يواجه الحوار الذي ترعاه الامم المتحدة بين اطراف النزاع الليبي -قبل ايام قليلة من موعد حاسم للتوقيع على اتفاق سلام- انقسامات في اروقة كل من السلطتين وضغوطا داخلية وخارجية تهدد بإعادة المحادثات المتواصلة منذ اشهر الى نقطة الصفر. وتخوض بعثة الامم المتحدة سباقا مع الوقت للتوصل الى اتفاق قبل عطلة عيد الاضحى الاسبوع المقبل، وانعقاد الدورة السبعين للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، على اعتبار ان الفشل في تحقيق ذلك قد يطيح برئيس البعثة وبالمحادثات.
وتعيش ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 على وقع فوضى امنية ونزاع على السلطة تسببا بانقسام البلاد قبل عام بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان موازيان يديران العاصمة بمساندة مجموعات مسلحة بعضها اسلامية تحت مسمى "فجر ليبيا".
وتقود بعثة الامم المتحدة حوارا بين الطرفين تأمل ان يؤدي الى التوقيع على اتفاق سلام بحلول الاحد المقبل، والبدء في تطبيقه خلال فترة شهر اي بحلول 20 تشرين الاول/اكتوبر، وهو اتفاق يقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود مرحلة انتقالية تمتد لعامين. وظهرت بوادر اتفاق محتمل نهاية الاسبوع الماضي، مع اعلان المؤتمر الوطني العام، الهيئة التشريعية للسلطات الحاكمة في طرابلس، عن دمج تعديلات طالب بإدخالها على مسودة وقعها الطرف الاخر للنزاع في تموز/يوليو الماضي. لكن رغم ذلك، لم يقر المؤتمر المسودة المعدلة بعد.
وقال مصدر مسؤول في المؤتمر لوكالة فرانس برس "النقاشات تتواصل بين اعضاء المؤتمر حيال المسودة الجديدة. لم يصوت عليها في اجتماعات يومي الثلاثاء والاربعاء، ولم يحدد موعد بعد لعملية التصويت هذه".
وتابع "بالنسبة الى اجتماعات الصخيرات، فريق الحوار الذي يمثل المؤتمر جاهز للذهاب، لكن القرار بإرساله لم يتخذ بعد ايضا؛ نظرا لان النقاشات المفصلة حول المسودة وتعبر عن وجهات نظر مختلفة تخوضها لجان مختلفة بينها لجان المالية والاوقاف والطاقة، لا تزال مستمرة". وفي موازاة الاختلاف في وجهات النظر، تواجه هذه الهيئة التشريعية المنتخبة التي انتهت ولايتها العام الماضي قبل ان تمدد بقرار من المحكمة العليا، ضغوطا في الشارع من اجل عدم التوقيع على المسودة، وذلك عبر تظاهرات يقودها مسؤولون في تحالف "فجر ليبيا" المسلح.
وفي شرق ليبيا، حيث مقر السلطات المعترف بها دوليا، تبدو الصورة اكثر تشاؤما، اذ ان رئيس البرلمان عقيلة صالح والمتحدث باسمه فرج بو هاشم ومجموعة من النواب اعلنوا الثلاثاء رفض البرلمان للمسودة الجديدة التي ادخلت عليها تعديلات المؤتمر، وقراره بالانسحاب من جلسات الحوار في المغرب.
وقدم هؤلاء قرار الرفض والانسحاب على انه صادر عن البرلمان عقب جلسة له، قبل ان يعلن رئيس بعثة الامم المتحدة برناردينو ليون في الصخيرات في المغرب، حيث يعقد اجتماعات متواصلة مع شخصيات ليبية بعضها لا يمثل ايا من طرفي النزاع، ان القرار ليس صادرا عن البرلمان مجتمعا حيث إن النصاب القانوني لم يكن متوفرا اثناء انعقاد الجلسة، كما ان النواب الذين يمثلون البرلمان لم يستجيبوا لطلب مغادرة المغرب، وبقوا هناك. وقال النائب علي تكبالي لفرانس برس "المجلس اتخذ قراره ورفع جلساته، وعلى فريق الحوار الذي بقي في المغرب ان يعود فورا والا فإنه سيكون دخل في تحد مع سلطة مجلس النواب".
واضاف "لن يكون هناك اتفاق بحلول الاحد. والبرلمان وحتى وان قرر العودة الى محادثات المغرب فان هذا الامر مستبعد ان يحدث قبل العيد"، في اشارة الى عيد الاضحى الذي يصادف الخميس المقبل.
ورغم ذلك، يحافظ ليون على تفاؤله، متمسكا بامل التوقيع على اتفاق بحلول الاحد، حيث قال في الصخيرات مساء الاربعاء ان البعثة قررت البدء بمناقشة أسماء المرشحين لحكومة الوحدة الوطنية الليبية ابتداء من اليوم، في غياب اطراف الحوار الرئيسية.
وأوضح تكبالي "لا ادري مع من سيناقش ليون هذه الاسماء".
والى جانب الانقسامات والضغوط الداخلية، تواجه السلطتان المتنازعتان في ليبيا ضغوطا دولية عبر التهديد بمعاقبة معرقلي التوصل اتفاق يأمل الاتحاد الاوروبي خصوصا ان يؤدي الى وقف تصاعد التطرف الذي وجد ارضا خصبة له في ليبيا، والتشدد في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وقال مسؤول في منظمة دولية في طرابلس لفرانس برس "كل شيء قد يعود الى نقطة الصفر. فشل ليون الذي انتهت ولايته الشهر الماضي، قد يؤدي الى استبداله، ما يعني ان مسارا طويلا سينطلق من جديد قبل بدء الممثل الجديد عمله، بينما يتواصل النزاع على الارض".