عودنا الاتحاد في مواقف كثيرة على تحويل الضعف إلى قوة والخسارة لانتصار مبهر، وهذه الصورة المشرقة وجدنا عليها كتيبة النمور في أمسية الجوهرة المشعة أمس الأول بعطايا اتحادية لم نعتد عليها في ملاعبنا، فقد كانت تلك الصورة تسر العين مع اول إطلالة آسيوية. ما بين الماضي الجميل والحاضر الأنيق يكتب الاتحاد فصول روايته الجديدة التي يغلب عليها طابع التحدي والتغلب على الصعاب، وكما أخبرنا المثل "الجواب يبان من عنوانه" وعنوان الاتحاد أمام الوحدات كان القوة والصلابة من أجل تحقيق معادلة صعبة جدا، لكن الاتحاديين عودونا على الخروج عن المألوف (آسيويا)، لاسيما في ظل النبض المتدفق من المدرج، وروعة إحساس تعزف بالحق، وصوت يغرد أجمل من كل الأغاني والأناشيد. فإبداع الجماهير الاتحادية رسم وعياً جديداً في المدرج الرياضي، ونبلاً مشاعريا جعل الجميع يغرد بأن جماهير الاتحاد ليس لها حل وضربت أروع الامثلة بحضور لامس 60 ألف متفرج. عندما يلعب الاتحاد، قد لا تجد في بعض الأحيان- وهي حالات نادرة- متعة داخل المستطيل الأخضر، وهو ما كان عليه حال النمور أمام الوحدات في مباراة الملحق الاسيوي، لكن من المستحيل ألا تجد متعة تطرب لها من على المدرج، وفي جميع مناطق المملكة وليس عروس البحر الأحمر فقط.
المدرج الاتحادي هو الذي لا تفارقه حياة الفرح بأهازيج يطرب لها الخصم والمحايد والمحب، وإذا اكتمل لحن عميد الأندية ما بين المستطيل الأخضر والمدرج، فانك تحتار في أيهما الأجمل والأفضل.
يحق لكل منسوبي هذا النادي الثمانيني أن يفخروا ويفاخروا بمدرجهم الذي أصبح علامة فارقة في الملاعب السعودية والخليجية والعربية، ويكفي أنه صدر أهازيجه للمدرجات الخليجية عندما تؤازر فرقها أو منتخباتها، والكثير من الأهازيج التي نسمعها في ملاعبنا المحلية والخليجية هي ماركة اتحادية مسجلة بامتياز.
لقد أصبح جمهور الاتحاد إضاءة في رياضة الوطن، وصاحب أولويات سيحفظها له التاريخ، ليكون هذا الجمهور في مقدمة الصفوف، جمهور الاتحاد ظاهرة في الحب والهيام، عشق لكيانهم يتوارثه المنتمون له من جد لأب لابن لحفيد، في منظومة لا تعترف بالإنجاز أو الإخفاق، ومعادلتهم مع ناديهم هي السباحة في عمق التاريخ. جمهور العميد لغة جميلة على المدرج، فيها كلمات تحمل معنى كبيرا، وحروفا تتناغم، وأمواجا تتراقص، وجماعية أداء كأنك تشاهد سركا، وفرقة موسيقية محترفة.الاتحاد له في بورصة القلوب رقم صعب في عدده وتميزه ووفائه، فجمهور الاتحاد مختلف الأطياف، فهو نادي الأغنياء والفقراء والمترفين والبسطاء.
الاتحاد عشق بالوراثة يتناقله الأجيال من جد لأب لابن لحفيد، وقلما نجده في منظومة الأندية الأخرى مهما علت شعبيتها وبطولاتها وإنجازاتها، ولم تتغير تلك الصورة مع تطور الزمن إلا نقاء في حب لا يتبدل وسلاح الاتحاد في مواجهة العواصف والرياح مهما كانت عاتية هو العشق الذي يصل بالمحب لحد الهيام، فحتى الثمانيني منهم بكل ما يملكه من مليارات نجد توهجه في العشق كما الصبي الذي للتو قد رضع هذا الحب من أسرته وحارته، فالهيام لدى الاتحاديين لا يخفت مع تقدم الزمن، ولا يتبدل مع المليارات والملايين، ولا يختلف في قلب صغير أو كبير.الاتحاد باختصار رواية عشق عفوية في فكرتها، وبسيطة في منهجها، وسهلة في تداولها؛ لأنها تخرج من البيت والحارة وتتمدد إلى أقصى مدى.