دأبت إيران على إثارة زوابع الفتنة أينما وجدت، وفي أي أرض حلت، تارة باسم تصدير الثورة، وتارة باسم ولاية الفقيه، وتارة باسم البراءة من المشركين، وللشرك في نظر حكام إيران معانيه الخاصة، لذا فهي لا تتردد في ارتكاب أية حماقة في هذا الاتجاه، ومن ذلك تعكير أمن الحجاج بإثارة هذه الزوابع، والحج عبادة واجبة، بعيدة عن الفتن والخصومات، ليبقى خالصا لوجه الله، وليتحقق الحج المبرور، و(الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، كما أن (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) نقيا تقيا في رحاب الطهر بإذن الله.
ومن أسمى معاني الحج أنه مؤتمر كبير يلتقى فيه المسلمون ليجسدوا وحدتهم وتضامنهم، وفي يوم الحج الأكبر يوم الوقوف في عرفة تبرز قدرة المسلمين على الوقوف يدا واحدة في الرحاب الطاهرة، ملبين وداعين ومبتهلين لخالقهم (وقال ربكم ادعوني أَستجبْ لَكم إِن الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) فليس بينهم وبين الله حجاب.. دون وسيط من خلقه، أو وكيل من عباده، أو شريك في وحدانيته (وإذ بوأْنا لإِبراهِيم مكان البَيْت أَن لا تشركْ بِي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) وفي هذه الأجواء الروحانية السامية، يأبى المضللون إلا الفسوق والجدال في اليوم العظيم، وقد قال تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) ومن مظاهر هذا الفسوق والجدال تسييس شعائر الحج، بالمظاهرات، ونشر الشعارات البعيدة عن الدين، واستغلال هذه المناسبة في الترويج للفتن وإشاعة الفوضى بين المسلمين في أيام تسود فيها الطاعات والعبادات المتمثلة في أداء شعائر الحج بنفوس مطمئنة، وقلوب مؤمنة، وعقول عامرة بالمحبة والسلام، وضمائر مفعمة بكل معاني الخير وطلب المغفرة ورجاء القبول، لكل من جاؤوا من كل فج عميق، (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) بتوبة نصوح، ومغفرة مرتجاة، تاركين خلفهم كل متع الدنيا وغاياتها، يجمعهم هدف واحد، وتوحدهم غاية واحدة، وعيونهم على وحدة المسلمين.. وفي هذه الظروف الإيمانية يسعى دعاة الفتنة لرفع شعارات تفرق ولا تجمع، وتشتت ولا تؤلف، وتمزق ولا توحد، وكل هذا ليس من مقاصد الحج ولا من أهدافه ولا من غاياته، بل هي مقاصد وأهداف وغايات شيطانية، وسموم خبيثة يحاول أصحاب الفكر المنحرف زرعها في أرض المسلمين، التي ترفض كل ما هو خبيث وسيئ، وليس هناك ما هو أخبث ولا أسوأ على المسلمين من شتات كلمتهم وتمزق صفوفهم، وما هذه الممارسات سوى دليل على انحراف العقيدة.
وبقدر ما يسعى المخلصون من أبناء هذه الأمة على جمع كلمتها وتوحيد صفوفها، نرى من يسعون لزرع الفتنة في ربوعها، تساندهم قوى حاقدة، دأب أصحابها على إشاعة الفوضى في صفوف الآمنين، ونشر الدعاوى الباطلة بين الغافلين، وتسويق الأفكار المنحرفة بين الجاهلين بما يراد لهم من ضرر فادح، وخسارة جسيمة، فالحج فريضة غاياتها سامية وأهدافها جليلة، ومهما حاول المرجفون استغلالها لإثارة الفتنة، فلن يفلحوا، لأن وعي المسلمين كفيل برد هذا الكيد إلى نحور أصحابه، وردع هذا التآمر لينقلب على من يقف وراءه.
وكان أمن الحجيج ولا يزال من أولويات المسئولين في هذا الوطن الغالي، ومن أوجب الواجبات، بالتصدي لكل من يحاول تعكير صفو هذا الأمن، سواء بالمظاهرات والشعارات الخارجة عن نطاق شعائر الحج، أو بالتجمعات المشبوهة التي تعيق الحجاج وتشغلهم عن أداء مناسكهم، فلا إيران ولا غيرها قادرة على الإساءة لأمن هذا الوطن، لأن كل أبنائه جنود نذروا أنفسهم للدفاع عنه.