عندما تخاطب رئيسة الاحتياطي الفيدرالي المشرعين هذا الأسبوع في واشنطن، سيتعين عليها الحرص على الموازنة بين الظهور بمظهر الواثقة بالاقتصاد المحلي والإقرار بالمخاطر المتزايدة من الخارج. بعد مرور أسبوعين على إشارة المسؤولين إلى أن أسعار الفائدة ربما ترتفع ببطء أكبر مما كان متوقعا مسبقا، سيحاول خبراء الاقتصاد والمستثمرون قياس مدى استعداد ييلين لتأخير التشديد في اجتماع شهر آذار (مارس).
مع تسبب اضطراب السوق المالية بحالة من عدم اليقين حول التوقعات المستقبلية، ومع تثبيط أسعار الطاقة للتضخم، واستعداد البنك المركزي الأوروبي لدفعة حوافز ربما تدعم الدولار، انخفضت احتمالية تتضمنها السوق بحدوث زيادة في الأسعار الشهر القادم إلى نسبة 10 بالمائة من أكثر من 50 بالمائة في بداية العام. وقد حذر صناع السياسة، بمن فيهم نائب رئيس مجلس الإدارة ستانلي فيشر، من أن الوقت لا يزال مبكرا جدا لتحديد الخطوة التالية.
قال ثوماس كوستيرج، خبير اقتصادي أمريكي أول في بنك ستاندرد تشارترد في نيويورك: «لا أعتقد أنه ينبغي علينا توقع أن تقوم ييلين بالاعتماد على حدوث ارتفاع في شهر آذار (مارس). ربما تركز على ايجابيات الاقتصاد الأمريكي، لا سيما سوق العمل التي ما زالت قوية. بالتطلع قدما، ربما تبدو أكثر حذرا، ومن المرجح أن تسلط الضوء على أن السلبيات تأتي في معظمها من الخارج وأن البنك المركزي يراقب الصورة العالمية عن كثب».
من المقرر أن تمثل ييلين أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب وسوف تخاطب اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ في يوم الخميس. وسوف يكون لديها الدليل لدعم وتأييد رأي الاحتياطي الفيدرالي بأن سوق العمل الأمريكية لا تزال صلبة وأن الأجور تظهر دلائل على الارتفاع.
خفف المسؤولون من موقفهم منذ أن رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في ديسمبر للمرة الأولى خلال عقد من الزمان تقريبا وأصدروا توقعات تشير إلى أن متوسط تقديرات المسؤولين توقعت حدوث تشديد في السياسات بمقدار نقطة مئوية واحدة في عام 2016، ربما انتشرت خلال ما يزيد على أربعة ارتفاعات مقدار كل منها ربع نقطة مئوية.
تباطأ النمو الاقتصادي الأمريكي خلال الفصل الرابع لأن الشركات خفضت الاستثمارات، ما زاد من المخاوف بأن التجارة العالمية الضعيفة سوف تثبط أو حتى توقف واحدة من أطول فترات التوسع المستمر منذ الحرب العالمية الثانية. وأسعار النفط قريبة من أدنى مستوى لها منذ عام 2003.
في قلب هذه المخاوف المتعلقة بالاقتصاد العالمي هنالك الصين، حيث يكافح صناع السياسة مع النمو الأبطأ منذ 25 عاما، والخفض في قيمة اليوان لأدنى مستوى في خمس سنوات وبيع للأسهم تسبب بالضرر للأسواق العالمية، ما عمل على تشديد الشروط المالية من الولايات المتحدة إلى أوروبا. انخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 8 بالمائة هذا العام، في الوقت الذي خسر فيه مؤشر ستوكس أوروبا 600 بنسبة 11 بالمائة.
قال ستيفين فريدمان، خبير أول لاستراتيجيات الاستثمار في بنك بي إن بي باريبا لشركاء الاستثمار في نيويورك: «سوف تعترف ييلين بأن التشديد في الشروط المالية منذ اجتماع شهر ديسمبر كان يمكن أن يكون له أثر سلبي على توقعات النمو والتضخم. لكن طالما أنها لا تزال تشير إلى وجود تحيز لترفع أسعار الفائدة، فإن تعليقاتها من غير المحتمل أن تؤدي إلى تحسن مجد في شعور السوق».
حذر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، بمن فيهم فيشر، والمحافظ لايل برينارد ورئيس المصرف الفيدرالي في نيويورك ويليام دادلي، من أن أثر الاضطرابات في الأسواق المالية على الاقتصاد الأمريكي لا يزال غير واضح ويحتاج إلى مراقبة ورصد مكثف. قالت لوريتا ميستر، رئيسة المصرف الفيدرالي في كليفلاند، إنها تواصل توقعها بأن الاقتصاد الأمريكي سيضمن حدوث زيادات تدريجية في أسعار الفائدة.
قالت ليندسي بيجزا، كبيرة الاقتصاديين في شركة ستيفل نيكولاس، إن ييلين سوف تستخدم شهادتيها في الكونجرس للدفاع عن قرار الرفع في شهر ديسمبر وإبقاء الخيارات متاحة لشهر مارس.
قالت بيجزا: «أعتقد أنها ستبذل ما بوسعها. وسوف تقول إنهم يراقبون أسواق الأسهم والتطورات الدولية، لكنها تقول إنها تتوقع أن يواصل الاقتصاد كسب الزخم».
كانت الرواتب في القطاعات غير الزراعية الأمريكية قد ارتفعت بمقدار 228 ألف فرصة عمل شهريا في المتوسط في عام 2015 وارتفعت بمقدار 151 ألف فرصة في يناير. كما انخفضت البطالة إلى نسبة 4.9 بالمائة، وهو مستوى يعتبره الاحتياطي الفيدرالي معادلا للعمالة الكاملة. وقد ارتفع متوسط الأرباح في الساعة بأكبر مقدار في السنة - ما يعتبر أنباء جيدة بالنسبة للمسؤولين التواقين لتسارع التضخم نحو تحقيق الهدف المتمثل بنسبة 2 بالمائة.
في أوروبا، يسعى البنك المركزي الأوروبي جاهدا للحفاظ على انتعاش اقتصادي هش وقد تمسك بإمكانية الدخول في المزيد من التحفيز في وقت مبكر ربما يكون شهر مارس. إن أي خفض في أسعار الفائدة أو أي توسع في برنامج التسهيل الكمي البالغة قيمته 1.5 تريليون يورو (1.6 تريليون دولار) ربما يعمل على دفع الدولار إلى الأعلى، ما يؤدي إلى إيجاد نفس الأثر الذي يمكن أن يترتب على زيادة أسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي.
تعلن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن قرارها القادم المتعلق بالسياسات في السادس عشر من مارس، بعد ستة أيام من إعلان البنك المركزي الأوروبي.
قالت أنيات ماركوسكا، كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في بنك سوسيته جنرال في نيويورك: «في النهاية، سوف يؤول الأمر إلى الأوضاع المالية، ما يعني أنهم لن يعرفوا أي شيء حتى قبل الاجتماع مباشرة».
ربما تدعم البيانات الاقتصادية حدوث ارتفاع في الأسعار في شهر مارس، بحسب ما قالت. «السؤال هو: هل ستسمح الأسواق لهم بذلك؟».