واصلت الأسهم الصينية تراجعها، أمس، في الوقت الذي جددت فيه بكين دعم سوق أسهمها التي أذكت فيه تقلباتها العنيفة المخاوف بشأن الاستقرار المالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبعد هبوط زادت نسبته عن 8% في المؤشرات الصينية الكبرى، أمس الأول، قالت الجهات التنظيمية الصينية: إنها مستعدة لشراء أسهم لتحقيق الاستقرار في البورصة بينما ضخ البنك المركزي سيولة نقدية في أسواق المال وألمح بمزيد من التيسير النقدي. لكن على الرغم من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز ثقة المستثمرين العاديين الذين يهيمنون على أسواق الأسهم الصينية تراجع مؤشر «CSI 300» لأسهم الشركات الكبرى المدرجة في شنغهاي وشنتشن بنسبة 0.2% الثلاثاء، في حين خسر مؤشر شنغهاي المجمع 1.7%. وفي يوم شهد حالة من التقلب الشديد الذي اعتادت عليه أسواق الأسهم الصينية تأرجح المؤشران بين خسائر وصلت إلى 5% ومكاسب تجاوزت 1%.
وأنهت موجة الهبوط الشديد التي شهدتها السوق يوم الإثنين، ثلاثة أسابيع من الهدوء النسبي للأسهم الصينية والذي تحقق بتدخل قوي من الحكومة التي ضخت سيولة في السوق ومنعت الكثير من المستثمرين من البيع عمليا.
وقد ترجع عمليات البيع السريعة التي كبدت المؤشرات الكبرى أكبر خسائرها اليومية في أكثر من ثماني سنوات لأسباب منها اختبار السلطات للأجواء لسحب بعض الدعم القوي الذي قدمته.
وقال بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، أمس: إنه سيضخ 50 مليار يوان ما يعادل 8.05 مليار دولار في أسواق المال في أكبر دفعة سيولة يقدمها البنك منذ السابع من يوليو الجاري. وأضاف البنك في بيان قبل فتح سوق الأسهم، أنه سيستخدم «أدوات نقدية متنوعة» للحفاظ على «مستويات ملائمة من السيولة» في إشارة إلى أن التيسير النقدي الإضافي الذي توقعه الكثير من المحللين قد يكون وشيكا. وتراجعت الأسهم الصينية بنهاية تداولات الأمس، في جلسة خيم عليها التذبذب الشديد، بعد الخسائر الحادة التي سجلتها أمس الأول، بفعل مخاوف فشل الجهود الحكومية لدعم السوق. وكانت الأسهم الصينية قد سجلت أكبر خسائر يومية منذ عام 2007 خلال تعاملات الأمس، مع هبوط المؤشر الرئيسي بحوالي 8.5%، بسبب موجة بيعية قوية أثرت سلبًا على الأسواق العالمية. وأكدت السلطات الصينية أنها فتحت تحقيقًا في الخسائر الحادة التي شهدها السوق بالأمس، مؤكدة أن مؤسسة تمويل الأوراق المالية الصينية ستواصل شراء الأسهم من أجل تحقيق استقرار سوق الأسهم. وانخفض مؤشر «شنغهاي» المركب بنحو 1.7% ليصل إلى 3663 نقطة عند الإغلاق، ليفقد 11% من قيمته خلال الجلسات الثلاث الماضية. وأغلق مؤشر بورصة (شنغهاي) أمس، على تراجع بنسبة 1.68% على الرغم من الوعد بإطلاق المزيد من الأموال لتحقيق الاستقرار في الأسواق ليصل عند مستوى 3663 نقطة. وانخفض مؤشر ( شينشن ) بنسبة 1.41% ليغلق عند مستوى 12316.78 نقطة، بينما هبط مؤشر ( تشي نكست ) الأوسع نطاقًا بنسبة 3.78% لينهي تداولاته عند مستوى 2581.96 نقطة. على صعيد ذي صلة، تراجع الدولار والنفط والبورصات في تعاملات، الإثنين، بعد أن هوت الأسهم الصينية في أكبر انخفاض ليوم واحد في 8 سنوات وسط تجدد المخاوف بشأن آفاق ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وحام الدولار الأمريكي قريبا من أدنى مستوى له في أسبوعين مقابل سلة العملات الرئيسية، بعد أن عزز أكبر هبوط للأسهم في بورصة شنغهاي في ثمانية أعوام الطلب على عملات الملاذ الآمن، في الوقت الذي عززت فيه بيانات اقتصادية ألمانية اليورو. وهوت أسهم شنغهاي 8.5% لتهبط معها الأسهم الأوروبية أكثر من 1% ونزل مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» إلى أدنى مستوى له في أكثر من أسبوعين مواصلة خسائرها لخامس جلسة على التوالي وتبعتها مؤشرات الأسهم الأمريكية، إذ ألقت المخاوف بشأن آفاق نمو الاقتصاد الصيني بظلال قاتمة على بعض النتائج الفصلية التي فاقت توقعات المحللين. وأدت هذه التحركات إلى إقبال المستثمرين على اليورو وكذلك عملتي الملاذ الآمن الين الياباني والفرنك السويسري. ومقابل العملة الأمريكية ارتفع اليورو في أحدث تعامل 1.16% إلى 1.1107 دولار مقتربا من أعلى مستوى له في أسبوعين والبالغ 1.11130 دولار. كما هبطت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام إلى أدنى مستوياتها في أكثر من 4 أشهر يوم الاثنين، متأثرة بوضع سوق الأسهم الصينية وأدلة جديدة على تخمة المعروض العالمي التي قلصت الأسعار إلى النصف خلال 12 شهرا الماضية. وقال محللون في سوق النفط: «تراجع سعر النفط اليوم كان مدفوعا بالانحدار في أسواق الأسهم الصينية». ولامس خام «برنت» تسليم سبتمبر أدنى مستوى لليوم عند 53.36 دولار للبرميل منخفضا 1.26 دولار عن الإغلاق السابق ومسجلا أقل سعر له منذ أكثر من أربعة أشهر. والصين أكبر مستهلك في العالم للطاقة ومستورد كبير للنفط. ويخشى المستثمرون من أن يزعزع انهيار سوق الأسهم استقرار الاقتصاد الصيني ويخفض الطلب على الوقود. من جهة أخرى، توقعت شركة « Valcambi» لتكرير الذهب أن واردات الصين من الذهب قد تتراجع بنحو 40% خلال العام الجاري، مع هبوط الطلب على السبائك المستخدمة لدعم صفقات التمويل المحلية. وقال «مايكل ميسرك» المدير التنفيذي لأكبر شركة لتكرير الذهب في العالم: إن الطلب على الذهب اللازم لدعم الصفقات قد تراجع مع توافر السيولة الرخيصة في السوق، بحسب وكالة رويترز. وأشار «ميسرك» إلى عدم وجود حاجة حالية في الصين لاستخدام الذهب من أجل دعم صفقات التمويل في البلاد. ويمثل الطلب من جانب الصين نحو خُمس الاستهلاك العالمي من الذهب، وهو ما يهدد بمزيد من الضغوط الهبوطية على أسعار المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة. وكانت بيانات قد كشفت بالأمس تراجع واردات الصين الذهبية من هونج كونج لأدنى مستوى في 10 أشهر خلال يونيو الماضي.