لا بدّ في فترة ما أن يختبر الناس أنفسهم فيما يعيشونه من فجيعة، أو كمد، أو قهر، أو خسارات فادحة، أو خيانة، أو مرض مفاجئ، أو موت حبيب. ويعتبر الحزن جزءاً حقيقياً من نسيج الحياة وقسوتها ودورانها السريع. حيث تمرّ الروح بفترة تحوّل؛ نتيجة محاولاتها تحمّل الألم والهجر والمعاناة، عندما لا تعود الحياة كما نعرفها، ونعتقد أنّ الدنيا قد انتهت، وأننا لن نعرف الحب أو الأمان مجددًا، الأمر الذي قد يتسبّب في كسر قلوبنا وفطرها وانشطارها أيضاً. أمّا عددُ ضحايا الحزن العميق الذي يتبع رحيلَ الحبيبِ في موتٍ أو فراق، فهو أكبرُ بكثير ممّا نظن، على الأقل هذا هو رأي الطبِّ الحديث، حيث تتكرر كثيراً الحالات التي يموت فيها الشريك الثاني بعد فترة وجيزة من وفاة الزوجة أو الزوج، ويرجع البعض ذلك إلى شدة تعلّق الشريكين ببعضهما البعض، وهو ما تؤكده الكثير من الدراسات العلمية، فوفقا لما نقله موقع «فوكوس» الألماني فإن 2.5 بالمائة من المرضى المصابين بأزمة قلبية، يعانون مما يعرف بـ «متلازمة القلب المنكسر»، وهي متلازمة كان قد اكتشفها اليابانيون عام 1990م، وأطلقوا عليها اسم «tako-tsubo – تاكوتسوبو»، حيث وجدوا مرضًا يضرب عضلة القلب وبالتحديد في جهة «البطين الأيسر » الذي يأخذه الحزنُ بقوة وينهكهه ويحوّله إلى شكل مصيدة ضيّقة العنق.
هذا المرض يصيب أعماق الفؤاد، وكأننا حقًا كلّما أحببنا من الأعماق تألمت قلوبنا بشكل أعمق، مما قد يحدث الإصابة بـ «متلازمة القلب المكسور» عن طريق انقطاع (مؤقت) في وظيفة ضخّ القلب للدم، وبأعراض مخيفة جداً تظهر في صورة ضيق بالتنفس وآلام بالصدر وشعور بالغثيان.
لذا، فلا عجب أن يعتقد الأشخاص وخاصة النساء -الأكثر إصابة بهذه المتلازمة- بأنهن قد أصبن بأزمة قلبية في بادىء الأمر. إلا أن الدم يتدفق في الشرايين التاجيّة للقلب بصورة طبيعية، وليس هناك أيّ أثر لانسداد أو حتى انغلاق، غير أنه يكون هناك فقط جزء من القلب لم يعدّ يتحرك. وفي معظم الحالات يمكن للقلب أن يتعافى، إنما للأسف فإن الإصابة بهذه المتلازمة يمكن أن يكون قاتلًا.
صحيح وكما قلنا إنه لا يوجد مفرّ من التعرّض للفقدان، الانفصال، الطلاق، الخيبة، والموت؛ لكن على الأقل لنحاول ألا نوجع قلوب أحبابنا أو نفطرها بأيدينا، حتى لا تتحوّل كسرة الخاطر ببساطة.. إلى كسرة قلب.