وسط إجراءات أمنية مشددة، وغياب "معلن" لطرفين ولاعبين أساسيين في الاستحقاقات البرلمانية السابقة، هما جماعة الإخوان والحزب الوطني المنحلّين. تنطلق اليوم في مصر المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المثيرة للجدل، والتي تستمر يومين في 14 محافظة مصرية، حيث رصدت الحكومة 16 ألف قاض للإشراف على عمليتي التصويت والفرز.. كما وضعت وزارة الداخلية، أكثر من 150 ألفاً من عناصرها، بالتوازي مع قوات عسكرية من عناصر التدخل السريع والقوات الخاصة، لتأمين الانتخابات من أية محاولات لإفسادها.. بالتزامن مع هواجس من إمكانية تغلغل وجوه إخوانية غير معروفة ضمن بعض القائمات المستقلة، أو التابعة لحزب النور السلفي الذي يتعرض لانتقادات عنيفة.
تأهب عسكري
بالسياق، كشفت القوات المسلحة، عن انتشار عناصرها قرب مراكز الاقتراع البالغ عددها 18945 مركزاً.
وعرض الموقع الرسمي لوزارة الدفاع فيديو لتحرك أكثر من 185 ألف ضابط وصف ومجند من المنطقة المركزية العسكرية والمنطقة الجنوبية العسكرية، والمنطقة الشمالية العسكرية، والجيش الثالث الميداني، والمنطقة الغربية العسكرية، والوحدات التابعة للقيادة العامة، فى القوات الخاصة "الصاعقة والمظلات" والشرطة العسكرية، وقوات التدخل السريع، وفقا لأعلى درجات الاستعداد والجاهزية.. كما أنشأت غرفة عمليات طارئة لمواجهة أية احتمالات.
دعوة للحشد
وفيما انطلقت السبت، رسمياً، وسط إقبال متوسط، عملية التصويت للمصريين بالخارج، في أكثر من 139 سفارة وقنصلية حول العالم، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كافة فئات المجتمع وفي مقدمتهم المرأة والشباب إلى المشاركة الفاعلة في الانتخابات البرلمانية باعتبارها المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق.
وشدد السيسي في كلمة مقتضبة وجهها قبل ظهر أمس، على ضرورة تدقيق الاختيار فيمن سيمثلون الشعب أخذا في الاعتبار المهام الجسيمة الملقاة على عاتق مجلس النواب الجديد، لا سيما في الشق التشريعي لسن وتعديل القوانين بما يتوافق مع الدستور الجديد فضلا عن المهام والصلاحيات الموسعة التي يتمتع بها المجلس وفقا لنصوص الدستور.
وبينما استشهد الرئيس المصري، بـ"مشهد ملايين المصريين الذين ملأوا الشوارع والميادين من أجل إسقاط الظلم والفاشية.. سيظل رمزا على أن اصطفافنا حتمي من أجل الوطن" تابع: "انطلاقا من هذا، فإنني بشكل واضح أدعو جميع المصريين للنزول والاحتشاد لصناديق الاقتراع".
وأوضح، أن البرلمان الجديد ستتركز أهميته في اضطلاعه بسن "كل التشريعات والقوانين المكملة للدستور"، مضيفًا أنه أيضًا سيكون "انعكاسًا أمام العالم لإرادة المصريين القوية".
واختتم السيسي كلمته قائًلا: "احتشدوا من أجل الوطن، واحتفلوا باختيار ممثليكم.. احتشدوا من أجل شهيد وطفل ينتظر منا أن نصنع له مستقبلا واعدا".
فرص القوائم
بالتوازي، تتصاعد فرص القوائم الانتخابية في حصد المقاعد، وخصوصاً تلك التي يوجد بها أعضاء وسياسيون لهم ثقل داخل المجتمع المصري، وتأتي على رأس هذه القوائم، قائمة "في حب مصر"، التي تواجه انتقاداً من الجميع بانحيازها للدولة، وتلقيها دعمًا من أشخاص ذات صلة بدائرة صنع القرار السياسي.
وفي هذا السياق، ذهب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، الذى أكد أن قائمة "في حب مصر" هي الأقرب لحصد أصوات الناخبين، نظرا لهشاشة التحالفات الأخرى والصراعات الداخلية بينها، مرجعًا سبب تراجع حظوظ القائمات الانتخابية الأخرى أيضًا إلى فقدانها الشخصيات الجماهيرية والمشهورة.
وأكد "فهمى"، أن فرص المرشحين المستقلين في المحافظات الإقليمية ستكون مرتبطة بمدى جماهيرية المرشح أكثر منه ببرنامجه الانتخابي، مشددًا على أن البرلمان المقبل سيكون داعمًا للنظام لمواجهة التحديات السياسية والأمنية الحالية.
الانتخابات في الخارج
وأجريت، أمس السبت، الانتخابات البرلمانية في الخارج، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد، أن الوزير سامح شكري "تابع أولاً بأول عملية تصويت المصريين بالخارج في انتخابات مجلس النواب 2015 والتي تمت في 139 بعثة دبلوماسية وقنصليـة مصريـة، مؤكداً أنه تم توجيه المساعدة الواجبة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن من الوافدين على لجان الاقتراع، وتشجيع أبناء المصريين في الخارج من الجيل الثاني على ممارسة حقهم الانتخابي، والذي يزيد من ارتباطهم بوطنهم الأم.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، في بيان له، أن الوزير شكري وجه بتقديم الدعم والمساعدة اللازمين لممثلي بعثات المتابعة الدولية ومنظمات المجتمع المدني ومندوبي وسائل الإعلام العالمية، والتي أقرت اللجنة العليا للانتخابات مشاركتهم في متابعة الانتخابات البرلمانية، في الحصول على تأشيرات الدخول اللازمة إلى مصر لمتابعة الاستحقاق الانتخابي الثالث.
ويتألف البرلمان الجديد الذي تبلغ مدة ولايته خمس سنوات من 568 عضوا منتخبا هم 448 نائبا بالنظام الفردي و120 نائبا بنظام القوائم المغلقة المطلق. ولرئيس الدولة أن يعين ما يصل إلى خمسة بالمئة من عدد الأعضاء.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في مصر 55 مليونا و600 ألف شخص تقريبا وتشير تقديرات إلى أن عدد المصريين في الخارج يتراوح بين ستة وثمانية ملايين شخص.
وخلال انتخابات سابقة كان يتعين على المصريين في الخارج أن يسجلوا أنفسهم لدى السفارات قبل الانتخابات حتى يتسنى لهم التصويت لكن هذه المرة يحق لأي مصري في الخارج يحمل جواز سفر مصري أو بطاقة شخصية المشاركة في الاقتراع.
نقل القضاة
في الوقت نفسه، خصصت القوات المسلحة، عدد من طائرات نقل عسكرية للعمل كمجهود جوى لنقل اكثر من 1100 قاضى من اعضاء الهيئات القضائية المشرفة على الانتخابات البرلمانية بالأماكن النائية والمنعزلة، وذلك لتسهيل مهمة القضاة وتخفيف العبء عنهم وضمان استلام اللجان في التوقيتات المحددة لها.
قضائياً، أجلت محكمة مصرية، محاكمة نجلى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، و7 من مسؤولي مجلس إدارة البنك الوطنى المصري السابقين، المتهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«التلاعب في البورصة» إلى 20 ديسمبر المقبل لسماع مرافعات الدفاع عن المتهمين.
ويواجه المتهمون في هذه القضية اتهامات «بإهدار المال العام المصري، وإلحاق خسائر كبيرة بالاقتصاد، وتدمير الجهاز المصرفي، وذلك بالحصول على ملياري ونصف المليار جنيه قيمة بيع البنك الوطني المصري، بالمخالفة لأحكام قانون سوق رأس المال والبنك المركزي، حيث اتفق المتهمون على السيطرة على أسهم البنك الوطني، من خلال تكوين حصة حاكمة لهم في الشراء عن طريق صناديق الاستثمار المغلقة، وبيعها وعدم الإفصاح عنها بالبورصة».
وفى نفس الوقت، استكملت محكمة أخرى، محاكمة 42 من عناصر تنظيم «أجناد مصر» في قضية اتهامهم بارتكاب جرائم إرهابية بزرع عبوات ناسفة مستهدفين الأكمنة الأمنية وأقسام الشرطة والمنشآت الحيوية والممتلكات العامة، وتفجيرها عن بعد، على نحو أسفر عن مقتل العديد من ضباط وأفراد الشرطة والمواطنين، والشروع في قتل أكثر من 100 من ضباط وأفراد الشرطة والمواطنين، واستهداف المنشآت الشرطية والكمائن الأمنية وتخريب الممتلكات العامة وحيازة المفرقعات.