المتتبع للعلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية يجد أنها علاقة تاريخية وإستراتيجية أسس قواعدها صقر الجزيرة موحد هذا الكيان الشامخ- المغفور له بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود عندما قابل رئيس أمريكا (فرانكلين روزفلت) وكان الهدف من اللقاء استفادة المملكة من الثورة الصناعية التي تملكها أمريكا وعلى وجه الخصوص النهضة العلمية والتقنية.
وجاء هذا اللقاء عندما عاد الرئيس الأمريكي- فرانكلين روزفلت- من المؤتمر الشهير الذي عُقد في منتجع يالطا على البحر المتوسط في يوم 4 فبراير عام 1945م, والذي قرر الحلفاء خلاله الخطة النهائية للهجوم على ألمانيا النازية. عُقد اللقاء في البحيرات المرة على سفينة الرئيس روزفلت المعروفة باسم- كونيسي-, وكان هذا الاجتماع الذي تميز بالشفافية وتبادل المصالح المشتركة هو الأول بين الملك عبدالعزيز والرئيس الأمريكي روزفلت، وقد وضع الزعيمان إطارا شاملا لترسيخ الشراكة الإستراتيجية وتوطيدها لتمتد حتى الآن, وقد حرصت حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية على استمرار هذه الصداقة واستقرارها ونموها يوماً بعد يوم.. فقد عملت المملكة وأمريكا خلال العقود المنصرمة جنباً إلى جنب لمواجهة التحديات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة. وتجيء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- في هذا الوقت الذي يشهد فيه الشرق الأوسط الكثير من الأحداث ترسيخاً لهذه العلاقة الإستراتيجية والحفاظ على العلاقات المتينة والعميقة بين البلدين, ووضع إطار شامل لهذه العلاقات وتوطيدها لعقود قادمة. لقد ابرزت هذه العلاقة الراسخة مدى عمق المصالح المشتركة بين الدولتين, فأمريكا- على سبيل المثال- ظلت عقودا من الزمن تعتمد علي المملكة في مجال الطاقة وربطت أسعار البترول بالدولار, وحافظت على استقرار السوق العالمية, وكانت المملكة من أحرص دول العالم على استقرار الاقتصاد العالمي ونموه. كما أن المملكة كانت وما زالت من أهم الدول التي حافظت على الاستقرار السياسي وتوازن القوى والسلام في المنطقة, وساسة أمريكا يدركون الثقل السياسي والاقتصادي والعسكري للمملكة. كما أن المملكة تدرك ثقل أمريكا في توازن القوى العالمية وكذلك على مستوى الشرق الأوسط.
ولقد ساهمت أمريكا من الناحية العلمية والاقتصادية في البنية التحتية للمملكة عن طريق الشركات الأمريكية التي نقلت تجارب وخبرات الولايات المتحدة الأمريكية في بناء هذا الكيان الشامخ. لقد حرص قادة هذه البلاد حفظهم الله على أن تكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة عندما بدأت تنفيذ خططها التنموية ومشاريعها الإستراتيجية.
وما توجيهات الملك سلمان بشأن الاستثمار وعمل الشركات الأجنبية في المملكة إلا مثال على ذلك اذ ستساهم هذه الشركات في نقل التقنية وتوطينها وتخفيض البطالة وتعزيز مسيرة التنمية المستدامة والمتوازية وتعزيز الاقتصاد السعودي واستقراره.