بدأت قوى المعارضة السورية عمليات فرز للفصائل على الأرض مع حرص على التمايز عن الأكراد الذين يبدو أنهم دخلوا في تحالف مع نظام الأسد وروسيا.
وقال أبو السعود الحلبي قائد إحدى كتائب المعارضة في ريف حلب الشمالي لـ "اليوم" : إن لواء القعقاع بقيادة عبسي الطه الذي يقاتل إلى جانب قوات حماية الشعب الكردية تحت ما يسمى «جيش الثوار» أعلن حل نفسه وانفصاله عن هذا الجيش، فيما تجري الفصائل المقاتلة في حلب مشاورات لحجب الثقة عما يسمى الجبهة الشامية التي تضم لواء التوحيد سابقا ولواء عاصفة الشمال وكتائب من حلب ومارع بسبب تعاملها مع ما يسمى جيش الثوار.
وأكد الحلبي أن وحدات حماية الشعب الكردية تستخدم هذه الفصائل كغطاء لتقدمها في المناطق العربية تارة باسم جيش الثوار وأخرى باسم قوات سوريا الديمقراطية، مشيراً الى أن لواء القعقاع كان إحدى فصائل أحرار الزاوية التي تحالفت مع القوات الكردية، لكنها الآن انفصلت وانشقت عنها، فيما تحولت الجبهة الشامية إلى تشكيل هلامي وانتقلت من الخلفية الإسلامية إلى النشاط الاقتصادي والسعي للسيطرة على المعابر التي تدر دخلا وفيرا وصياغة تحالفات وفق مصالح مادية بحتة ودون ممارسة أي نشاط عسكري، مضيفاً أن هذه الجبهة ليس لديها قيادات عسكرية واضحة الآن، لكنها الوحيدة التي تستطيع عناصرها عبور مناطق الأكراد بحرية، وتتلقى منهم دعماً مادياً وعسكرياً. واعتبر الحلبي هذه الخطوة مقدمة لحدوث فرز واضح للفصائل المقاتلة على الأرض خاصة في أجواء التدخل البري المحتمل وانتقال فيلق الشام إلى ريف حلب الشمالي كنواة لتوحيد فصائل المعارضة المسلحة هناك.
ميدانياً، كثف الطيران الروسي قصفه على مختلف المناطق من درعا جنوباً إلى ريف حلب شمالاً ودير الزور شرقاً أمس، لكن اللافت - حسب مصادر "اليوم" - كان استهدافه المستشفيات، إذ استهدف مشفى أطباء بلا حدود في منطقة معرة النعمان في ريف إدلب بأربع غارات. كما استهدف مشفى الأطفال التخصصي وسط مدينة إعزاز وهو مشفى يستقبل أربعة آلاف حالة شهرياً معظمهم من الأطفال الهاربين من ريفي حلب الشرقي والشمالي، وأدى القصف إلى تدمير المشفيين بالكامل.
من جهته أكد ميجو ترزيان رئيس منظمة أطباء بلا حدود أن سبعة أشخاص قتلوا في ضربات جوية على مستشفى تدعمه المنظمة، مضيفا أنه يعتقد أن القوات الروسية أو القوات الحكومية السورية وراء الهجوم. وقال ترزيان : "حدثت سبع وفيات على الأقل بين العاملين والمرضى، واختفى ما لا يقل عن ثمانية من موظفي أطباء بلا حدود ولا نعلم ما إذا كانوا أحياء".
وأصابت أربعة صواريخ المستشفى الذي يقع قرب معرة النعمان بمحافظة إدلب في شمال سوريا، وقال ترزيان : "من الواضح أن منفذ الهجمات.. إما الحكومة أو روسيا".
من جهته أعلن رئيس الحكومة التركي أحمد داود أوغلو أمس أن بلاده لن تسمح بسقوط مدينة إعزاز السورية القريبة من الحدود التركية في أيدي مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية التي يستهدفها قصف مدفعي تركي منذ ثلاثة أيام. وقال داود أوغلو لصحفيين في طائرة كانت تقله الى أوكرانيا : "لن نسمح بسقوط اعزاز، ولا بتقدم وحدات حماية الشعب الكردية نحو غرب الفرات أو شرق (منطقة) عفرين". وطالب رئيس الوزراء التركي المقاتلين الاكراد في سوريا بالانسحاب من مطار منغ الذي سيطروا عليه الأسبوع الماضي خلال تقدمهم نحو إعزاز في محافظة حلب التي تبعد اقل من عشرة كيلومترات عن الحدود التركية.
وتابع داود أوغلو : "لا بد أن ينسحبوا من المطار، وإلا سنجعله غير صالح للاستخدام"، وقال : إن "عناصر وحدات حماية الشعب أرغموا على الابتعاد من محيط إعزاز، واذا ما اقتربوا مجددا، فسنتصرف بأشد الوسائل".
ووجه أوغلو مجددا أصابع الاتهام الى دور موسكو فاتهمها باستخدام اكراد سوريا، وقال : إن "وحدات حماية الشعب هي حاليا وبصورة واضحة بيدق ضمن المساعي الروسية التوسعية في سوريا".
كما اتهم أوغلو روسيا بالتصرف في سوريا كأنها "منظمة إرهابية" متوعدا برد قوي، وصرح داود أوغلو في مؤتمر صحفي في كييف مع نظيره الاوكراني ارسيني ياتسينيوك بقوله : "اذا واصلت روسيا التصرف كأنها منظمة إرهابية ترغم المدنيين على الفرار فسنوجه اليها ردا حاسما جدا"، حسب الترجمة الرسمية لما قاله.
وأضاف أن "روسيا وتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ارتكبا العديد من الجرائم ضد الانسانية، وهذه القضية ينبغي النظر فيها في اطار القانون الدولي". وتابع داود أوغلو : إن "النية الحقيقة لروسيا (في سوريا) هي قتل اكبر عدد من المدنيين، ودعم النظام السوري، ومواصلة الحرب".
من جهته قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في مقابلة مع قناة يورونيوز : إن أي عملية برية في سوريا ستؤدي إلى "حرب شاملة وطويلة"، وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري منذ أيام : في حال فشل خطة السلام قد يدخل المزيد من القوات الأجنبية في هذا النزاع.
وتعليقا على تصريحات كيري قال ميدفيديف : "لا داعي لإثارة ذعر أحد، نحتاج للتفاوض مثلما فعلوا مع (وزير الخارجية الروسي لافروف) وألا نتحدث عن أي خطأ أو عن أي عملية برية مع بقية الدول العربية.
لقد أجبت عن هذا السؤال وأكرر : لا أحد يريد حربا جديدة وأي عملية برية ستكون حربا شاملة وطويلة، هذا لابد أن يؤخذ في الاعتبار".