يرى الناشط السياسي البلوشي محراب سارجوف أن الفوضى العارمة التي يشهدها العالم ساعدت النظام الفارسي في ايران بتوسيع نفوذه، واحتلال الشعوب غير الفارسية، وبسط سيطرته عليها بالقمع والاستبداد، ويعتبر سارجوف أن سكوت الدول العظمى بسبب عدم تعرض مصالحها لأي ضرر، ولخدمة مصالحها فلا مانع من إطلاق يد نظام الملالي للعبث في المنطقة.
واعتبر سارجوف من مقر إقامته في لندن ان حركات النضال البلوشية تركز على طرد المحتل الفارسي والتحرر من حالة الاستعباد والاستبداد التي فرضها المحتل الفارسي، وأكد أن الشعب البلوشي يفتقد لجميع مقومات الحياة.
بداية.. بودنا تسليط الضوء على آخر مستجدات القضية البلوشية من داخل بلوشستان؟
- يتعرض البلوش في إيران لتمييز منظم بشكل رسمي وغير رسمي يستهدف كافة ابناء الشعب البلوشي منذ بداية الاحتلال الفارسي عام 1928، ومن ذاك الحين كبلوش لا يسمح لنا باستخدام اللغة وممارسة ديننا وإحياء ثقافتنا وتاريخنا، ويمارس المحتل الفارسي التمييز ضد البلوش ويعمل على إذلالهم وطمس هويتهم.
ويرى الشعب البلوشي أهمية حصوله على حقوقه وحمايتها من قبلنا ليس من قبل الآخرين والسبيل الوحيد لحفظ كرامتنا هو تحرير الأراضي البلوشية.
ما سبب غياب حضور القضية البلوشية على وسائل الإعلام برأيك كناشط سياسي بلوشي؟
وسائل الإعلام ليست مؤسسات مستقلة، وجميعها تنتمي إلى دول أو شركات خاصة تمول من دول أيضا، وظلت وسائل الإعلام الخاصة بعيدة عن قضيتنا حتى عن الأوساط الدبلوماسية والأكاديمية، واستمرار هذا التغييب يأتي لخدمة مصالح ما تسمى بالقوى العظمى، وقد نجح الاحتلال الفارسي باستغلال النزاع الدولي والسيطرة على الإقليم وأقاليم أخرى.
فتجد أن بلدا يبلغ عدد سكانه أقل من نصف مليون نسمة عضو في الأمم المتحدة ولديه الحق بالتصويت في الجمعية العامة والمجالس الأخرى وتقرر مصير 25-35 مليون بلوشي شتتهم الاحتلال إلى أطراف مختلفة من العالم.
وفي ظل الفوضى والمصالح أصبحت كل دولة تحمي مصلحتها الوطنية، وكان نظام الملالي وما زال يتعامل بعدوانية في جميع الأحوال، فها هو يستخدم العدوان العسكري ضدنا داخليا والنفوذ الدبلوماسي والاقتصادي خارجيا لإسكات أنصار القضية البلوشية.
العرب لديهم وسائل إعلام نابضة بالحياة تخدمهم، وأعتبر أن عليهم مسؤولية عالية لتسليط الأضواء على قضية الشعب البلوشي الرازح تحت الاحتلال منذ عقود.
دعنا نسلط الضوء أكثر على إقليم بلوشستان من الداخل؟
-سأحدثك عن بلوشستان الغربية والمحتل من قبل النظام الفارسي وخصوصا عن البلوش. فهم يرجعون إلى العرق البلوشي والمذهب السني، يرزح هذا الشعب تحت الاحتلال الشيعي الصفوي منذ عام 1928 كما بينت، ويمارس هذا النظام القوة القسرية لإخضاع الشعب البلوشي، ونعاني كبلوش من التمييز العرقي وفقد مقومات الحياة والكرامة والحرية بالإضافة إلى انعدام الأمن بشكل كامل حيث يمارس أفراد النظام الصفوي الاغتيالات بشكل مستمر والمشانق الجماعية تنصب في الأماكن العامة، ويستهدفون النخب البلوشية كالقضاة وأهل العلم إضافة إلى عامة الناس وذلك لإذلال وإرهاب البلوش لغرس اليأس في نفوسهم وإجبارهم للخضوع.
القومية البلوشية هي قومية تختلف عن الفارسية من حيث اللغة والمعتقد الديني والثقافة، وعلى هذه الأسس يتم التمييز، ناهيك عن أن معظم المدن فيما يسمى بإيران تفتقر إلى أماكن عبادة للمسلم السني، ويعتبر المسؤولون الإيرانيون أن بلوشستان يجب تبقى في الجزء السفلي من الهرم الاجتماعي الإيراني.
البلوش يتكونون من مجموعتين الأغلبية السنية في سيستان البلوشية والاقلية الشيعية في مهرستان في بلوشستان المهاجرين منذ عام 1904، تم جلبهم إلى سيستان؛ وذلك للحد من أغلبية السنية في منطقة حوض سيستان الغرض العسكري والسياسي، والإقليم يدار اليوم من قبل هذه الأقلية.
البلوش ليس لديهم تمثيل في المحافظات الأربع الأخرى، حيث تم دمج أراضيهم 1928 وهيمنة الحكم الصفوي، وبرعاية الدولة، زرعت الفتن بين ابناء الشعب البلوشي، والسلطات القضائية والاقتصادية والعسكرية جميعها تسيطر عليها الأغلبية المهرستانية.
ويدار الإقليم بطريقة الحكم التيوقراطي، حيث انه يعتمد على القمع، ونقل الصراع من بلوشستان وكردستان إلى دول المنطقة برعاية نظام الملالي.
وقد استفادت الأقلية الصفوية في بلوشستان من بنية الدولة لتتحكم فيها مركزياً، ومن واجبي أن أبين للعالم أن ملالي طهران يرتكبون جرائم إبادة جماعية في بلوشستان.
ما هي الحقوق التي تطالبون بها؟
-محور الحركات القومية البلوشية هو المطالبة بالتحرير من العبودية الفارسية، فلك أن تتخيل بأنه لا يوجد قانون في إيران لحماية البلوش، نضالنا يسعى للحفاظ على هويتنا وطرد المحتل الفارسي، وترك الحرية للشعب لتحديد مصيرهم والرجل المناسب لقيادتنا.
النضال الوطني البلوشي والمقاومة من أجل التحرر هما شرعيان، ويجب على القوى العظمى دعم هذا الحق بدلا من دحضه، والبلوش ينظرون إلى الحصول على حقهم التاريخي في أرضهم كأمة حرة مستقلة في وطن مستقل وحر.
هل ترى أن النظام الفارسي يمارس هذه الوحشية مع جميع القوميات في الأراضي التي يسيطر عليها؟
-النظام الإيراني لم يلتزم يوماً بحماية المساواة والدفاع عن حقوق ابناء العرقيات، ويدار من قبل طرف واحد، وكما تعلم ذلك النظام يتبنى أفكارا ثورية وطبيعة هذه الأنظمة تركز على شريحة واحدة وترفض الباقي، ولا يتم تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية.
تنشط الدبلوماسية الإيرانية في اتجاهات عدة، هل تعتمد دبلوماسيتهم على لغة سياسية واحدة؟ بمعنى أنه هل تتعامل مع دول منطقة الشرق الأوسط ودول الاتحاد الأوروبي مثلا بنفس الحدة؟
-أفضل تشبيه للنظام الصفوي هو الكنيسة الكاثوليكية، فالمرشد الأعلى للثورة يقوم بنفس دور البابا في الكنيسة، ويتم استغلال هذا في بسط النفوذ في دول أخرى كما نرى الآن في العراق ولبنان مثلا من خلال تبني الشعارات الشيعية، ونرى أن نسبة كبيرة من الشيعة في كل مكان يدفعون الضريبة الدينية أو مايسمى بـ«الخمس» الذي يذهب إلى المرشد الأعلى سواء في قم أو كربلاء، وإيران كدولة لو فصلنا المذهب الشيعي عنها ستكون دولة فقيرة جدا، فنسبة كبيرة من الأموال التي تتصرف بها هي من ضريبة (الخمس) وتصرف بأوامر من المرشد الأعلى، وإيران تلعب على أوتار عدة مختلفة في سياستها الخارجية، فنرى أنها تتبع إسلوبا مختلفا مع دول الاتحاد الأوروبي، وهذا الاسلوب أقرب إلى التهدئة والمسايسة، واسلوب آخر مع الدول الجارة، وهذا ديدنهم حتى في السياسة الداخلية التي تتبع فيها أساليب مختلفة حسب الطرف الآخر.
هل ترى أن الاتفاق النووي 5+1 يزيد من نفوذ إيران في العراق وسوريا ولبنان؟
-ليس في سوريا. وأنا أرى أن إيران وروسيا سيخسران سوريا عاجلاً أم آجلا وستتبعها خسارة أكبر في لبنان، وأعتقد أن رهانهم سيكون على العراق ودول أخرى. بالإضافة إلى أن محاولاتها لبسط النفوذ في تركيا لن تنجح، وسيستمر نظام الملالي بحربه ضد العرب وذلك لأنها لا تكلفه كثيرا.
على الرغم من أن السياسة الداخلية في إيران يسيطر عليها حزبا المحافظين والإصلاحيين والذين تختلف مبادئهم وشعاراتهم، إلا أنه وبعد وصول أي من الحزبين إلى سدة الحكم تكون النتيجة واحدة فيما يتعلق بأوضاع القوميات التي تقع تحت الاحتلال، أين هي تلك الشعارات؟.
لا يوجد أحزاب سياسية في داخل إيران. المحافظون والإصلاحيون هم جزء من تنظيم الحرس الثوري الإرهابي، واستخدام كلمة إصلاحيين هو كذب من قبل المرشد الأعلى لإقناع الغرب بأن هناك ديمقراطية وإصلاح في الداخل، ولا أرى أي فائدة من إيجاد دستور داخلي وذلك لأن التاريخ يشهد بأن الإيرانيين لا يحكمهم إلا نظام مستبد ومن خلال دعم التطرف والإرهاب.