبعا للطوفان الحضاري السلبي الذي تخترقه رياح الثقافات السلبية وتوجد أسوأ صور السلوك البشري لأننا لم نتيقظ للإيجابي الذي نملكه ولم نستثمره في تطوير ذواتنا وسلوكنا... ونواصل.
كاتبة