DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

كيف ظهرت داعش ؟!

كيف ظهرت داعش ؟!

كيف ظهرت داعش ؟!
حين تتوفر ظروف سياسية معينة يمتلك الناس القابلية لقبول هذا الخطاب الديني أو ذاك. هذه هي الحقيقة التي لا يريد كثير من الناس رؤيتها، بل دائما وكما هو المعتاد فإن أغلبية الناس وحتى النخبة منهم يميلون إلى تفسير الظواهر المعقدة بسبب واحد. ويميلون أيضا إلى تبسيط هذا السبب، وإلى أن يكون شماعة ثالثة، بعيدا عن أي طرف يمتلك قوة وسلطة. وليس هذا وحده المزعج في الأمر، بل المزعج أكثر هو ميل الكثيرين إلى تمرير أفكارهم الأيديولوجية والشخصية في أشد المنعطفات التي يمر بها المجتمع، وإلى تصفية حسابات قديمة وجديدة، وإلى إقحام أسباب وتوقعات يعلم الجميع أنها ليست ذات علاقة بالحدث. لذلك وياللمفاجأة يكون (عامة الناس) كما تحب النخبة تسميتهم أكثر صدقا ومعرفة بالأسباب من النخبة المثقفة. من السهل جدا أن تربط بين ظهور أعمال عنف متطرفة في المنطقة وبين المناهج الدينية، لكنك ستجد نفسك في حرج دائم أمام الأعداد الهائلة القادمة من دول يتسم تعليمها بالعلمنة، أو من منفذين للتفجيرات عاشوا حياتهم في مجتمعات علمانية صلبة بعيدا أي تعليم ديني. إن قراءةً تربط بين داعش والاستعمار ستكون مملة وباردة، كما أن قراءة أخرى تربط بين داعش والكيان الصهيوني ستكون مملة أيضا، فالناس والإعلام والسياسيون لا يريدون هذا الطرح المعقد في تفسير الظواهر، كما أنه لا أحد يريد ذكر خيبات الأمل السياسية وأحداث الربيع العربي في هذا السياق. إنه من الأسلم لنا جميعا أن نتعارك فيما بيننا، أن يقول هذا الطرف إن المناهج الدينية هي السبب وأن يقول الآخر إن التفسخ هو السبب. بل إنه لا يود أحد أن يربط بين داعش وإسقاط نظام صدام، ولا بين داعش وحكومة المالكي، ولا بين داعش والمشروع الإيراني. إن قراءة الظروف التاريخية للمنطقة والتي أدت إلى هذا التفجر الذي يبدو مرعبا ومخيفا وخارجا عن السيطرة، بحيث ان أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي هزت العالم لم تعد تمثل شيئا كبيرا بالنسبة لما يحدث اليوم، هي قراءة معقدة ومتداخلة. إن المتابع لخطاب القاعدة قديما وامتداده حتى ظهور تنظيم داعش، وهو خطاب سياسي بالمناسبة بعيد عن محاولة إحداث أي جدل في الخطاب الديني، نجده خطابا يكثر من سرد النصوص الدينية دون بذل معاناة كبيرة في تأويلها وتفسيرها، ثم الحديث الدائم عن درجة الذلة والمهانة التي وصل إليها العالم الإسلامي اليوم، ثم عن تكالب الأمم على أصحاب هذا الخطاب. إن الشعور بالإهانة هو الملمح الأبرز لخطاب الجماعات العنيفة، وهو الجانب الذي يحاول أصحابه التذكير به دائما وإيقاظه لدى الشباب حديثي السن من أجل التعاطف معهم. وهذا يتماشى مع فكرة أن ظهور داعش ليس وليد لحظة معاصرة منقطعة عن السياق السياسي والاجتماعي المعاصر في المنطقة والعالم، بل هو مرتبط بها وامتداد لها. إن لم تكن لدينا القدرة البحثية والعلمية والجرأة على قول ما يجب قوله في تفسير ظهور داعش، فعلينا على الأقل أن لا نكون انتهازيين في توظيف هذه الأعمال العنيفة لصالحنا ضد غيرنا. إنه لمن المؤسف حقا هذا الاستهتار بتاريخنا وواقعنا من قبل فئة يفترض أنهم النخبة المثقفة، حين ينشغلون بتصفية حساباتهم وتمرير أفكارهم الشخصية على حساب أمانة الكلمة الملقاة على عاتقهم من قبل قرائهم ومحبيهم.