وكالة الطاقة الدولية هي إحدى مؤسسات دول منظمة التعاون والتنمية ومقرها باريس. وقد أسست في عام 1974م من أجل التجاوب مع مخاطر انقطاع إمدادات النفط وتوفير معلومات عن النفط ومصادر الطاقة الأخرى. وقد أضيف العديد من المهام إلى المنظمة والتي من بينها تزويد أعضائها بتوصيات حول سياسات الطاقة. وتملك الوكالة قواعد بيانات ضخمة عن الطاقة، كما أنها تقوم بإصدار كم وافر من الدراسات والتقارير والإصدارات الدورية عن مصادر الطاقة المختلفة.
وتتطلب الاستفادة من قواعد بيانات المنظمة وإصداراتها اشتركات ومبالغ مالية، ولكنها توفر كما وافرا من المعلومات للجمهور، وإن كان بعد فترة من الزمن. وتصدر وكالة الطاقة الدولية تقريراً شهرياً عن الأسواق النفطية، يتطرق لآخر التطورات في الأسواق النفطية. ويصدر التقرير في منتصف الشهر، حيث يستطيع المشتركون في خدمات الوكالة الاطلاع عليه، ولكن لا يتم نشره للجمهور إلا بعد أسبوعين. ويتطرق التقرير إلى أوضاع السوق النفطية والمتغيرات التي تطرأ على العرض والطلب العالمي، وتغير المخزونات النفطية، وانشطة تكرير ونقل النفط. كما يتطرق إلى تقديرات لبعض المتغيرات كالعرض والطلب حتى نهاية العام والعام القادم. وفيما يلي استعراض لأهم ما ورد في تقرير أسواق النفط الصادر في شهر أغسطس. الطلب العالمي على النفط
تلعب الطاقة وفي مقدمتها النفط دوراً أساسياً في متخلف الأنشطة البشرية في عصرنا الحديث. وأثر تراجع أسعار النفط على معظم الناس وأوجه الحياة على وجه البسيطة. وفي ردة فعل لهذا التراجع -والذي أثر على أسعار الطاقة بوجه عام- يحاول اللاعبون الرئيسيون في الأسواق النفطية من منتجين، ومستهلكين، وحكومات التكيف مع تراجع الأسعار. وقد هبطت أسعار بعض أنواع النفط إلى مستويات تقل عن 40 دولاراً للبرميل، واقترب الباقي منها من هذه المستويات. وتشير التطلعات إلى أن الطلب العالمي على النفط ومنتجاته تأثر بدرجة أكبر من العرض خلال الفترة القصيرة التي شهدت تراجع أسعار النفط، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي بحوالي 1.6 مليون برميل في اليوم خلال 2015م عن مستويات العام السابق. ويعتبر هذا النمو الأكبر خلال الأعوام الخمسة الماضية.
وشجع تراجع الأسعار والتطورات الجيدة للنمو الاقتصادي العالمي هذا العام المستهلكين على إحراق المزيد من النفط، وزيادة نمو الطلب بشكل جيد فوق مستويات العام السابق. وكان حجم نمو الطلب في عام 2014م أقل من المتوقع، حيث لم ينمُ إلا بحوالي 700 ألف برميل في اليوم، وهو من العوامل التي ساهمت في تراجع أسعار النفط الأخير. وتشير التطلعات إلى أن يصل معدل الطلب اليومي إلى حوالي 94.2 مليون برميل خلال عام 2015م. وقد رفعت الوكالة في تقرير شهر أغسطس توقعات مستويات الطلب هذا العام بحوالي 300 ألف برميل عن تقديرات تقرير شهر يوليو. وارتفعت تقديرات نمو الطلب بسبب النمو القوي في طلب المستهلكين، وبسبب رفع تقديرات النمو الاقتصادي العالمي، وخفض توقعات لأسعار النفط هذا العام. وقد رفع صندوق النقد الدولي مؤخراً تقديرات النمو الاقتصادي العالمي للنصف الأول من عام 2015م بنصف نقطة مئوية إلى 3.8%. كما رفعت الوكالة في تقرير شهر أغسطس توقعاتها لمستويات الطلب النفطي في 2016م بحوالي 400 ألف برميل عن التقرير السابق. ومن المتوقع أن يرتفع حجم الطلب اليومي بحوالي 1.4 مليون برميل في اليوم في العام القادم، حيث سيصل حجمه إلى 95.6 مليون برميل. وجاء رفع الوكالة لتقديرات حجم الطلب العام القادم على النفط نتيجةً لخفض مستويات الأسعار المتوقعة.
ورفعت الوكالة تقديرات الطلب العالمي في الربع الثاني من عام 2015م بحوالي 380 ألف برميل في اليوم عن الشهر السابق، حيث سيصل إلى 93.5 مليون برميل. وقد جاءت هذه الزيادة بسبب مؤشرات نمو طلب أفضل في الصين، وروسيا، والبرازيل، والولايات المتحدة. وقد أدت هذه التطورات إلى رفع الطلب في الربع الثاني 2015م بحوالي 1.7 مليون برميل في اليوم عن مستويات الفترة المماثلة في العام السابق. وقد تراجع نمو الطلب على النفط في دول منظمة التعاون والتنمية في الربع الثاني من عام 2015م، بعد النمو السنوي الجيد في الربع الأول من العام والذي وصل إلى 1.9%. وارتفع إجمالي الطلب في دول المنظمة بحوالي 400 ألف برميل أو بمعدل سنوي بلغت نسبته 0.9% في الربع الثاني من عام 2015م. وجاء النمو الجيد في الربع الأول من العام بسبب نمو الاستهلاك الجيد في الولايات المتحدة والشتاء البارد نسبياً في القارة الأوروبية مقارنةً مع الشتاء الماضي. ومن المتوقع أن ينمو الطلب السنوي في دول منظمة التعاون والتنمية بحوالي 1% في عام 2015م، حيث سيصل إلى حوالي 46.1 مليون برميل في اليوم. وسيتراجع نمو الطلب في عام 2016م لهذه الدول بسبب توقعات تحسن كفاءة استهلاك الطاقة، والذي سيحد من تأثيرات تراجع الأسعار والنمو الإيجابية على الطلب.
أما بالنسبة لباقي دول العالم غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية فقد نما الطلب فيها خلال الربع الثاني من العام بأقوى وتيرة خلال العام العامين الماضيين، حيث ارتفع على أساس سنوي بحوالي 2.8%. ومن المتوقع أن يصل حجم الطلب لهذه الدول إلى 48.2 مليون برميل في اليوم في عام 2015م مرتفعاً بحوالي 2.4% عن العام السابق. وسيتسارع طلب هذه الدول بحوالي 2.6% في العام القادم ليصل إلى 49.4 مليون برميل في اليوم مع تزايد النشاط الاقتصادي في عام 2016م. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل نمو هذه الدول الاقتصادي بنسبة 4.7% في العام القادم، وبزيادة مقدارها نصف نقطة مئوية عن معدل نمو العام الحالي الاقتصادي. وقد شهدت الصين أقوى مستويات نمو الطلب النفطي، حيث ارتفع استهلاكها في النصف الأول من عام 2015م بحوالي نصف مليون برميل أو بنسبة 5% عن الفترة المقابلة من العام الماضي. وعلى الرغم من التباطؤ الاقتصادي، جاءت زيادة الطلب الصيني نتيجةً للتوسع في إنتاج البتروكيماويات وزيادة أنشطة المواصلات. ولم يقتصر النمو القوي على الصين في هذه الدول، حيث ارتفع الطلب اليومي في كلٍ من المملكة والهند بحوالي 150 ألف برميل في النصف الأول من عام 2015م مقارنةً مع متسويات النصف الأول من العام السابق. وعموماً شجعت الأسعار المتدنية والنمو الاقتصادي نمو الطلب الإجمالي العالمي في النصف الأول من عام 2015م، حيث ارتفع الطلب العالمي بحوالي 1.8 مليون برميل في اليوم مقارنةً مع نفس الفترة من العام السابق. وتشير التوقعات إلى أن نمو الطلب سيستمر في النصف الثاني من العام ولكن بوتيرة أقل من النصف الأول، حيث سيرتفع إجمالي الطلب العالمي بحوالي 1.4 مليون برميل في اليوم مقارنةً مع نفس الفترة في 2014م.
إمدادات النفط العالمية
تراجع العرض العالمي من النفط في شهر يوليو 2015م بحوالي 600 ألف برميل يومياً مقارنةً بالشهر السابق، حيث كان بحدود 96.6 مليون برميل في اليوم بسبب تراجع الإنتاج خارج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وعلى الرغم من ذلك ارتفعت إمدادات النفط العالمية في شهر يوليو بحوالي 2.7 مليون برميل يومياً مقارنةً مع نفس الشهر العام الماضي، وساهم نمو إنتاج أعضاء أوبك من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي بحوالي 60% من الزيادة السنوية. وزاد إنتاج أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط من النفط الخام إلى حوالي 31.8 مليون برميل في شهر يوليو 2015م، وهو مستوى قريب من أعلى مستويات الإنتاج خلال ثلاثة أعوام. وتراجع إنتاج النفط الخام السعودي في شهر يوليو بحوالي 80 ألف برميل من مستوياته القياسية المسجلة الشهر السابق، وذلك حسب تقديرات الوكالة. وكان إنتاج المملكة قد وصل في شهر يونيو إلى حوالي 10.5 مليون برميل في اليوم. وحد التراجع في إنتاج المملكة في شهر يوليو من تأثير زيادة الإنتاج القياسية للعراق والإمارات. وتراجع الإنتاج النفطي في عدد آخر من أعضاء منظمة أوبك ومن أبرزهم ليبيا. وعموماً ارتفع إنتاج أوبك من النفط الخام بحوالي 1.3 مليون برميل في يوليو 2015م فوق مستويات نفس الشهر من العام الماضي.
وبلغت طاقة إنتاج أوبك غير المستغلة أو الفائضة 2.2 مليون برميل في اليوم، 87% منها لدى المملكة. وقد ارتفع إنتاج المنظمة منذ اجتماعها في شهر نوفمبر 2014م بحوالي 1.4 مليون برميل في اليوم. ورفعت المملكة والعراق إنتاجهما منذ ذلك الوقت بحوالي 800 ألف برميل في اليوم لكلٍ منهما. ومن المرجح أن يظل إنتاج المنظمة فوق مستويات 31 مليون برميل من النفط الخام في الربع الثالث من 2015م. وقد رفعت وكالة الطاقة العالمية في تقرير شهر أغسطس توقعاتها للطلب على نفط المنظمة خلال العام القادم بحوالي 200 ألف برميل عن توقعات تقرير الشهر السابق، حيث سيصل إلى 30.8 مليون برميل في اليوم. وسيرفع تراجع نمو الإنتاج خارج المنظمة وازدياد الطلب العالمي على النفط بشكل عام في 2016م من الطلب على نفط أوبك بحوالي 1.4 مليون برميل في اليوم من مستويات العام الحالي.
وقاد تراجع أسعار النفط الأخير إلى تراجع أرباح الشركات النفطية بقوة في عام 2015م، كما دفعها إلى خفض توقعاتها للأسعار المستقبلية، واتخاذ تدابير وقائية للدفاع عن مراكزها المالية. وأعلن عدد من الشركات العالمية الكبرى والرئيسية خططاً لخفض عمالتها، وخفض إنفاقها على مشاريع البحث عن النفط وتطوير الحقول، وتأخير البدء في المشاريع. ويعتقد أن القطاع النفطي في العالم سيخفض من إنفاقه بحوالي 180 بليون دولار في عام 2015م، وسيتبع ذلك المزيد من التخفيضات العام القادم.
ومن المتوقع أن يقود تراجع الإنفاق على المشاريع النفطية خارج المنظمة، وتراجع أسعار النفط إلى تباطؤ نمو إنتاج دول العالم غير الإعضاء في منظمة أوبك خلال ما بقي من هذا العام، وإلى تراجعه خلال العام القادم. وسيكون الإنتاج الأمريكي أكبر المعانين من تراجع نمو معدلات الإنتاج هذا العام. ويحاول المنتجون وخصوصاً في الولايات المتحدة رفع كفاءة شركاتهم من خلال خفض نفقات التشغيل وتحسين معدلات الإنتاجية. وقد ينجح بعض المنتجين في رفع الإنتاج على المدى القصير، ولكن الحفاظ على معدلات الإنتاج في الأمد البعيد مرتفعة يبدو مشكوكاً فيه. ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج خارج منظمة أوبك في عام 2015م بحوالي 1.1 مليون برميل، حيث سيصل إلى حوالي 58.1 مليون برميل في اليوم. وسيتراجع الإنتاج خارج أوبك العام القادم بحوالي 200 ألف برميل إلى 57.9 مليون برميل في اليوم. وسينمو إنتاج منظمة التعاون والتنمية بحوالي 200 ألف برميل يومياً في عام 2016م، وسيأتي التراجع في الإنتاج العالمي من منظومة الاتحاد السوفيتي السابقة ومن الصين وعدد من المنتجين الآخرين في أفريقيا وآسيا. وشهد عام 2014 أكبر زيادة في إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك، حيث وصلت إلى حوالي 2.4 مليون برميل يومياً.
المخزونات
ارتفعت إمدادات النفط العالمية فوق مستويات الطلب خلال الربع الثاني من عام 2015 بحوالي ثلاثة ملايين برميل يومياً. وتعتبر هذه الفجوة بين العرض والطلب الأعلى منذ عام 1998م. وبناءً على بيانات الإنتاج والاستهلاك فإن المخزونات العالمية النفطية ارتفعت بحوالي 273 مليون برميل في الربع الثاني من 2015م. وتم توثيق مآل 160 مليون برميل من هذه الكمية، حيث زادت احتياطات دول منظمة التعاون والتنمية بحوالي 102 مليون برميل، بينما نمت الاحتياطات الصينية بحوالي 50 مليون برميل، وزادت إيران مخزوناتها على الناقلات النفطية بحوالي 8 ملايين برميل. ولا يورد تقرير الوكالة بيانات عن مخزونات الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية، ولا تتوفر على العموم بيانات دقيقة عن المخزونات النفطية بشكل عام في دول العالم الأخرى.
وتشير توقعات الوكالة إلى أن معدلات زيادة المخزونات النفطية ستضعف في النصف الثاني من عام 2015م؛ بسبب تراجع إمدادات النفط من خارج المنظمة وزيادة الطلب العالمي فوق المعتاد في هذه الفترة. ويتخوف البعض من أن القدرات التخزينية العالمية بدأت في النفاد، ولكن الفوارق السعرية بين الأسعار الفورية والمستقبلية لا تؤيد مثل هذه المخاوف، حيث ما زالت الفروقات السعرية بين التسليم الفوري للنفط والتسليم الآجل محدودة. ويتطلب قرب نفاد القدرات التخزينية ارتفاعاً كبيراً بين أسعار التسليم الفوري والآجل، ما يؤدي إلى زيادة التخزين في ناقلات النفط عرض البحار. وقد ترتفع الفروقات بين الأسعار الفورية والآجلة في بعض مواقع التسليم، ما يشير إلى قرب امتلاء أماكن التخزين في هذه الأماكن دون باقي المواقع.
وسجلت مخزونات النفط التجارية رقماً قياساً في أعضاء منظمة التعاون والتنمية، حيث وصل حجم هذه المخزونات إلى حوالي 2916 مليون برميل في شهر يونيو. ونتيجةً لذلك استمر ارتفاع فوائض المخزون، أي أن مستويات المخزون استمرت في النمو فوق مستويات احتياجات المنظمة التجارية. وقد ارتفعت مخزونات المشتقات البترولية التجارية لدى أعضاء المنظمة لتغطي 31.3 يوم من الطلب المستقبلي، وبارتفاع يصل إلى 0.2 يوم عن الشهر السابق. وتشير البيانات الأولية لشهر يوليو إلى استمرار بناء المخزونات التجارية ولكن عند معدلات أقل من شهر يونيو. وتغطي المخزونات النفطية التجارية الإجمالية من النفط الخام والمشتقات النفطية أكثر من 63 يوماً من الطلب في أعضاء المنظمة.
وتحتفظ دول منظمة التعاون والتنمية ايضاً بمخزونات إستراتيجية حكومية. ولم تشهد هذه المخزونات تغيرات تذكر خلال الفترة الماضية، حيث ارتفعت هذه المخزونات بأقل من ثلاثة ملايين برميل في الربع الثاني من عام 2015م. ووصل إجمالي المخزونات الإستراتيجية الحكومية لدى دول المنظمة في شهر يونيو 2015م إلى حوالي 1854 مليون برميل. ويشكل النفط الخام معظم الاحتياطات الحكومية من النفط. وقد بلغ إجمالي الاحتياطات التجارية والحكومية 4501 مليون برميل عند نهاية شهر يونيو 2015م. وتكفي هذه الاحتياطات لاحتياجات دول المنظمة لأكثر من 97 يوماً من الاستهلاك، كما تغطي ما يقارب 199 يوماً من صافي الواردات. وتلتزم دول منظمة التعاون والتنمية بالحفاظ على مخزونات نفطية تغطي استهلاك 90 يوماً، ولهذا فإن حجم المخزونات الحالية لدى دول المنظمة تفوق التزاماتها بحوالي 100 يوم.
الأسعار
لفتت أسعار النفط المتراجعة في شهري يوليو وأغسطس أنظار المتعاملين في الأسواق النفطية إلى وجود تخمة نفطية. وقد تراجعت جميع أسعار النفوط المرجعية في جميع الأسواق. وأضافت أزمة الديون اليونانية، والمؤشرات الضعيفة عن نمو الاقتصاد الصيني المزيد من الضغوطات على الأسعار. وقد تراجع سعر غرب تكساس الأمريكي بأكبر وتيرة من النفوط الأخرى، بسبب تراكم المخزونات في كشنج أوكلاهوما، وبسبب تكيف إنتاج النفط الصخري الأمريكي النسبي مع تراجع الأسعار. من جهةٍ أخرى تأثرت الأسعار المستقبلية بسبب توقعات عودة إيران إلى رفع إنتاجها. ولم يرد في التقرير توقعات عن الأسعار المستقبلية، ولكن يبدو أن الوكالة خفضت توقعاتها للأسعار في هذا التقرير عن توقعات التقرير السابق. وقد دعم ارتفاع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة خلال موسم الصيف من الطلب على النفط الخام، وهناك تخوف بأن يقود انتهاء موسم الإجازات وتراجع طلب المصافي على النفط والدخول في موسم الصيانة إلى الضغط على أسعار النفط الخام في المتبقي من العام الحالي.
أما بالنسبة لمعاملات الأسواق المالية النفطية فقد خفضت صناديق التحوط كثيراً من مراكزها في عقود النفط المستقبلية والخيارات بعد تراجع أسعار برنت إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل، وتراجع خام غرب تكساس دون 45 دولاراً للبرميل. وقد تراجعت خيارات الشراء بالنسبة لخيارات بيع العقود مما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون استمرار تراجع الأسعار. وفي المقابل جذب تراجع أسعار النفط المزيد من السيولة إلى الصناديق النفطية. أما بالنسبة للأسعار، النفطية فقد ازدادت الضغوط على النفوط الخفيفة في حوض المحيط الأطلسي بسبب ارتفاع مستويات التنافس على حصص الأسواق. من جهةٍ أخرى، ما زالت أسعار البنزين جيدة نتيجة الضغط على امدادات البنزين في حوض الأطلسي، أما أسعار المنتجات الأخرى فهي تعاني من الضغوط على مستوياتها بسبب وفرة المعروض منها. قطاع التكرير
استمر الأداء الجيد لقطاع التكرير، حيث زادت مدخلاته من النفط الخام إلى حوالي 80.6 مليون برميل يومياً في شهر يوليو، مرتفعةً بحوالي مليون برميل عن متوسط الربع الثاني من عام 2015م. وارتفعت نسبة تشغيل المصافي على المستوى العالمي إلى أعلى المستويات خلال 8 سنوات، حيث وصلت إلى حوالي 83%. وقد بدأت تظهر بعض بوادر الضعف أو التصدعات في أسواق المنتجات، حيث ارتفعت مخزونات الديزل وبدأت الفروقات بين أسعاره وأسعار الخام تتراجع. هذا وقد تراجعت أرباح بعض أنواع المصافي في آسيا. وتواجه صناعة التكرير مخاطر تزايد مخزونات المنتجات الوسيطة.
وقد ارتفعت هوامش أرباح تكرير البنزين إلى مستويات عالية وصلت إلى حوالي 30 دولاراً للبرميل في الولايات المتحدة في شهر يوليو. ويرجع تصاعد هوامش البنزين السعرية في الولايات المتحدة إلى موسم الإجازات، حيث يرتفع الطلب فوق مستويات العرض. وارتفع الطلب على البنزين في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من 2015م بنسبة 3.4%.
وبلغت هوامش تكرير البنزين 25 دولاراً للبرميل في أوروبا واليابان خلال شهر يونيو. وقد ارتفع الطلب السنوي على البنزين في باقي العالم غير المنتسب إلى منظمة التعاون والتنمية بحوالي 4.6% خلال الربع الأول من عام 2015م. وتعتبر نسبة نمو الطلب على البنزين الأعلى بين نسب نمو الطلب على المشتقات النفطية.
وصعد الطلب على البنزين بحوالي 6% في الصين خلال النصف الأول من 2015م، بينما قفز الطلب في الهند بنسبة 15% خلال نفس الفترة. واستوردت الهند ثمانية أضعاف كميات البنزين التي استوردتها العام الماضي. وساعد تراجع أسعار الخام بسرعة تفوق تراجع البنزين في ارتفاع الهوامش الربحية للمصافي. وقد دعم تصاعد مشتريات آسيا وأمريكا اللاتينية من البنزين أسعاره. وقد تجاوب عرض البنزين مع تصاعد الطلب عليه حيث ارتفع إنتاجه في الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية خلال الأربعة الأشهر الأولى من عام 2015م بحوالي 2.4% مقارنةً مع نفس الفترة من العام الماضي. ولا تتوافر بيانات عن إنتاج الدول الأخرى ولكن الصين استمرت في تصدير كميات ضخمة من البنزين على الرغم من النمو الكبير في الطلب الداخلي عليه.
وعلى النقيض من البنزين تراجعت هوامش الأرباح على الديزل في بداية يوليو وخصوصاً في آسيا بسبب تزايد المخزونات الناتج عن تراجع النشاط الاقتصادي في الصين وموسم الأمطار في القارة. وقد تراجعت هوامش الأرباح من حوالي 15 دولارا للبرميل في شهر مايو إلى حوالي 7 دولارات في نهاية يوليو في سنغافورة. وقد تسبب تراجع الهوامش على المنتجات الوسيطة في تراجع أرباح المصافي ومعاناة بعض أنواع المصافي الآسيوية غير المعقدة من خسائر. وقد دعمت هوامش الأرباح الكبيرة على البنزين من أرباح المصافي في الولايات المتحدة وبدرجة أقل في أوروبا. ومن المتوقع تراجع هوامش أرباح المصافي مع انتهاء مواسم الإجازات وتراجع استهلاك البنزين.
وجهة نظر وتعليق على التقرير
تمر الصناعة النفطية بأوقات صعبة هذه الأيام؛ بسبب التراجع الكبير في الأسعار. وترتفع درجات اعتماد اقتصادات الدول المصدرة للنفط ومنها المملكة على الصناعة النفطية. واتخذت الدول المصدرة للنفط مستويات مختلفة من التحوط لحدوث هذه الأزمات، ولكن التراجع الحاد في الأسعار سيستنزف مخصصات التحوط بسرعة كبيرة. ولهذا ستضطر الدول المصدرة للنفط إلى تبني برامج تكيف مع تراجع الإيرادات النفطية، إذا طالت فترة تراجع الأسعار. وقد مرت الصناعة النفطية بدورات ركود سابقة وتعافت منها بعد فترة من الزمن. وقد تفاوتت فترات تعافي القطاع النفطي للدول المنتجة في منظمة أوبك وعلى رأسها المملكة.
واستمرت فترة التعافي في الثمانينيات من القرن الماضي لعدة سنوات، بينما كانت محدودة بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008م. وفي وسط الأجواء التشاؤمية حول أوضاع النفط والمعتمدين على النفط من دول ومؤسسات وأفراد يحمل التقرير في ثناياه بعض تباشير التعافي في الأسواق النفطية ولمصلحة الدول المصدرة للنفط. ورفع التقرير توقعاته السابقة حول نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام والعام القادم، كما خفض من توقعات نمو إنتاج النفط خارج المنظمة وتطرق إلى تراجع الاستثمار في القطاعات النفطية خارج منظمة أوبك. وأورد التقرير مؤشرات جيدة حول نمو الطلب على البنزين والذي يعتبر أهم المنتجات النفطية. ويرفع التقرير من توقعات التحسن في الأسواق النفطية لمصلحة الدول المصدرة للنفط، ولكن التحسن في الطلب العالمي، وتراجع إنتاج النفوط غير التقليدية خارج المنظمة سيأخذ فترة من الوقت لخفض المخزونات القياسية من النفط ومنتجاته. ولن تعود أسعار النفط للتحسن بشكل ملموس في ظل وجود مخزونات هائلة وفوائض إنتاج كبيرة في الأسواق.
وتكتسب تقارير وكالة الطاقة الدولية أهمية ومصداقية عالية؛ لأنها تصدر من منظمة متخصصة ذات باع طويل ومعرفة واسعة بأحوال الطاقة العالمية وتملك طاقات فنية وبشرية متميزة. ويعزز هذا التقرير الآمال في تحسن أوضاع الأسواق النفطية وعودة أسعار النفط إلى مستويات مقبولة. فهل ستنجح أوبك وأعضاؤها في الحفاظ على حصصهم في اسواق الطاقة وعودة الأسعار إلى مستويات مقبولة؟ هذا ما يأمله جميع سكان أعضاء أوبك. وتعطي المؤشرات الواردة في التقرير الكثير من الأمل بحدوث هذا ولو بعد حين.
يلعب النفط دوراً أساسياً في مختلف الأنشطة البشرية في عصرنا الحديث