فجعت- كما فجع الكثيرون- بوفاة الشيخ حمد الزامل رحمه الله، فالرجل كان ملء السمع والخاطر، وقلما تجد في هذا الزمن شخصية مثله.. شخصية ثرية بمشاعر الخير والطيبة، ضحوك السن، طلق المحيا، بشوش الوجه، شخصية تشعرك بأنك امام قائد فذ متواضع مرح لطيف، تجده اقتصادياً محنكا مع الاقتصاديين، وشاعرا مع الشعراء، وسياسيا مع الساسة، وأديبا مع الأدباء، ومواطنا بسيطاً مع العامة.
تربطني به– رحمه الله- علاقة أفلاطونية، تحفها المثالية من جميع الجوانب، وتعكسها دماثة خلقه وأسلوبه العفوي الجميل الحميم الذي يملأ القلب فرحاً ومحبة، تبلورت هذه العلاقة في لقاءات محدودة، أذكر منها بعض اللقاءات في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، ولقاء (حميميا) لا أنساه في الهيئة العامة للاستثمار بالرياض، حيث كنت آنذاك أقوم بإعداد وتنفيذ الخطة الأمنية لمنتدى التنافسية الثالث والرابع اللذين تشرف عليهما الهيئة العامة للاستثمار، وكنت أشرف على الأعمال الأمنية المعدة لزيارة (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا السابق، في عام 2010م، وزيارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في عام 2011م، وكان رحمه الله يصافحني بحرارة قائلاً: (نفخر بأبناء الوطن)، بعد أن عرف انني كلفت بهذه المهمة الحساسة رغم أن مقر عملي في الدمام.. وبالطبع الذي يعرف الشيخ حمد الزامل سيعرف أنه لم يكن من (الشياب) رغم أنه تجاوز مرحلة الشباب، ولكنه كان أشبه بحلقة وصل بين (الشياب) والشباب، والذي يعرفه لا بد أن يؤيدني في أنه- رحمه الله- يضيف شيئاً من المرح الى أي لقاء قبل أن ينصرف، سواء بـ (قفشة من قفشاته) أو دعابة عابرة، أو نكتة ظريفة ممزوجة بابتسامته البشوشة المعهودة رحمه الله، فهو كان يدخل البهجة في قلوب الحاضرين، ويمنحهم شيئاً من روحه المشبعة بالمرح والمشاعر اللطيفة.. التقطت معه بعض الصور، وبعد أن شد على يدي اعطاني (كرته) الشخصي، ودعاني لزيارته في المنطقة الشرقية.
تنتابني مرارة المشاعر بعد رحيله؛ لأنني فقدت صاحب هذا (الكرت) الشخصي، والأكثر مرارة وألما هو أنني كنت قاب قوسين أو أدنى لتلبية الدعوة واللقاء به، ولكن لم أتمكن من تلبيتها رغم أنني كنت أعد العدة لها، وفي كل الاحوال إنا لله وإنا اليه راجعون، والسنن الربانية قد قضت بأن ينتقل الى جوار ربه دون أن التقي به.
لكل انسان اسرار لنجاحه، وأظن أن السر الدفين في نجاحات الشيخ حمد الزامل هو المنحة الإلهية التي يتمتع بها وهي حب الناس له بسبب بساطته وشفافيته وصراحته وتواضعه، وأياً يكن (السر)، فرجل كحمد الزامل أحبه الناس، لا بد وأن يكون محبوباً عند ربّ الناس، وأسأل الله العلي القدير أن يتقبله قبولا حسنا، ويغفر له ويدخله في واسع رحمته.