اعترف دنيس لوكهارت، رئيس الاحتياطي الفـيدرالي في أتلانتا، أن انهيار أسواق الأسهم الصينية، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وحرب تكثيف العملات تعمل جميعا على تعقيد قرار البنك المركزي حول ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة. لكن علينا أن نلاحظ أن هناك أسبابا أكثر عمقا حول سبب ضرورة مقاومة الاحتياطي الفيدرالي لشعوره الغريزي بتشديد السياسة النقدية.
أينما نظرنا في الأسواق المالية - سواء كانت أسعار التعادل في سوق السندات الحكومية الأمريكية (الفجوات بين عائد سندات الخزانة العادية وتلك التي تعوض حملة السندات مقابل التضخم السريع) أو عقود التأمين ضد التضخم على السندات المقومة باليورو (وهو نوع من المشتقات المستخدمة من قبل صناديق التقاعد للمساعدة على ضمان أن لديها ما يكفي من المخصصات لدفع المعاشات التقاعدية لأصحابها) - سنجد أن أسعار الفائدة السلبية منتشرة في كل مكان. هذا يشير إلى أنه من المرجح للأسعار الاستهلاكية أن تتراجع بدلا من أن ترتفع. علاوة على ذلك، هناك أدلة تتراكم على أن الأوضاع النقدية في أكبر اقتصاد في العالم قد شددت بالفعل. بول كاسريل، كبير الاقتصاديين السابقي في نورثرن ترست الذي يكتب الآن في مدونة «Econtrarian»، يرى أنه «في الأشهر الأخيرة أصبحت السياسة النقدية للاحتياطي الفدرالي تقييدية بصورة صريحة تماما» حتى مع بقاء سعر الفائدة عند 0.25%. يجادل أنه في الوقت الذي أخذ فيه الاحتياطي الفدرالي يعمل على تفكيك الجولة الثالثة من التيسير الكمي، ويتراجع عن شراء السندات بمعدل 10 مليارات دولار شهريا، بعد أن كان يشتري السندات بمعدل 85 دولارا شهريا لعدة سنوات، فإن ذلك الانخفاض التدريجي دمر «الائتمان الخفي» الذي يزوده البنك المركزي إلى النظام المالي - ومن هنا جاء الانكماش في الميزانيات العمومية للبنوك الأمريكية. كما يرى جولدمان ساكس دليلا على أن الأوضاع النقدية في الولايات المتحدة قد شددت بالفعل. يجمع جولدمان مؤشر الأوضاع المالية التي تقدم لمحة عن الخلفية النقدية عن طريق مزج أسعار الفائدة في السوق، والفروق بينها، مع ما يحدث في الأسهم وأسواق العملات. ويشير ذلك المؤشر إلى أن الأوضاع شددت بسرعة. هذا ليس خبرا جيدا بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. حيث قال سفين ياري ستن، الاقتصادي في بنك جولدمان، في تقرير بحثي، يوم الثلاثاء: إن ظروف السوق الحالية يمكن أن تخفض نسبة مئوية تصل إلى 0.5 نقطة من النمو في الولايات المتحدة، على اعتبار أن عامل «الجرجرة» يرتفع ليصل إلى نقطة عالية ربما تكون 0.8% بحلول نهاية العام. وإذا تعمق الاضطراب في الأسواق، يمكن لذلك أن يؤدي إلى تفاقم التباطؤ. هذا الأسبوع، قال لورنس سامرز، الأستاذ في جامعة هارفارد ووزير المالية الأمريكي الأسبق: «إن التوازن بين المخاطر يميل نحو المزيد من عدم الاستقرار المالي، والنمو الأبطأ، وغياب التضخم، والانكماش. هذا ليس وقتا مناسبا لرفع أسعار الفائدة». وأنا أتفق معه. ثم إن هذا لا علاقة له بما يجري في سوق الأسهم في الصين.