حرقة أم كلمات تحرك الألم وتذرف الدمع، فماذا يحرق قلب الأم ويضيع حلمها ويبدل آمالها بألم تعيشه بقية عمرها وهي تتحسر على فلذة كبدها الذي كانت تراقبه وتعطيه وتطعمه وتسقيه ليشتد عوده لتفرح بتخرجه وتكتمل فرحتها بزواجه، هذه الكلمات كتبتها عندما اجتمعت مع واحدة من أمهات شبابنا الذي كان في بعثة دراسية في احدى الدول وكانت سعيدة بتفوقه وطموحه وتسجيله في احدى الجامعات للدراسة من ضمن البعثات التى وفرتها الدولة لشباب الوطن، وكان إنسانا يميل للهدوء والطيبة وكان بارا بها وقام بزيارتها في اجازة العام الماضي وكانت فرحتها به لا توصف، وعاشت معه ايام تتذكرها ودموعها تسابقها، فلقد ودعها ليواصل مسيرته العلمية، ولم يخطر ببالها انه الوداع الأخير ذهب فلذة كبدها وكانت تترقب اتصاله ولم يتصل بها الا بعد فترة وتباعدت الاتصالات بينه وبينها مع انه كان الحريص على التواصل معها وكسب رضاها، وبعد فترة انقطعت اتصالاته وتحرك قلب الأم لتبحث عنه وتسال أصحابه وتوصي اخوانه ماذا حدث لفلذة كبدها، كانت تستجدي الخبر بقلب يحترق ودمع لا ينقطع، لقد اختفى حبيبها في ظروف غامضة، لقد غرر به من قبل زمرة الشر التي تحطم احلام شبابنا وتحارب فكرهم وتغير توجههم بما لا يرضاه الله ورسوله، وسألت أصحابه وزملاء البعثة لتسمع الخبر الذي نزل عليها كالصاعقة ان ولدها ترك دراسته وقطع بعثته وضاع مستقبله، لقد تمكنوا منه وأضاعوا مستقبله بوعود لا يصدقها إنسان عاقل، وعاشت الأم شهورا تتجرع المر والقهر، وأصابها المرض من المر والقهر تدعو ربها ان يحفظه ويحميه، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان.. لتتلقى رسالة تخبرها بوفاة فلذة كبدها، كيف مات؟ ولماذا مات ومن اجل من ضيع مستقبله وفرحة أمه وطموح وطنه الذي كان ينتظره ليأخذ دوره لخدمة الوطن؟ انها أمور غامضة يرتكبها أناس اكثر غموضا ويتسللون لعقول شبابنا، لقد خارت قوى أمه وأمهات شباب شاهدتهن عندما ذهبت للتعزية ومواساة تلك الأم المكلومة والمقهورة والمفجوعة في ولدها، انهم يخربون فكر الشباب ويضيعون مستقبلهم ويتسببون في عقوق والديهم، ان اختراق المواقع وغسل الادمغة ضيع شبابا طموحا كله أمل ان يحقق أمل والديه، انها صورة تحرق قلب كل أم عندما لا تعرف كيف مات ومن أجل من ضحى بنفسه..؟
لقد شاهدت أمهات منظرهن يحرق القلب، كل أم قد تفقد ابنها في حادث وتتجرع الحرقة لكنها تغسله وتكفنه وتدفنه في أرضه التي تربى على ترابها، ويجب ان يكون قبره فيها.. ان شهداء الوطن يتم تكريمهم والاهتمام بأولادهم فهل نتعظ ونراجع أنفسنا ولا نسبب القهر والحرقة لأمهات بذلن الكثير من أجل أبنائهن.