مع انخفاض معدلات الاستجابة إلى ما دون 10 بالمائة، تعتبر استطلاعات الرأي العام غير موثوقة على نحو متزايد. لكن ربما حتى ما هو أكثر إثارة للاهتمام هو أن نفس الظاهرة تعيق الدراسات الاستقصائية المستخدمة لأغراض الإحصاءات الحكومية الرسمية، بما في ذلك المسح السكاني الحالي، والدراسة الاستقصائية للدخل، والمشاركة في البرامج، والإحصاء الاجتماعي للمدن الأمريكية. تستخدم تلك البيانات في مجموعة واسعة من الإحصائيات الاقتصادية - على سبيل المثال، الأرقام التي تقرأها في الصحف عن البطالة، والتأمين الصحي والتضخم والفقر.
تؤكد مقالة نشرت في العدد الأخير من مجلة الآفاق الاقتصادية على التراجع المقلق في مستوى البيانات الصادرة عن تلك الدراسات الاستقصائية. لنأخذ استبيان النفقات الاستهلاكية، التي تلعب دورا حاسما في بناء مؤشر الأسعار الاستهلاكية. في منتصف وأواخر الثمانينيات، أقل من 15 بالمائة من الأسر التي تم التواصل معها لأغراض الدراسة، فشلت في الاستجابة. بحلول عام 2013، ارتفع معدل عدم الاستجابة إلى أكثر من 33 بالمائة. من المرجح أن يكون التفسير هو أن العائلات بشكل متزايد أخذت تنظر إلى الاستبيانات، سواء عن طريق مؤسسات استطلاعات الرأي السياسي أو المسؤولين الحكوميين، على أنها مضيعة للوقت بشكل كبير، ومزعجة وتشكل تدخلا في الخصوصية.
من الممكن تصحيح هذا النقص المتزايد في المشاركة في هذه الدراسات عن طريق ضبط الأوزان التي تعطى للأسر التي تستجيب بالفعل. لسوء الحظ، يعتبر نقص المشاركة مجرد جزء صغير من الأزمة المتنامية في الدراسات التي تتعلق بالأسر المعيشية. وهنالك مشكلة أكبر بكثير تنبع من الإجابات للأسئلة التي يتم طرحها. إذ أن كثيرا من الإجابات تكون مفقودة ببساطة، سواء بسبب رفض العائلة الإجابة أو بسبب فشل الشخص الذي يجري المقابلة في تسجيل الإجابة.
ومن ثم غالبا ما تقوم وكالات الإحصاءات الحكومية أن تنسب الإجابات بشكل جزافي، عن طريق استخدام التقنيات الإحصائية لتخمين ما تعتمد عليه الإجابة بالنسبة لردود عائلات أخرى مماثلة.
المثال على ذلك يشمل المسح السكاني الحالي، المستخدم لعدة أغراض، بما في ذلك كمقياس لدخل الأسرة المعيشية والفقر. أكثر من ثلث الأموال التي سُجِّلت على أنها دفعات تلقتها الأسر من الضمان الاجتماعي في هذه الدراسة تم تقديرها جزافا، وحوالي ربع الأموال المسجلة كمساعدات مؤقتة للعائلات المحتاجة، التي تعرف بالرعاية، تم تقديرها بالمثل. بصورة عامة كانت هذه المعدلات التقديرية تزداد مع مرور الوقت.
كل هذا يمكن أن يكون على ما يرام لو كانت المعدلات التقديرية موثوقة إلى حد كبير. ومن غير المفاجئ، لم تكن هذه هي الحال على الأغلب. يقارن المؤلفون المبالغ المذكورة في الدراسات الاستقصائية (بما في ذلك المبالغ التقديرية) مقابل البيانات الإدارية استنادا إلى البرامج المختلفة التي تبين المبالغ التي أرسلت بالفعل إلى الأسر. بالنسبة لبرنامج المساعدات المؤقتة للعائلات الفقيرة، تشير التقديرات إلى أن نصف أو أقل من نصف المنافع المقدمة يتم اكتشافها من خلال الاستبيانات الرسمية. بالنسبة لكوبونات الطعام (أي البطاقات التموينية)، عادة ما يتم تقليل أرقام المبالغ بنسبة 30 بالمائة أو أكثر. بالنسبة للضمان الاجتماعي، يكون التحيز أقل، لكن لا يزال يمكن أن يتراوح من 5 إلى 30 بالمائة في الاستبيانات الرئيسية.
تزايدت تلك الأخطاء مع مرور الوقت، في الوقت الذي تدهورت فيه نوعية الدراسة الاستقصائية. كما أن أثرها كبير: وفقا للمؤلفين، قد يعمل تعديل الأرقام بحسب تلك الفجوات على خفض معدل الفقر الكلي بأكثر من 2 نقطة مئوية ومعدل الفقر للأمهات العازبات بأكثر من 10 نقاط مئوية. وهذا، بدوره، يشير إلى أن صناع السياسة يستندون في قراراتهم على بيانات تكون مختلفة فعليا عما يحدث في العالم الحقيقي.
إذن، ما العمل؟ هنالك 3 خطوات قد تكون مفيدة. الأولى هي المزيد من الربط السريع بين السجلات الإدارية وبيانات الاستبيانات، والمساعدة في تصحيح التحيز في الاستبيانات. أما الخطوة الثانية فهي استكشاف طرق جديدة للتوفيق بين قواعد البيانات الضخمة التي يتم جمعها في القطاع الخاص مع البيانات الرسمية.
العنصر الأخير هو حماية التمويل المقدم للاستقصاءات الرسمية، والسماح ببذل المزيد من الجهود لخفض الأخطاء في القياس. على سبيل المثال، طلبت حكومة باراك أوباما ميزانية إضافية من أجل استئناف عمليات المتابعة للبيانات غير المكتملة التي خلفها المستجيبون الذين خضعوا للدراسة الاستقصائية للمجتمع الأمريكي. عندما تم إلغاء التمويل لعمليات المتابعة تلك في عام 2013، ارتفع معدل البيانات المفقودة من 5.5 بالمائة إلى 8.5 بالمائة.
بدلا من إعادة التمويل المذكور، تشريعات لجنة المخصصات في مجلس النواب لعام 2016 قررت خفض التمويل الإجمالي للاستبيان (وأيضا للتعداد الذي يجري كل 10 سنوات، الذي يستند إليه الاستبيان). إن التركيز على صغائر الأمور وعدم الاكتراث بالأمور المهمة سيؤدي فقط إلى ظهور بيانات غير موثوقة على نحو متزايد - وتطبيق سياسة أسوأ.