المعرض المشترك أو الثنائي بين الفنانين طه صبان وعبدالله حماس، من المعارض الهامة التي تشهدها جدة هذه الأيام، وتحتضنها واحدة من أحدث القاعات التي شهدتها مدينة جدة، وهي حافظ جاليري التي تأسست هذا العام1436هـ.
تعود بدايات طه صبان إلى النصف الثاني من الستينيات عندما انضم إلى مركز الفنون الجميلة في جدة، وكان يقوم بالإشراف على المركز الفنان الراحل عبدالحليم رضوي، وخلال تلك الأثناء كانت لصبان مشاركاته التي عبّرت عن موهبة تواصلت اطلاعاتها وإنتاجها حتى عُدّ من الفنانين السعوديين الهامين الذي عبّروا عن الحداثة الفنية من منطلقات استلهام التراث، وبناء على الاستفادة من التيارات الفنية الحديثة.
أما عبدالله حماس فهو الباحث دوما عمّا يضيف إلى لوحته، أقام أول معارضه الشخصية في الرياض عام 1394هـ بعد تخرجه في معهدها للتربية الفنية بعام، استقبل فنانو العاصمة تجربة جديدة جردت وسعت إلى القفز على ما هو موجود أو شائع حينها، فترسخ في أذهان الحضور آنذاك هذا الاختلاف الذي كان نتيجة لتأثر الفنان بمعلميه في المعهد، ليواصل المسيرة بكثير من الاندفاع والحماس، ومعه الاستفادة من الخبرات التي يمكن أن تمنحه تميّزه، وهو تميّز ليس جديدا في أعماله عندما شارك فيما بعد في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو جمعية الثقافة والفنون أو غيرهما، ثم تواصله في إقامة عروضه الشخصية ومشاركاته الجماعية في الداخل والخارج.
لست هنا بصدد دراسة أعمال الفنانين الصديقين، لكنني وددت الإشارة إلى واحد من الأحداث الفنية الهامة التي استهلت الساحة الفنية في جدة بها موسمها. وتتجه تجربة صبان في بعضها إلى مكانه الأول (مكة المكرمة)، بينما تتواصل أعماله وتتأثر في بعضها الآخر بمكانه الأحدث وبطبيعته؛ وأعني جدة البحر، التي عكست زرقتها على جل أعماله. بينما الأخضر وألوان أخرى تعكس الطبيعة التي لم تزل تحكم سير زميله حماس؛ فهو يعود إلى منطقة ذات تمايز في طرزها المعمارية وفي جغرافيتها، فالأرض تكسوها الخضرة والبيوت بطرزها وزخارفها وألوانها لم تزل تحافظ على بهائها ورونقها، وآثارها غالبا محفوظة في ذاكرة أبنائها عامة والفنانين خاصة. وحافظ جاليري احتفت بمعرض الفنانين؛ بحيث طبعت حوله دليلا قدم له الفنان الصديق عبدالعزيز عاشور، وتضمن جل أعمالهما وسيرتهما الفنية، وحافظ جاليري في نشاطه الحالي ينتقل إلى لندن لمشاركة متنوعة في معرض ستارت أرت فير في ساتشي جاليري، وقسورة حافظ مالك الجاليري ومنسق أعماله حرص منذ قيامه على الاختيار له بما يحقق إضافة إلى الساحة في مدينة جدة، ويتيح لقاعته عرض الأعمال الحديثة، بالإضافة إلى الأعمال ذات النفس أو الاتجاه المعاصر وضمنه معرض الفنان راشد الشعشعي الذي قدم فكرة أو صيغة نقدية لظاهرة في المجتمع العربي تمس كثيرا من الوقائع والأحداث، وقد قدم الفنان أحمد ماطر للمعرض دراسة لامست تاريخيا منطلقات فكرة الشعشعي الذي نوّع في عروضه وسعى إلى تكثيفها بغية إيصال الفكرة.