من محاسن الكتابة في الصحف الرسمية وجود مسؤول للرأي ورئيس للتحرير، لا يمكن أن تنشر كلمة مما تكتبه فيها إلا بعد أن تمر على مجهريهما الدقيقين، وبعد ذلك يتم التنسيق معك؛ لتصويب ما زلّ به قلمك إن كان قد زل، أو توضيح ما يمكن أن يُفسّر بما يضر ولا ينفع!
هذه الحسنة لا توجد في مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك أصبح الكل يغرد بما شاء وقتما شاء، وبدأنا نظهر على حقيقتنا المجردة من كل شيء، فتغريدات «تويتر» و«مقاطع الانستغرام» و«السناب» هي مغراف لما في القلوب وانعكاس للتربية، وكل إنسان بما لديه يغرد!
وبالتالي أصبحنا نرى تغريدات لا تليق من أناس ينسبون إلى الثقافة والأدب، ولكنهم أستُفزوا فانقادوا، ولحظة الاستفزاز هي اللحظة الفارقة بين الصدق والادعاء، فلم يصفها الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم بالشجاعة عبثاً «ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»!
أردت أن أورد نماذج لتغريدات لا تليق من اسماء صريحة ومؤثرة، بل وتقود الرأي العام، فلم أستطع إيرادها لشدة انحطاطها، وهي موجودة بل ومصورة، فهناك متطوعون يصورون كل ما تقوله حتى ولو حذفته، أو اعتذرت بالعذر الشهير: سُرق حسابي واستعدته!
من مشاهدات مواقع التواصل التي لا تليق، الضرب بالعدل عرض الحائط من أناس يطالبون بالعدل، فإذا رأيت البعض يشنّع على المخطئ ويطالب بمحاسبته فاعلم أن المخطئ أحد خصومه، وإذا بدأ في التبرير وتهوين الأمر وأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فاعلم أن المخطئ من جماعته.
لا أطالب بإغلاق «تويتر»، فللطائر الأزرق فضل كبير علينا، ولكني أطالب بالتعامل مع أخطاء الأسماء الشهيرة على حسب ما تناله من إيجابيات شهرتها، مناصحة ومحاسبة، فهي لم تعد تمثّل نفسها،
كما أقترح أن تراقب الوسائل الإعلامية والجهات التي يتبع لها هؤلاء المشاهير معرفات كتّابها والمحسوبين عليها، وتحاسبهم على أخطائهم كما تحاسبهم على أخطائهم بين جنباتها، فهم رجالها في كل مكان، وكل نجاح لهم هو نجاح لها وزيادة لقرائها ومتابعيها، والعكس بالعكس. أما آلية جلب الجماهيرية الحالي فهو لعب بالنار على المستوى الشخصي والمؤسساتي والوطني، وقد أحرق ويحرق الكثير!