يعد موسم الانفلونزا حقيقة من حقائق الحياة، لكن أحدا لم يكن يعرف السبب وراء ذلك حتى وقت قريب، كما أن الإجابة تتعلق بالطريقة المقززة التي تنتقل بها الجراثيم بين الناس.ولعل الإجابة تكمن في الهواء الذي نتنفسه. فبفضل قوانين الانتقال الحراري (الثيرموداينامكس)، فإن الهواء البارد يتمكن من حمل بخار ماء أقل حتى يصل إلى نقطة الندى ويتساقط على شكل أمطار، لهذا فإنه بينما يبدو الجو في الخارج مبتلاً، يكون الهواء ذاته أكثر جفافاً لأنه يفقد رطوبته.
وكشفت سلسلة من الأبحاث خلال السنوات القليلة الماضية أن هذه الظروف الجافة تعتبر بيئة ملائمة لفيروس الانفلونزا.
فقد اختبر العلماء كيفية انتشار فيروس الانفلونزا بين فئران المختبرات، فوجدوا أنه في الهواء الرطب يجد الوباء صعوبة في الانتشار، بينما ينتشر في الهواء الجاف انتشار النار في الهشيم.
وبمقارنة السجلات الصحية مع حالة الطقس لمدة ثلاثين عاماً، توصل جفري شامان من جامعة كولومبيا إلى أن وباء الانفلونزا يأتي في أعقاب انخفاض نسبة الرطوبة في الهواء.
ويبدأ موسم الانفلونزا في الوقت الذي تتساقط فيه أوراق الشجر، ويبدأ معه الأنين الناتج عن إصابتنا في أحسن الأحوال بالرشح الذي يتركنا نحس كأننا ابتلعنا مبشرة جبن، وإذا كان حظنا عاثراً، تضرب أجسادنا حمى شديدة وألم مفاصل يستمر أسبوعاً أو أطول، هذه هي الانفلونزا.
يحل موسم الانفلونزا في وقته المتوقع ويؤثر على كثير منا، وليس لدى العلماء فكرة واضحة عن سبب انتشار الجراثيم في الطقس البارد، وقد توصل العلماء في السنوات الخمس الماضية إلى إجابة ربما تمهد الطريق لوقف انتشار العدوى، وتدور بشكل رئيسي حول الطريقة التي ينتشر بها رذاذ العطس في الهواء.
لكن هذا الفهم الجديد لمرض الانفلونزا لم يأت بالسرعة اللازمة؛ نظراً لأن الفيروس المسبب لها يتغير بسرعة، ولا يكون الجسم مستعداً لمقاومة الفيروس الجديد في الموسم القادم، وهكذا فإنه يصيب حوالي خمسة ملايين من البشر حول العالم، ويتسبب في وفاة ربع مليون شخص كل عام.