شريحة الشباب هي الوقود الحقيقي لأي تنمية اجتماعية، وعندما تكون هذه الشريحة هي الشريحة السائدة بالنسبة لعدد السكان الكلي - كما هو الحال في المجتمع السعودي - حيث يمثل الشباب ما يزيد على 65% من نسبة السكان؛ فهذا يعد مصدراً كبيراً للتنمية إذا أحسنا التعامل معهم.
وتشير الدراسات الى أن فئة الشباب في المملكة العربية السعودية تمتلك قدراً لا يستهان به من وقت الفراغ سواء في أيام الدراسة أو أيام العطل الأسبوعية (الجمعة والسبت) ففي الدراسة التي أجراها عددٌ من الباحثين اتضح من خلالها أن نسبة (60%) من أفراد العينة يمتلكون وقت فراغ يزيد على (3) ساعات يومياً، أما أيام عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت) فترتفع ساعات الفراغ لدى الشباب لتصل إلى 6 ساعات يومياً. هذا الأمر هو الذي جعل مجموعة من شباب المنطقة الشرقية يتبنون مبادرة (إنشاء فريق حنا بخير التطوعي) تحت مظلة جمعية العمل التطوعي للتوعية الفكرية والسعي لغرس قيمة الاعتدال بين الشباب، ونشر سلوك رسولنالكريم (عليه الصلاة والسلام) في تعامله مع الموافق والمخالف بالرحمة والحكمة، وهو ما يجعلهم يفكرون مرات ومرات قبل أن يخاطبوا هذه الشريحة، لأن أي رسالة خاطئة أو وسيلة خاطئة سوف تغلق لديهم منافذ التلقي، ويكون من الصعب فتحها من جديد، كما أن أي وسيلة تقليدية تقوم على استصغار عقولهم، أو استخدام الضغط أو العنف معهم وهو ما يؤدي الى نتائج عكسية لدرجة أنهم يسعون الى إنتاج 100 فيلم سينمائي قصير لمواجهة التطرف.
وسائل التواصل
بداية، قال المشرف العام على الفريق الدكتور محمد علي البيشي : إننا نعيش اليوم في ظل الشبكات التواصلية الجديدة، فمع تطور وسائل الاتصال بالعالم الخارجي المكوَّن من أفراد مختلفين وشخصيات معنوية مؤسسية أوجدت لنا تغيراً ملحوظاً في مفاهيم بعض الشباب، وبلبلة في الفكر ، وزعزعة لبعض الثوابت الدينية والاجتماعية والسياسية، وردود أفعال لم يسبق لها مثيل؛ تشكلت معها هويتهم الجديدة. فالشباب هم الهدف الرئيس لأي عملية بناء أو هدم للمجتمع؛ لذلك تتناوش هذه الشريحة أطياف فكرية مختلفة؛ لكسبها إلى صفّها وتحقيق أهدافها، ولا يخفى على أي مطلّعٍ ما تمر به المملكة من تحديات متتابعة؛ لاستخدام الشباب وقوداً مباشراً لهذه الاضطرابات؛ باستدراجهم لخط النار ، بـ ( الغلو والعنف والتكفير والتفجير ) لكنها تنجح في كل مرّة - ولله الحمد - بحكمة قيادتها وبصيرة علمائها، ثم بمبادرات شبابها الرائعين، ويُكسِبها التحدي طريقاً جديداً للاستمرار.
وقال : فريق "حنّا بخير التطوعي" عبارة عن مبادرة من الشباب للشباب مكونة من 40 شابا من مختلف القطاعات، يعتبر الأول على مستوى الفرق التطوعية، تحوّلت من فكرةٍ إلى مشروع حقيقي، يدرك فيه شباب الفريق حجم العمل الذي سيُقدِمون عليه، نسأل الله - تعالى - أن يكون شباب هذه البلاد في خير ورخاء وتنمية.
توعية المجتمع
ويقول فهد الزعبي قائد الفريق : يمكن توعية المجتمع بعدة طرق ألا وهي طرق الترغيب لا الترهيب بمعنى العمل بوسائل تجذب المجتمع خاصة الشباب من جميع نواحي التطرّف والانحراف عن الفكر الضال وإعطائهم الفرصة والثقة في أنفسهم، وزرع حب الدين والمليك والوطن، موضحاً أنه على المؤسسات المدنية والأهلية أن تعمل وتعطي الفرصة لعمل مبادرات قوية وشاملة للمجتمع بجميع فئاته وتبرز أفكار الشباب وتوظفها في المكان الصحيح، لافتاً إلى أن الشباب في الكثير من الفرق التطوعية لديهم الرغبة والعزيمة على تنفيذ برامج قوية وعالمية في شتى المجالات، لكن أحياناً يواجههم الكثير من المعوقات خاصة الدعم المالي.
العمل الميداني
وبين "الزعبي" أن المبادرات متنوعة في توعية المجتمع، لكنها غير واضحة في بعض المجالات ويكتنفها بعض الغموض، وكذلك تشتت الفكرة بسبب عدم وجود حاضنة رئيسة لهذه الفكرة، مقترحاً أن يخرج الجميع عن العمل الإلكتروني فقط ويتحول العمل إلى ميداني عبر مبادرات جديدة غير تقليدية في طرحها وأسلوبها وطريقة عرضها أي أنها تشكل جميع فئات المجتمع، وأقترح أن تكون شبابية تركز على توعية الشباب بطرق غير تقليدية.
وسائل حديثة
ويقول نائب قائد الفريق سعد الحربي وهو طالب بجامعة الدمام : يعتقد البعض أن تبنّي الجماعة الفكرة هو سبب النجاح، وذلك جعله يتخلى عن مبادئه وقيمه وأفكاره والتنازل عن دينه، ومعتقداته بسبب "فكرة" يعتقد أنها صحيحة.
وأشار "الحربي" إلى أن أغلب الملتحقين بالفئة الضالة سواء داعش أو غيرها من فئة الشباب الذين يعانون الفراغ التام، وعدم وجود برامج تشغلهم عن الأفكار الهدامة، وكذلك التوعية مازالت تقليدية، الشباب يريدون أن يساهموا وتكون لهم مساهمات فعالة في ابتكار برامج تناسبهم، موضحاً أن نسبة عالية من الشباب من سن 12 سنة حتى 30 سنة تجدهم عاكفين على مواقع التواصل الاجتماعي، المشكلة الحقيقية تكمن في التغذية الفكرية بعض هذه المواقع، مطالباً بأهمية صناعة برامج إلكترونية تجابه هذا الفكر السلبي المتداول في تويتر أو سناب شات أو غيره. إنها مرحلة خطيرة مهما كانت التغذية إيجابية بكل تأكيد هناك أساليب دعائية ترويجية تستخدمها الفئة الضالة هدفها الإقناع ويجب مواجهتها بقوة، ونحن نهدف إلى إنتاج 100 فيلم قصير بجودة سينمائية تعالج التطرف لدى الشباب المتأثر بالعنف والإرهاب في الجوانب النفسية والدينية والاجتماعية، من خلال مستشارين متخصصين نشكر مشاركتهم معنا بوقتهم وعلمهم.
الأمن الفكري
من جانبه ذكر أحمد الغامدي «طالب جامعي تخصص هندسة» أن "الأمن الفكري" معنى يسبب الرعب لبعض من لم يفهمه تماماً، لكن لو نظرنا إلى المعنى الحقيقي لوجدنا أنه "حماية الفكر" الفكر المسالم، الفكر الجميل، فكر يحبه الجميع ويتقبله، ونحن (فريق حنا بخير التطوعي) نسعى لأن نجعل الشباب من يُصلِحون وينصحون الشباب، فهم من يستطيع التغيير إلى الأفضل.
من جانبه أشار عبداللطيف التمار موظف بأرامكو أنهم جميعاً يرون ويعلمون فِتن هذه الزمان وكثرتها، فإنشاء هذا الفريق الخيّر ، فكرة طيّبة لتوعية إخوتنا وآبائنا وبناتِنا وجميع فئات المجتمع السعودي. فسعينا - ومازلنا - مع قيادتنا الرشيدة، ودعمها الكامل لإنشاء هذه المبادرة المباركة وتسهيل جميع الطرق لتثقيف أعضائها والشباب في مرحلة ثانية.
فرأينا المجهود المتكامل من قيادتنا المباركة والممثلة في إمارة المنطقة الشرقية على رأسها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، ثم مسؤولو الإمارة مثل سمو الأمير فهد بن عبدالله بن جلوي ووكيل الإمارة الأستاذ عبدالله العسكر وتشجيعهم جميعاً لنا، وإنشاء هذه المبادرة في صورة فريق تطوعي للسعي لتزويد الشباب بالاحتياطات الفكرية السليمة الآمنة؛ كي تكون درعاً واقية يستندون عليهِا حينما يواجهون من يريد التغرير بهم خارجًا والعياذ بالله. ليست فقط هذه الشريحة الملموسة من المجتمع؛ فإن عائلة الشاب «أباه ووالدته وأخاه وأخته» جميعهم هدفٌ لإيصال رسالة هذه المبادرة.
مواجهة الإرهاب
ونوّه صالح الدوسري «موظف بأرامكو» بأن الأمن الفكري هو مصطلح حديث، مستخدم بالدرجة الأولى في المملكة العربية السعودية، وهو أمن الفرد والأسرة والمجتمع والأمة، وأن يعيش الناس في بلدانهم وأوطانهم وبين مجتمعاتهم آمنين مطمئنين على مكونات أصالتهم، وثقافتهم النوعية ومنظومتهم الفكرية، ولا شك في أن الأمن الفكري حاجة ضرورية لا تستقيم الحياة دون توافره، حيث إن الفريق التطوعي متخصص في مبادرات الأمن الفكري يعمل تحت مظلة جمعية العمل التطوعي وإشراف "الشيخ الدكتور محمد البيشي" مكون من مجموعة من شباب المنطقة الشرقية (موظفون، جامعيون، أطبّاء) بمختلف تخصصاتنا العلمية، نتفق على اهتمـامنا بتوجيه الشباب وخدمتهم نحو ما يحفظ علينا وعليهم أفـكارهم من الخلل في التصوّر والتفــــكير ؛ مع واقعٍ مُتـغيِّر في مفاهيمه، وأطـروحاته، وَتعدّد جِهاتِ التلقّي، حتى يستلهم الشاب أفكاره بطريقة شرعية صحيحة، بالتصدّي للشبهات الـمُغرضة، والحذر من مقاصد بعض الحسابات المسيئة في شبكات التواصل، مع تكوين الثقة في نفوسهم؛ عبر البرامج التطوعية التي تخدم هذا الاتجاه، وابتكار برامج نوعية جديدة في أطروحاتها وغير تقليدية.
وزاد : "أقام الفريق شراكات مجتمعية كثيرة، منها أنه أنتج فيلماً سعودياً قصيراً للتصدي للفكر الداعشي، ولديه لقاء حصري يقيمه كل شهر وضيفه الشيخ خلف المطلق مفتي الشرقية مع مجموعة من الشباب والإعلاميين والوجهاء، أقام لقاء مع معالي عضو هيئة كبار العلماء حول الفكر المتشدد وعلاجه حضره 90 شابا ومسؤولا، وهو في طريقه لإقامة أول وأكبر لقاء حواري للشباب بواسطة عناصر شابة لها حضور في شبكات التواصل لتداول موضوع التطرف والإرهاب.
ورشة عمل لأعضاء الفريق