يحكى أن تاجرا من زمن الراديو قرر أن يدخل زمن تويتر، ولسبب مجهول، قرر أن يعلق على حال.. لا يعنيه بأي شكل من الأشكال. فكان أن اتهم الناس بأنهم «مدللين».. على مدى سنوات تتجاوز الأربعين، وربما الخمسين! ولسوء الطالع.. غاب عن ذهن التاجر أن تويتر مسكون بـ"رجل الشارع"، فكان أن "هشتقه" الناس في زمن حساس.. وقالوا: ما أدراك أنت يا صاحب المال والجاه بعناء الناس من أوله إلى منتهاه؟
هذه هي القصة باختصار، وهي بالمناسبة مصير كل من سيخطئ في التواجد على شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن من وجهة نظر إعلامية مجردة لا تزال حفنة من الأسئلة مطروحة؛ إثر تكرار هذا الظهور من بعض الأثرياء، وبالشكل الذي يدفع إلى تعميق الفجوة وإثارة الناس. سأوجز في التالي حاجة بعض الأثرياء والوجهاء إلى التروي تبعاً لأسباب وجيهة، ومن المفترض أن تكون راسخة في عقولهم التي يعشق مستشاروهم تصويرها في المنابر والمحافل على أنها عقول مشغولة بالـ"ريادة"!
أولاً: الحكومة يا عزيزي تؤكد دوماً على سعيها الدؤوب إلى تحقيق الرفاه للمواطن والمقيم، ورفاه الناس لا يسمى "دلع" بل أولوية عند الحكومات التي تفاخر بنموها الاقتصادي، فهل هذا صعب الهضم على بعض التجار؟
ثانياً: هناك قائمة سنوية لأكثر الدول رفاها (تدليع ولكن بلغة اقتصادية)، وتتسابق فيها الدول الاسكندنافية مع عدد من دول الغرب، فهل من الخطأ أن نحجز موقعنا في هـذا السباق مستقبلاً؟
ثالثا: الاستشهاد بدبي، دانة الإمارات العربية الشقيقة، ورغبتك في أن نتخذها مثالا، هو أمر لا يفترض بمستثمر "كبير" أن يخوض فيه، فالتجار والمستثمرون لهم اليد الطولى فيما وصلت إليه دبي الغالية من نجاحات تلو نجاحات. فهل يحق لنا أن نتساءل: ما الذي قدمه الكثير من التجار إلى مدننا الغالية؟
رابعا: النجاح التجاري لأحدهم لا يقتضي بالضرورة أنه قادر على الخوض في البعد الاجتماعي واقتصاديات العموم.. وتحليل أوضاع الناس بل والسخرية منها! والعارفون ببواطن الأمور يعلمون أن هناك تجاراً نجحوا بالصدفة، ومنهم من نجح بالفرصة.. ومنهم من نجح بسبب مرحلة!
رفقاً بالناس يا معشر التجار، فهناك من يناضل نهاراً وليلاً لكي يسعد أسرته، ولكي يحقق ما يراه نجاحاً بمقاييس المكافحين الأبطال.. ولكي يترك لبناته وأبنائه من بعده ما يكفيهم، على الأقل، عذابات وشقاء السؤال.