لم يشن التحالف العربي بقيادة المملكة غارات جوية في اليمن أمس في أول أيام الهدنة الانسانية، لكن المعارك استمرت في الجنوب، بينما رفضت قيادة التمرد الحوثي وقف إطلاق النار.
ولم تسجل أي غارة جوية أمس في اليمن، حيث إن الأوضاع هادئة باستثناء تعز وعدن حسب تأكيد المتحدث باسم "المقاومة الشعبية" ظهر أمس في مأرب صالح الانجف. واتهم "الحوثيين بخرق الهدنة في الساعة الأولى، إلا ان طيران التحالف لا يزال ملتزما بالهدنة حتى الآن".
وفي تعز ، أكد عضو "المكتب الإعلامي للمقاومة" عبدالعزيز الصبري ان تعز "لم تعرف الهدنة إلا من طرف واحد وهو الطيران، أما مليشيات الحوثي فلم توقف عملياتها" واتهم المتمردين الحوثيين وقوات صالح بمواصلة عملياتهم العسكرية في منطقة جبل صبر.
وكشفت المقاومة الشعبية بمحافظة تعز عن ممارسات وصفتها بـ "الوحشية" تنفذها المليشيا الحوثية والقوات الانقلابية الموالية للمخلوع صالح بحق المدنيين والجرحى في مدنية تعز، بينها إعدام جرحى.
ويطيل العنف من أمد صراع بدأ قبل أربعة أشهر ويرجع الى توترات سياسية انتشرت في أنحاء اليمن العام الماضي حين سيطر الحوثيون على صنعاء ما دفع الرئيس عبد ربه منصور هادي للانتقال الى عدن.
ويود الحوثيون وصالح الحلول دون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني اليمني الذي أقر بالإجماع مواد تمهد لعودة السلام إلى اليمن وبدء مرحلة استقرار سياسي وتنمية. ويهدف الحوثيون إلى التمكن من خلط الأوراق مجدداً ليمكنهم الحصول على منفذ إلى البحر. فيما يهدف صالح إلى بقاء الفوضى في اليمن خشية يتسبب الاستقرار في النيل من مملتكاته الواسعة وثروات رجال نظامه السابق.
وكان التحالف العربي - الذي يحارب الحوثيين - قد أعلن هدنة مدتها خمسة أيام اعتبارا من 11.59 مساء (2059 بتوقيت جرينتش) امس الأحد حتى يتسنى إدخال مساعدات طارئة وسط نقص حاد في الوقود والأغذية والأدوية.
ولا يزال التحالف العربي وحكومة اليمن يسعيان إلى إقناع الحوثيين وأتباع صالح بالتخلي عن عنادهم غير المجدي والجنوح إلى السلام، في إطار هذه المساعي اجتمع وزير خارجية اليمن رياض ياسين أمس إلى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس واستعرض الجانبان تطور الأوضاع في اليمن.
وزير الخارجية يجتمع بالمبعوث الأممي
واستقبل وزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير في مقر الوزارة أمس بالرياض المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد.
وجرى خلال الاستقبال بحث مستجدات الأوضاع في الساحة اليمنية علاوة على الجهود القائمة لتدفق المساعدات الإنسانية لليمن جواً وبحراً عبر محافظة عدن بعد إعادة الأمن والاستقرار لها من قبل قوات التحالف للدفاع عن الشرعية.
الحوثيون يرتكبون جرائم وحشية
وحسب مصادر خاصة لـ (اليوم) فإن هذه التحركات من قبل المليشيا الحوثية جاءت إثر عدم استجابة القبائل الدفع بأبنائها للقتال في صفوف الحوثي، وفرار المئات من مقاتلي الحوثي وتكبدها خسائر بشرية كبيرة.
وقالت المصادر : إن الخيار التالي هو التجنيد الاجباري للقتال في صفوف المليشيا الحوثية من أبناء المناطق التي تخضع لسيطرتها وفي مقدمتها محافظات "صعدة وعمران وذمار وصنعاء".
وقالت المقاومة الشعبية في بيان: إن ميلشيات الحوثي قتلت ثلاثة من جرحى المقاومة اثناء تلقيهم العلاج مطلع الأسبوع الحالي بالمستشفى العسكري بمدينة تعز الذي يخضع حاليا لسيطرة الحوثيين. كما أعدم الحوثيون "الحدث" باسم حميد خالد (16 عاما) في نقطة الحوجلة امام من كانوا برفقته في سيارة تقل مسافرين من مدينة تعز الى قرى شرعب السلام.
وفي الأسبوع الماضي هاجم مسلحو المليشيا الحوثية سيارة اسعاف كانت تقل جرحى من رجال المقاومة، ما أدى الى قتل أحد الجرحى ويدعى"نجيب جامل" وإصابة السائق اصابات خطرة في الرأس.
وقالت المقاومة على لسان المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية : إن جرائم مليشيا صالح والحوثي "ممنهجة مستمرة" ضد ابناء تعز والتي وصلت حد الاعدام للجرحى والاحداث واعتداءات وحشية بالقصف والنهب لمنازل وممتلكات المواطنين في قرى مشرعة وحدنان بجبل صبر، واستهداف المدنيين في الاحياء المكتظة بالسكان بمدينة تعز مع تشديد الحصار وقطع خدمات الكهرباء والانترنت ومياه الشرب والنظافة والمستشفيات والمراكز الصحية.
وتعهدت المقاومة الشعبية في تعز بـ "المضي في طريق النضال حتى دحر المليشيا الحوثية والقوات الانقلابية"، وقالت: إن جرائم المليشيا الحوثية التي لا تتوقف لن تمر دون عقاب، وإن محاولاتها المستميتة للسيطرة على مواقع في مدينة تعز وريفها ستفشل كسابقاتها مهما استمرت تعزيزاتها بالمقاتلين وأسلحة الدولة المنهوبة.
يأتي ذلك في وقت، لم تستطع جماعة الحوثي حشد مقاتلين للقتال في الجبهات المشتعلة خاصة عدن وتعز، وخلال اليومين الماضيين تجوب سيارات عليها مكبرات الاصوات مدن: صنعاء وذمار وعمران وصعدة وحجة والمحويت لاستدعاء مقاتلين في صفوف المليشيا من ابناء تلك المدن.
تنشيط المساعدات لعدن
قال مسؤول بالأمم المتحدة يتولى الاشراف على المساعدات الانسانية لليمن بعد زيارة مدينة عدن الجنوبية في مطلع الاسبوع: إن الأمم المتحدة تأمل في تحقيق زيادة في المساعدات المقدمة للمدينة الان بعد أن توقف القتال تقريبا فيها.
وقال يوهانس فان در كلاوو في مقابلة مع رويترز أمس: إنه رأى جثثا ملقاة في الشوارع وإن أحياء بأكملها تعرضت لأضرار أو للدمار لكن المعركة بين قوات الحوثيين والمقاتلين المحليين الذي تدعمهم حملة قصف جوي تقودها السعودية انتقلت شمالا.
وقال فان در كلاوو إن الظروف مواتية بما يكفي لعودة الأمم المتحدة مع وجود دولي وإن المسؤولين الحكوميين اليمنيين الذين عادوا إلى عدن في الأيام الأخيرة يعتقدون أنه لا خطر من قيام الحوثيين بشن هجوم مضاد.
وتابع : "يبدو أن المعركة الكبرى الآن تتعلق بتعز " مشيرا إلى المدينة الواقعة إلى الشمال التي قال إن الأمم المتحدة تشعر بقلق بشأنها.
وكانت شاحنات المساعدات التابعة للامم المتحدة قد توقفت وتخلى عنها القائمون عليها عند حاجز الرباط الأمني خارج عدن بسبب القصف والاشتباكات.
وأضاف فان در كلاوو أن وقف إطلاق النار خمسة أيام اعتبارا من منتصف الليلة الماضية فرصة لتحريك القافلة.
وأضاف : "نحن نحتاج على وجه السرعة تخليص المنطقة من الصراع مع وقف الأعمال العسكرية حتى يمكن لهذه الشاحنات دخول المدينة ونرجو ألا تكون تعرضت للنهب". محاصرون
وظل موظفو الامم المتحدة المحليون محاصرين في بيوتهم منذ شهور ولا يمكن الاتصال بهم منذ مارس الماضي، ولحقت بهم أضرار جزئية وتم الاستيلاء على كل ما يخص الأمم المتحدة وأسطول من أكثر من عشر عربات.
وقال فان در كلاوو : إن مستشفى تديره جماعة أطباء بلا حدود يمتلىء عن آخره بمدنيين من الجرحى لا من يشاركون في القتال. وأضاف أن المستشفيات لا تعالج إلا الصدمات وإنه لا توجد بها رعاية صحية أولية أو دعم للأمراض المزمنة أو رعاية للحوامل. واجتمع فان در كلاوو مع وزيري الاشغال العامة والنقل اليمنيين في عدن لمناقشة أولويات إعادة الحياة لطبيعتها في المدينة التي شهدت نزوح ربع سكانها البالغ عددهم 800 ألف نسمة ما جعل بعض الأحياء تبدو كمدن أشباح.
وبخلاف ضبط الأمن للحفاظ على السلام فإن الأولوية لاعادة النازحين إلى بيوتهم وإعادة شبكات المياه والصرف والكهرباء والصحة العامة وغيرها من الخدمات الأساسية وتوفير المأوى لمن يحتاج إليه، ويجري تفريغ عدة سفن محملة بمساعدات الأمم المتحدة في ميناء عدن.