المقولة السائرة الشهيرة: «إذا عرف السبب بطل العجب» تنطبق تمام الانطباق على معاناة أبناء الشعب السوري المنكوب بنظامه الدموي، والمعاناة المتمثلة في لجوئهم إلى بلاد تقبلهم وأخرى ترفضهم، مرتبطة بتعسف وعدوان وجبروت النظام السوري الذي دفع معظم السوريين الى الخروج من ديارهم وطلب اللجوء الى دول شرقية وغربية فرارا من الوضع المتأزم في سوريا وحفاظا على أرواحهم وأرواح أهلهم.
وليس أمام معظم السوريين الفارين من البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية والغارات الجوية التي يمارس استخدامها النظام الأسدي للقضاء على البقية الباقية من أبناء شعبه، الا الفرار وطلب اللجوء كما هو الحال في الوقت الحاضر حيث تتوجه الآلاف المؤلفة من أبناء الشعب السوري الى أصقاع عديدة طلبا للجوء في رحلة التيه التي بدأت منذ ممارسة النظام الأسدي للعدوان الممنهج ضد أبناء شعبه.
أزمة اللاجئين مرتبطة جذريا بما يمارسه النظام الأسدي من اعتداءات صارخة ضد أبناء الشعب السوري الفارين من ظلمه وظلم أتباعه من الايرانيين وعصابات حزب الله وبقية الارهابيين الذين وظفهم النظام الغاشم للاجهاز على ماتبقى من مساكن السوريين وللاجهاز على أرواحهم، والعمل على تشريدهم الى خارج الحدود السورية كلاجئين الى العديد من دول العالم التي تقبل بعضها اللجوء حينا وترفضه بعضها حينا.
ان أعداد اللاجئين في تزايد مستمر والمعاناة من المتاجرين بهم تتصاعد، والأوضاع المزرية التي يعيشون ويتعايشون معها يندى لها الجبين وتقشعر منها الأبدان وتدفع لمزيد من الرثاء والحزن، وستظل أوجاع السوريين وآلامهم ومأساتهم قائمة طالما بقي النظام الأسدي جاثما على صدور السوريين للمضي في تشريدهم وتنكيلهم ودفعهم الى اللجوء لكثير من الأقطار والأمصار.
لقد رحبت المملكة باستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين غير أنها مازالت عند سياستها الثابتة والمعلنة تجاه الأوضاع السورية والتي تتمحور في انهاء وتسوية الأزمة السورية بعيدا عن النظام الأسدي، فهو نظام فقد شرعيته ازاء ما أقدم عليه ومازال يقدم عليه من قتل لأبناء الشعب السوري بكل وسائل القتل وطرائقه الشريرة، ولن تنتهي الأزمة القائمة الا برحيل النظام الأسدي وتخليه عن الحكم في بلد مني بتسلطه وظلمه وغطرسته.
ولاشك أن المجتمع الدولي مطالب الآن قبل أي وقت مضى بالحيلولة دون استمرار ذلك النظام في ممارسة بطشه وعدوانه على الشعب السوري الذي مازالت مأساته تتضخم وتتعاظم طالما بقي نظامه الفاشي على رأس الحكم، وسيبقى اللجوء مستمرا طالما استمر النظام في توجيه عدوانه على أبناء الشعب السوري المخير بين الموت ببراميل النظام وأسلحته الكيماوية وغارات طائراته على مدنهم وقراهم أو طلب اللجوء فرارا من أوضاعهم الأليمة.
ورغم أن القوانين الدولية كفلت حق اللجوء، الا أن نظام اللجوء الأوروبي على سبيل المثال عاجز عن الاستجابة المسبقة لاصلاحه، رغم مطالبة الاتحاد الأوروبي بضرورة تأمين الطرق الآمنة للاجئين وتخفيف الضغوط عليهم واستضافتهم الى أن يكتب الله لهم الفرج ويعودوا الى بلدانهم بعد أن تزول الغمة ويزول الكابوس الجاثم على صدورهم.
ومهما يكن من أمر فلابد من معالجة السبب الحقيقي للجوء، وهو يكمن في كبح جماح التسلط الأسدي على شعبه، ولن يكون ذلك متاحا الا بالتخلص منه نهائيا، فهو نظام مازال يستمرئ قتل أبناء شعبه والتنكيل بهم وتعذيبهم ومصادرة ارادتهم وحريتهم وحقهم في العيش الكريم داخل بلادهم، فأزمة اللجوء التي يعاني منها السوريون الأمرّين ستظل قائمة طالما بقي النظام الأسدي على رأس الحكم، وسوف تزول بزواله.
والمجتمع الدولي مسؤول عن انهاء موجة المعاناة الكبرى التي يعاني منها أبناء الشعب السوري والمرتبطة باقدامه للجوء من خلال العمل على تسوية الأزمة السورية بكل السبل الكفيلة بانهاء النظام الأسدي والعمل على اقصائه، فلن تتوقف رحلات الضياع والتيه الا برحيله عن دمشق، وحينئذ يتحقق للشعب السوري استقراره وأمنه، وتعود أفواجه المهاجرة اليه لبنائه من جديد وصناعة مستقبله الواعد من جديد.