جمعت خمسة أساليب في هذا المقال في تحويل مرحلة المراهقة إلى صداقة مع الوالدين، لأن مرحلة المراهقة مرحلة حرجة وقد يخسر الآباء والأمهات أبناءهم بسوء معاملتهم أو عدم فهم طبيعة التغيرات التي تطرأ عليهم، وأول أسلوب لكسب المراهقين هو أن (نحاورهم ونستشيرهم) فإذا تحدث المراهق بموضوع طويل نستمر في الحوار معه، لأنه في هذه المرحلة يحب كثرة الكلام وضرب الأمثلة واستخدام ألفاظ غريبة للإقناع بوجهة نظره، فإذا رفع صوته أو توتر أثناء الحديث، ففي هذه الحالة لا نغضب عليه أو نقطع حواره وإنما نعلمه الأدب في الحوار وأن يعبر عن رأيه بالكلام بدل العصبية لأننا نتحاور معه ونستمع له، ونضيف على ذلك بأن نأخذ رأيه ونتشاور معه في الأشياء التي نرغب بشرائها أو التخطيط للإجازة أو عند شراء أثاث المنزل أوعمل بعض الإصلاحات، فإن أخذ رأيه يجعله يشعر بأنه مهم ويساعد في تقوية العلاقة معه.
والأسلوب الثاني هو (الاستماع وعدم توجيه النقد السريع)، فإذا تكلم نستمع له ولو كان الكلام الذي يتحدث به لا يناسبنا ولا يعجبنا أو فيه أخطاء سلوكية أو دينية، فالاستماع له يعطيه شعورا بالأهمية وأن أفكاره غير مهملة أو تافهة، ثم نطلب منه أن يسمعنا مثلما استمعنا إليه إذا تحدثنا معه ، وإذا تحدث بأمر لا يعجبنا فلا نستعجل بالنقد ورفض ما يقول، بل نحاوره أولا ثم نبين له خطأ أفكاره، والأسلوب الثالث هو (اللعب ومشاركته باهتماماته) وهي أن نلعب معه بالألعاب التي يحبها فنشاركه هواياته سواء كانت ألعابا الكترونية أو تربية الحيوانات أو رسم لوحات فنية أو القراءة، وغيرها من الهوايات والألعاب، فيشعر بأننا معه ونحبه، وأن فارق السن لا يؤثر على العلاقة الوالدية فنكسر العلاقة الرسمية والتوجيهية بهذه الأساليب.
والأسلوب الرابع هو (التعبير عن الحب) من خلال التعبير اللفظي فنكرر عليه بين فترة وأخرى بأننا نحبه ونشتاق إليه، أو التعبير من خلال الهدايا والعطايا والاحتضان والقبلة، وقد يلاحظ الآباء والأمهات أن الصبي يختلف عن البنت في مسألة التعبير عن الحب ، فالبنت تفرح عند سماع الكلام العاطفي وتبادل نفس الشعور، أما الصبي ففي الغالب يصمت وقت التعبير عن الحب، أو أنه يتخشب وقت الاحتضان وهذا أمر طبيعي في عالم الذكور، ومع هذا علينا أن نستمر بالتعبير عن الحب.
والأسلوب الخامس والأخير هو (غرس الإيمان ومحبة الله ورسوله) ونقصد فيه الاستمرار في تقوية علاقته بالله ورسوله، لأن بعض المراهقين في هذه الفترة يضعف حرصهم على الصلاة وتطبيق السنن مثلما يضعف حرصهم على الدراسة، فلا يتأفف الوالدان من الاستمرار في تذكيرهم وتشجيعهم على الحرص بطاعة الله وعبادته.
فهذه خمسة أساليب ذهبية تقوي علاقة المراهق بالوالدين وتحول العلاقة لعلاقة صداقة، وقد أخذتها من آية قرآنية وحديث نبوي شريف، فأما الآية فلاحظ معي حوار إبراهيم عليه السلام مع ابنه وهو في سن المراهقة: (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ )، فقد أخذ الأب رأي ابنه المراهق وشاوره في موضوع خطير وهو الذبح وهو أمر رباني يفترض أن لا يأخذ رأيه فيه، ثم استمع لوجهة نظره، فلولا المحبة وعلاقة الصداقة بينهما ما وصلا لهذه النتيجة وأكرمهما الله بفداء الكبش.
وأما الحديث النبوي ففي قصة الشاب الذي جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه بالزنا، فحاوره النبي بعدما استمع له، وقال له : أترضاه لأمك وابنتك وخالتك ؟ وهو يجيب : لا لا لا ، فرد عليه النبي كذلك الناس لا يرضونه لهم، ثم دعا له ووضع يده على صدره وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، فصار الزنا أكره شيء لنفسه لأن النبي استمع لكلامه المخالف للشرع واحترمه وقدره وحاوره ثم عبر له بتعبيرات الحب مثل لمس الصدر والدعاء له فكانت النتيجة الرضا والطاعة، وهكذا نحول المراهقة لصداقة.