تواجه وكالة "ستاندارد آند بورز" متاعب متزايدة بسبب أدائها غير المهني الذي اكتنفته كثير من الأخطاء الكارثية التي طالت شركات واقتصاديات عالمية، وكان أبرز ذلك ما أعلنته وزارة العدل الأمريكية في فبراير الماضي أن الوكالة وافقت على دفع مليار وأربعمائة مليون دولار لتسوية اتهامات لها بالتضليل بشأن سندات رهن عقاري قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية، حيث منحت تصنيفات ائتمانية عالية لسندات تنطوي على مخاطر.
وتتعلق التسوية المالية – التي توصلت إليها "ستاندرد آند بورز" مع الإدارة الأمريكية و19 ولاية أمريكية ومقاطعة كولومبيا – بتصنيفات أصدرتها المؤسسة بين عامي 2004 و2007، وتنهي هذه التسوية نزاعا قضائيا مع الحكومة الأميركية بدأ منذ عامين.
وبموجب هذه التسوية تقر المؤسسة الأمريكية، وهي من أبرز مؤسسات التصنيفات الائتمانية بالعالم، بأنها أصدرت تقييمات إيجابية لمنتجات مالية بشكل غير مبرر، وكانت مبنية في العديد من الحالات على حزمة رهون عقارية كان من المحتمل أن يكون مصيرها التعثر.
كما وافقت ستاندرد أند بورز بموجب التسوية على سحب اتهامها للحكومة الأمريكية بأنها رفعت دعاوى قضائية ضدها كرد فعل على خفض المؤسسة للتصنيف الائتماني الممتاز (AAA) للولايات المتحدة في العام 2011.
واعتبر المسؤول الأميركي أن سلوك المؤسسة رغم أنه ساعدها في كسب رضا عملائها، فإنه أضر بـالاقتصاد الأميركي وساهم في وقوع أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم.
ولا تشكل الدعوى القضائية لوزارة العدل الأمريكية التي تتحدث عن تلاعب في تصنيف "ستاندرد آند بورز" لأوراق مالية لها علاقة بالرهونات، تهديدا بفاتورة ضرر تفوق خمسة مليارات دولار على ماكجرو هيل، الشركة الأم لـ "ستاندرد آند بورز"، فحسب، ولكنها تذكير أيضا بأن الصناعة تواجه ادعاءات قانونية معلقة.
وطعنت "ستاندرد آند بورز" في ادعاءات الوزارة، لكن الدعوى أعاقت أسهم ماكجرو هيل ووكالة موديز، منافسة "ستاندرد آند بورز، اللتين ارتفعت أسهمهما أكثر من الثلث في العام الماضي.
وما يثير نقمة النقاد الذين يجادلون بأن أعمال التصنيف يشوبها تضارب مصالح، أن ما تقوله هذه الوكالات يبقى أمراً أساسياً لعمل النظام المالي.
وإذا ما تضمنت تسوية نهائية مع وزارة العدل اعتراف "ستاندرد آند بورز" باقتراف خطأ، أو فوز قضائي للحكومة يقوض الدفاع المستند إلى "حرية التعبير" الذي استندت إليه الوكالات في قضايا أخرى، فإن آخر التطورات قد تفتح الباب لاحتمال دعاوى من حشود من المستثمرين في سندات الرهونات المسمومة.
وإذا لم يكن – وهذا هو الرهان الراجح للمحللين بعد أن أصبحت دعوى وزارة العدل قضية عامة – فقد يكون هذا المطب الأخير على طريق الوكالات للعودة إلى العمل كالمعتاد.
وجاء آخر تهديد قانوني معلق للوكالات من قضية رفعها بنك أبو ظبي التجاري على الوكالات تتعلق بأداتي استثمار مهيكلتين نشأتا في ذروة الفقاعة الائتمانية. ويدعي البنك أنه تعرض لاحتيال، لأن محللي الوكالات لم يكونوا مقتنعين بتصنيف AAA الذي منحوه للأوراق المالية. وفي أحكام قضائية أخرى قبل القضاء بشكل كبير حجة الوكالات بأن تصنيفاتها كانت آراء – وفي كثير من الحالات كانت تشتمل على أخطاء لا يمكن إنكارها، باعتراف الجميع، ما أخطأ فيها – محمية بالمادة الأولى من الدستور التي تحمي حرية التعبير.
وفرض المنظمون على جانبي الأطلسي إشرافاً أكبر على الوكالات بهدف مراقبة كيف تدير تضارب المصالح المتأصل في حقيقة أن الجهات المصدرة تدفع لتصنيف السندات، وبإمكانها أن تنقل أعمالها إلى وكالات أخرى إذا لم يلق التصنيف المعروض قبولها. في تقريرها السنوي عن الصناعة العام الماضي، وجدت المفوضية الأمريكية للرقابة على الأوراق المالية أن عديدا من الوكالات ما زال يخرق إجراءات داخلية تهدف إلى إبقاء الاعتبارات التجارية بعيدة عن البحوث الائتمانية.
ومن جانبها اتهمت محكمة أستراليا الفيديرالية وكالة ستانداردز أند بورز للتصنيف الائتماني بتضليل اثني عشر مستثمرا بعدما منحت درجتها العليا لمنتج مشتق من مصرف ABN Amro الأسترالي، في حين فقد قيمته بعد أقل من عامين.
وهي المرة الأولى التي تتعرض فيها وكالة تصنيف ائتماني لمحاكمة كاملة في قضية منتج مالي.
وقد سبق أن اتهم بعض الخبراء الماليين، وكالة ستاندارد آند بورز عندما خفضت تصنيف الولايات المتحدة بانها سببت المزيد من الضرر لأجندتها الخاصة.
وقد اعترفت ستاندرد أند بورز بوجود خطأ 2 تريليون دولار عند تبريرها تخفيض التصنيف الائتماني الأمريكي، إلا أنها اصرت بأن الخطأ "لم يكن له تأثير على قرار التصويت". وقد رد متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية: "إن الحكم المختل عن خطأ 2 تريليون دولار يتحدث عن نفسه".
وهناك أمر آخر اهتم به المعلقون وتتعلق بقضية تقييم ستاندرد آند بورز — لحكومة الولايات المتحدة أو أي حكومة وطنية أخرى كمثال — الذي يمكن أن يكون وقد كان له تأثير واضح وحقيقي على النطاق الدولي، ولكن صناع قرار تلك التقييمات هم موظفو الشركة، وهم معينون وليسوا منتخبين، ولا يمكن محاسبتهم عند اصدارهم مثل تلك التقييمات، وكذلك لا يوجد هناك أي طعون ضد قرار التصنيف الائتماني.
وقدمت الوكالة في أغسطس 2011 رسالة إلى مجلس أوراق المال الأمريكي في محاولة لتمييع اقتراح يشترط على وكالات التصنيف الائتماني الكشف علنا عن "الأخطاء الكبيرة" في كيفية حساب تصنيفاتها. وكان اقتراح مجلس أوراق المال الأمريكي الذي صدر في مايو 2011 قد طالب من مقيّمي الائتمان بالإفصاح أكثر عن مناهجهم وأن يعززوا الضوابط الداخلية وذلك لمنع تضارب المصالح.
ونتيجة لأخطاء التصنيف التي تسببت فيها "ستاندراد آند بورز" قامت الولايات المتحدة بتشديد الرقابة على كل الوكالات الائتمانية، كما قام البرلمان اﻷوروبي بوضع مجموعة من المعايير لضبط أنشطة هذه الوكالات، فقد أعلن المفوض الأوروبي لشؤون تنظيم الأسواق قواعد مشددة تجاه عمل مؤسسات التصنيف الائتماني، ومنها السماح لأي دولة أو مستثمر في الاتحاد الأوروبي بطلب تعويضات لدى محكمة مدنية إذا تكبد خسائر جراء خطأ أو شطط ارتكبته إحدى تلك المؤسسات.
وللحد من نفوذ هذه الوكالات كذلك، شجعت أوروبا حاليًا الشركات المالية على إنجاز تقييماتها بنفسها دون اللجوء إلى الوكالات الثلاث، ومع بداية العام 2012 تزايدت المطالبات في ألمانيا بتأسيس وكالة أوروبية مستقلة للتصنيف الائتماني للانفكاك من هيمنة المؤسسات الأميركية، وجاءت هذه الدعوات بعد خفض ستاندرد أند بورز في الشهر الأول من العام نفسه التصنيف الممتاز لتسع دول أوروبية وصندوق الإنقاذ المالي الأوروبي من فئة (AAA) إلى فئة (AA).
##«ستاندرد آند بورز» عام 2013: الاحتياطيات النفطية للمملكة تكفي 170 عاما##
في العام 2013م أصدرت وكالة ستاندراد آند بورز تقريرا أكدت فيه أن الاحتياطيات النفطية للمملكة تكفي لفترة تمتد إلى 170 عاما قادمة، وأن الإمدادات قد تواجه النضوب في العقدين القادمين في بعض الدول الخليجية الأخرى.
وتوقع تقرير «ستاندرد آند بورز» أن تستمر اقتصاديات دول الخليج بعيدة عن الاضطرابات السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينا»، جاء ذلك في تقرير للوكالة بعنوان «الاقتصاديات الخليجية تستمر قوية ولكن القضايا الهيكلية لا تزال تؤثر في التصنيفات السيادية».
وذكرت ديما جاردانيه المحلل الائتماني في «ستاندرد آند بورز» أن الاحتياطيات النفطية وفقا للمعدلات الحالية للإنتاج سوف تستمر حوالي 170 عاما في السعودية، و90 عاما في الكويت وأبوظبي، غير أن هذه الاحتياطيات سوف تستمر لمدة أقل في عمان والبحرين، حيث إنه وفقا للمعدلات الحالية للإنتاج فإن الإمدادات قد تواجه النضوب في العقدين القادمين.
وأشار تقرير وكالة الطاقة الأمريكية إلى أن المملكة لديها احتياطيات حاليا تصل إلى 265 مليار برميل من النفط، بما يعادل خمس الاحتياطي العالمي من النفط، مشيراً إلى أن المملكة تنتج 11.6 مليون برميل يومياً من النفط الخام منها 1.8 مليون برميل من الغاز الطبيعي، وأن المملكة ستظل مصدراً أساسياً للنفط خلال السنوات القادمة، مع استبعاد وصول الولايات المتحدة للاكتفاء الذاتي بحلول العام 2030.