قد يلقي كل من عدم يقين السياسة، وقوة الدولار، وعدم الإنفاق الرأسمالي، بثقله على النمو في الولايات المتحدة العام المقبل، وفقا لكريستوف بارو، كبير الاقتصاديين في سوق الأوراق المالية. ويعتبر بارو، الذي يتخذ من باريس مقرا له، من أبرز المحللين بخصوص التوقعات حول الاقتصاد الأمريكي في بلومبيرج منذ الربع الرابع من عام 2014. ما هي توقعاتك بشأن الولايات المتحدة حتى نهاية العام؟
ـ أعتقد أن النمو سوف يصل إلى 2.4% هذا العام دون تغيير عن عام 2014. ومن المرجح أن يكون الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي ضعيفا في النصف الثاني، متأثرا بشكل سلبي باتساع العجز التجاري والتباطؤ في المخزونات. لحسن الحظ، وعلى الجانب الإيجابي، نفقات الاستهلاك الشخصي ستظل الدعم الرئيسي للاقتصاد الأمريكي والمحرك الرئيسي في سياق تكون فيه أسعار الفائدة منخفضة بشكل لم يسبق له مثيل، ومعايير الائتمان تتقلص تدريجيا، وانخفضت أسعار البنزين بشكل ملحوظ، ووضع التوظيف يواصل تحسنه. ما هو أكثر ما يثير قلقك حول الولايات المتحدة خلال العام المقبل؟
ـ نمو الناتج المحلي الإجمالي سيكون قريبا من 2.0%، وهو متوسط الخمس سنوات 2010-2014. ومع ذلك، المخاطر تميل إلى الجانب السلبي نتيجة لعدة عوامل، مثل عدم اليقين حول السياسة النقدية من الاحتياطي الفدرالي، وانكماش محتمل في كل من التصنيع (التباطؤ العالمي، وارتفاع الدولار الأمريكي) والنفط (انخفاض الأسعار)، والانتخابات الرئاسية (عدم اليقين حول السياسة المالية العامة) والبيئة العالمية الأقل مواتاة (انخفاض معدلات النمو، وحرب العملات). قلقي الرئيسي هو حول الإنفاق الرأسمالي، والاستثمار الخاص خارج قطاع الإسكان. لعدة سنوات، كانت معظم الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز قد راكمت كمية عالية من النقد وفضلت إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح على حساب الإنفاق الرأسمالي. ومع ذلك، فإن نمو مخزون رأس المال يعتبر واحدا من العوامل الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي والإنتاجية والعمالة في البلاد. إنفاق الشركات على المعدات والآلات والمباني يُطلِق حلقة تغذية راجعة اقتصادية إيجابية، ما يؤدي إلى مزيد من النمو المحتمل. ما هي الأمور التي يخشاها الاقتصاديون والمستثمرون مع أنه لا ينبغي لهم ذلك؟
ـ يبدو أن المخاوف بشأن الاستهلاك المحلي مبالغ فيها قليلا. تقديري هو أن الإنفاق الاستهلاكي سيظل نقطة مضيئة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي. عادت حالة التوظيف تدريجيا إلى التوازن، بالتالي ينبغي تكثيف ضغوط الأجور في الأشهر المقبلة. ينبغي لبرنامجي ميديكير وميديكيد (للرعاية الصحية) وانخفاض أسعار البنزين أن تقدم بعض الدعم إلى القوة الشرائية. وعلاوة على ذلك، في سياق تكون فيه أسعار الفائدة منخفضة تاريخيا، سوف يكتسب الائتمان قوة دفع ويواصل عملية دعم وحدات الإنفاق العالية مثل السيارات. وأخيرا، ستبقى أسعار المساكن موجهة بشكل جيد ويجب أن تدعم النفقات من خلال تأثير الثروة. ما الذي ينبغي أن يقلق الاحتياطي الفيدرالي كثيرا؟
ـ انخفاض معدل التضخم - وحتى الانكماش الطفيف - يبدو عابرا ويعكس الانخفاض في أسعار الطاقة، وإلى حد أقل، ضعف أسعار الواردات خارج قطاع الطاقة. أنا واثق من أن التضخم سوف ينتعش، في الوقت الذي يتضاءل فيه الركود في سوق العمل بشكل ملحوظ، وارتفعت الإيجارات بالفعل أكثر من 3% مقارنة بالعام السابق. التباطؤ العالمي هو أهم قضية، ومن المرجح أن يستمر بسبب العوامل الدورية والهيكلية. التركيبة السكانية في البلدان المتقدمة تعتبر أقل دعما، بسبب التباطؤ في نمو قوة العمل. الإنتاجية من غير المرجح أن تتحسن بصورة حادة بسبب نقص الاستثمارات في السنوات الأخيرة. متى سيقوم الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة؟ وكيف سيؤثر هذا على آفاق النمو؟
ـ منذ اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة في سبتمبر، والبنك المركزي فقد جزءا من مصداقيته، ويمكن أن يضيف المزيد من عدم اليقين إذا كان يؤخر عملية انطلاق أسعار الفائدة المذكورة حتى عام 2016. في غضون ذلك، إذا قرر رفع أسعار الفائدة في وقت أبكر مما كان متوقعا، ينبغي أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الدولار الأمريكي ويلقي بثقل سلبي على شركات التصدير، وخاصة في قطاع الصناعات التحويلية. بشكل منفصل، في سياق آخر، حيث يتباطأ النمو العالمي، يضغط السياسيون على البنوك المركزية من أجل تخفض القيمة وكسب حصة في السوق بدلا من تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. لن أفاجأ إذا قامت العديد من البنوك المركزية مثل البنك المركزي الأوروبي، أو البنك الوطني السويسري، أو بنك اليابان، أو البنك المركزي السويدي، بتخفيف سياساتهم النقدية في الأشهر المقبلة، مما يجعل المهمة أكثر صعوبة بالنسبة للاحتياطي الفدرالي. بالنسبة لي نافذة إطلاق أسعار الفائدة في عام 2015 تعتبر مغلقة تقريبا، ويبدو أن بداية عام 2016 ستكون هي سيناريو الحالة الأساسية. كيف تشعر حيال الصين والأسواق الناشئة الأخرى؟
ـ فيما يتعلق بالصين، أعتقد أنها ستصل إلى القاع في الربع الرابع، لأن المسؤولين الصينيين يسارعون الإنفاق العام على البنية التحتية، ورفع العديد من القيود في قطاع الإسكان وتخفيف السياسة النقدية. ثم إن تحقيق نسبة 7% من النمو في الناتج المحلي الإجمالي لم يعد هدفا مستداما، لكنني لست قلقا أكثر مما يجب، بالنظر إلى أن قصة النمو على المدى الطويل لا تزال على الطريق الصحيح، حيث انخفض معدل العمران والذهاب إلى المدن، وانخفض معدل المعدات في قطاع السيارات، وارتفع احتياطي العملات الأجنبية. في الطرف المقابل، كثير من البلدان الناشئة التي تعاني من ارتفاع العجز في الحساب الجاري مثل ماليزيا وجنوب إفريقيا تبدو عرضة لتباطؤ الاقتصاد العالمي، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، وعدم اليقين حول السياسة النقدية.