كما هو معلوم ومتعارف عليه في الكون كله، يوجد الغني والفقير، والكبير والصغير، والقوي والضعيف، جسدا وعقلا، وهذه الطبقية والأضداد في الكون هي سنة الله في خلقه قال الله تعالى (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) من هذه الطبقات يكون منشأ القوى وصراعها، وهو أساس الميل إيجابا او سلبا، أو التوازن في الأمم والمجتمعات، وهو أيضا بذرة بقائها واستمراريتها، او معول محق بركتها وفنائها ومن ثم زوالها، وطي صفحة تاريخها إلى أبد الآبدين.
والتحرش رمز فتاك من رموز القوة الظالمة والفجور، ولا يتحرش أحد إلا بضعيف لا أحد يهتم به، أو له أحد، ومن هنا كانت المرأة أو الطفل وحتى الدول والأفراد والمجتمع.. الضعيف هو الضحية وهو المستهدف، والذي يستهدفه هو القوي في كل شيء، ليبدأ معه حربا لسلبه كرامته وحقوقه وجعله تابعا له بشكل أو بآخر وهذا الفاعل والمقترف لجريمة التحرش مريض موبوء بالعنف وهدر كرامة الغير.
فلم يكن قابيل ليتحرش بأخيه ويقتله لو وجد من يرده عن كيده واغتراره بقوته الحمقاء ولم يكن فرعون ليتحرش ببني اسرائيل ويضطهدهم لولا ضعفهم وعدم قدرتهم على رد كيده وظلمه، حتى أتى أمر الله وعاقبه بالغرق واتلف قوته، والأمثلة في هذا الشأن كثيرة على مدى التاريخ ولا مجال لسردها هنا ولكن فقط لتؤخذ كمثال فقط.
ما اريد توضيحه هنا هو أن التحرش جريمة كبرى في الإسلام وفي أغلب المجتمعات الإنسانية، ولا يمكن أن يمر متى ما حدث، بلا عقاب حازم، صارم، فمن حق الإنسان أن يأمن على نفسه كفرد في مجتمع تحكمه دولة تدين بدين الحق وتطبق شريعة الله ومنهاجه وسنته، حتى وإن كان الضحية يسير عاريا، فإن المعتدي عاقل له عقل يحكمه ويقيده وليس بهيمة من بهائم الأنعام يسير ويمارس ما يحلو له وفق غرائزه التي يشعر بها فقط ولا يأبه لمشاعر الطرف الآخر ولا يهتم لنفسه وماله وعرضه!!
من هذا المنطلق وجب سن قانون هو بالتأكيد موجود منذ الأزل قد يصل إلى حد كبير في أقسى الحالات وللسجن والجلد في أقلها وأدناها .
من هذه السنن العظيمة، التي من الله علينا بها، وجب علينا جميعا نبذ الأنانية وحب الذات والسعي الجاد من حيث تطبيق قانون الله ورسوله في منح الحقوق وحفظها وأداء الواجبات وإن كان طالبها ممن لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فالحق أولى أن يتبع ولا بد من سلطة قوية تنفيذية لتؤتي القوانين أكلها كل حين بإذن ربها.
السلام والمحبة والبذل جزء لا يتجزأ من أعراف مجتمعاتنا الإسلامية وعلينا جميعا المحافظة عليها ممن يدعونها ويعملون عكسها وإلا فلنتحمل نتيجة تجاهلنا لها وهي حالات لن تسر عاقلا ابدا!! دمتم بخير.