يعود تاريخ العلاقات السعودية مع إقليم "كردستان العراق" إلى عهد ما قبل التأسيس فقد شارك عدد من الأكراد العراقيين في النهضة السعودية الأولى، وساهم العشرات منهم في رفد الدولة الوليدة بخبراتهم وتجاربهم، وخاصة في وزارة الخارجية حيث ساهم العراقي الموصلي المولد د.عبدالله الدملوجي في تأسيس النواة الأولى للوزارة، وكان يُعد بمثابة أول وزير خارجية للملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - قبل إعلان تأسيس المملكة العربية السعودية في 23 سبتمبر 1932م، عاد د.الدملوجي للعراق فيما التحق الكثير من القدرات العراقية من الأكراد الذين حصلوا على الجنسية السعودية في وزارة الخارجية وشكلوا كتلة لا بأس بها، فيما عمل آخرون في القضاء والتجارة والتعليم، وهذا الأمر ينطبق على بعض دول مجلس التعاون الخليجي والتي حصلت على استقلالها في ما بين 1961- 1971م، واستمرت العلاقات الخليجية مع الأكراد على الرغم من بعض الآلام والأخطاء وخاصة أثناء الحرب العراقية - الإيرانية.
مثلت هزيمة ثم انسحاب الجيش العراقي من الكويت بداية تاريخ جديد لإقليم كردستان العراق، ففي الخامس من أبريل 1991م صدر القرار رقم 688 من مجلس الأمن القاضي بفرض الحظر الجوي وإنشاء منطقة آمنة شمالي العراق، وهو ما شكل بداية تأسيس حكم ذاتي كردي بصلاحيات واسعة واستمر هذا الأمر الواقع حتى الغزو الأمريكي للعراق في أبريل 2003م، حيث لعب اقليم كردستان العراق دوراً أكبر وحصل على مزايا أفضل وضعته في مقام شبه مستقل وخاصة فيما يتعلق بالتجارة الدولية والعلاقات الدولية.
استمرت العلاقات السعودية مع الإقليم عبر التنسيق مع حزبي الاتحاد الديمقراطي بزعامة السيد مسعود البارزاني، وحزب الاتحاد الديمقراطي بقيادة جلال الطالباني واللذين زارا الرياض عام 1998م، وبعد العام 2003م زادت العلاقات كماً وكيفاً واستقبلت المملكة في ابريل 2010م وفي أسبوع واحد السيد جلال الطالباني بصفته رئيس العراق ثم السيد مسعود البارزاني، حيث حرص الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز على تقليدهما وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، وكان من الطبيعي حرص "أربيل" على إرسال رئيس حكومة اقليم كردستان "نجيرفان البارزاني" لتقديم العزاء بوفاة الملك عبدالله - رحمه الله.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز استقبل يوم الثلاثاء الماضي رئيس إقليم "كردستان العراق" مسعود بارزاني في وقت تحرص المملكة على التواصل مع كافة دول وقوى الإقليم والذي يشهد مخاطر عديدة، وتم خلال الزيارة الهامة توقيتاً بحث آفاق التعاون الثنائي وسبل توثيق العلاقات وزيادة التنسيق الموجود في ما يخص مكافحة الإرهاب والحرب ضد تنظيم "داعش"، مع منح الملفات الاقتصادية أهمية خاصة مع فتح مجال التعاون الاستثماري للشركات السعودية في الإقليم، وحيث يعلن الاقليم الترحيب بالشركات والمؤسسات السعودية للاستثمار في الإقليم الذي يعتبر الافضل عراقيا من حيث مستوى التنمية والأمن والسلام.
العلاقات السعودية - العراقية مُقدمة على مرحلة جديدة حيث استقبلت الرياض سفيرا عراقيا جديدا، وعينت السفير ثامر السبهان كأول سفير سعودي منذ العام 1990م، كما عينت أ. عبدالمنعم المحمود كقنصل عام في أربيل، وينتظر ان يبدأ السفير الجديد والقنصل العام في اربيل عملهما خلال الأسابيع القادمة.
التدخل والتأثير الإيراني يتزايد في إقليم "كردستان العراق" وكذلك بالنسبة للتواجد العسكري والاقتصادي التركي بشكل يومي في الإقليم، وهذا الأمر يتطلب من الدول الخليجية زيادة وجودها الدبلوماسي ونشاطها الاقتصادي والثقافي لإحداث نوع من التوازن مع قوى الإقليم.