وجه الأردن ضربة استباقية لـ "خلايا نائمة"، في عملية أمنية – عسكرية ضخمة، استهدفت سلسلة خلايا تابعة لـ "تنظيم داعش"، وتتخذ في مدينة إربد، القريبة من الحدود السورية، أوكاراً لها.
وقال مصدر أمني، في تصريح لـ "اليوم": إن "قوات متخصصة مشتركة، تابعة للأجهزة الأمنية والعسكرية، نفذت مداهمة استباقية، بدأت مساء الثلاثاء وانتهت فجر الأربعاء، ضد مجموعة إرهابية، تحصنت داخل مبانٍ مأهولة بالسكان في مدينة إربد". وبين المصدر، الذي رفض الإفصاح عن اسمه، أن "عملية استخبارية، نفذها جهاز المخابرات العامة، استبقت العملية العسكرية، وأدت إلى اكتشاف خلايا إرهابية نائمة، تضم عناصر تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، اتخذت في مدينة إربد مكامن لها".
ولفت المصدر إلى أن "المعلومات الاستخبارية قادت إلى شبكة من الخلايا الإرهابية، تحصنت في أربعة مواقع بالمدينة، داخل وفي محيط مخيم إربد للاجئين"، دون أن يحدد عددها. وأشار المصدر إلى أن "معلومات متطابقة وردت إلى جهاز المخابرات تفيد بتلقي الإرهابيين تعليمات بالإعداد لهجمات متعددة في شمال الأردن، وانتظار أمر قيادة التنظيم بتنفيذها".
وقاد جهاز المخابرات العامة الأردنية العملية العسكرية، التي وصفتها مصادر أمنية بأنها "الأضخم في مواجهة عناصر إرهابية".
وشارك في العملية القوات الخاصة الأردنية، إلى جانب قوات من الدرك وقوات التدخل السريع، إضافة إلى عناصر من مكافحة الإرهاب التابعة لجهاز المخابرات، وبإسناد من الجيش، واستخدمت فيها نحو 40 آلية عسكرية، من بينها مروحيات عسكرية.
وشهدت العملية الأمنية – العسكرية، وفق المصدر، اشتباكاً بالأسلحة النارية، بين القوة المتخصصة والارهابيين، وعمليات إنزال جوي، وأسفرت عن قتلى واصابات.
وفي بيان رسمي، صدر ظهر الأربعاء، قالت دائرة المخابرات العامة: إن "عمليات متابعة استخبارية، حثيثة ودقيقة، ومنذ وقت مبكر، تمكنت من إحباط مخطط إجرامي وتخريبي مرتبط بعصابة داعش الإرهابية، كان يهدف للاعتداء على أهداف مدنية وعسكرية داخل المملكة وزعزعة الأمن الوطني".
وأشار البيان، الذي تسلمت "اليوم" نسخة عنه، أن "حصيلة العملية كانت مقتل 7 عناصر ارهابية واعتقال 13 آخرين، ارتدى أغلبهم أحزمة ناسفة خلال المواجهة، إضافة إلى ضبط كميات من الأسلحة الرشاشة والذخيرة والمتفجرات والصواعق التي كانت بحوزة عناصر المجموعة الإرهابية.
وأكدت مديرية الأمن العام الأردني "استشهاد ضابط أردني برتبة نقيب، وإصابة عسكريين آخرين خلال العملية، إضافة إلى اصابة مواطنين أردنيين بجروح".
وتجنب بيان الامن العام الحديث عن هوية المستهدفين بالعملية، مكتفياً بالإشارة إلى أنهم "خارجون عن القانون"، مبيناً أن "المعتقلين قيد التحقيق لدى الأجهزة المعنية".
ولجأت السلطات إلى قطع التيار الكهربائي من منطقة العمليات، فيما أغلقت الأجهزة الأمنية المنطقة المحيطة، وأخلت المجمعات التجارية الواقعة وسط المدينة، تحسباً لأحداث غير متوقعة.
وأفاد شهود عيان، يقطنون في منطقة العمليات، بسماعهم أصوات طلقات متواصلة من أسلحة رشاشة، إضافة إلى دوي انفجارات في منطقة العمليات، وقال شهود العيان، في روايات متطابقة لـ "اليوم"، إنهم شاهدوا "أعمدة دخان تتصاعد في المنطقة"، وهو ما عزته المصادر الأمنية إلى "استخدامها قنابل دخانية للتغطية على حركة القوة المشاركة"، نافية تنفيذ الإرهابيين عمليات تفجيرية.
وعلى ذات الصعيد، قالت سفارة خادم الحرمين الشريفين في الأردن، في بيان تسلمت "اليوم" نسخة عنه، إن "المواطنين السعوديين في الأردن، حتى اللحظة، بخير وآمنون"، وأكد البيان أن "كادر السفارة السعودية متأهب لمساعدة المواطنين السعوديين، ويتابع عن كثب الوضع المتعلق بالعملية الأمنية في مدينة اربد".
وكذلك، أكدت الملحقية الثقافية السعودية، في بيان، أن "الطلبة السعوديين بخير"، مهيبة بالطلبة الدارسين في جامعات شمال الأردن عدم الخروج من منازلهم لحين انتهاء العملية الأمنية، ودعت الملحقية الطلبة إلى "توخي الحيطة والحذر، بسبب العمليات"، داعية إياهم إلى "الاتصال على ارقام الملحقية حال حدث أي طارئ لا قدر الله"، وتضم مدينة إربد، التي تبعد عن الحدود السورية نحو 20 كم، جامعتين حكوميتين، إضافة إلى عدد من الجامعات الخاصة، ويدرس فيها مئات الطلبة السعوديين.إلى ذلك، قالت مصادر في التيار السلفي – الجهادي الأردني، الذي تنقسم تبعيته بين "تنظيم داعش" و"جبهة النصرة"، إن "العملية استهدفت عدداً من أتباعه"، ولم توضح المصادر الجهادية، التي استطلعتها "اليوم"، هوية الإرهابيين الذين استهدفتهم العملية الأمنية – العسكرية، وتحفظت على أية تفصيلات بشأنهم. ويتعرض التيار السلفي – الجهادي لحملات أمنية متتابعة في الأردن، فيما يخضع العشرات من أنصاره العائدين من جبهات القتال في سورية والعراق، لمحاكمات عسكرية في محكمة أمن الدولة، ومنذ بدء الثورة السورية انضم مئات من المتطرفين الأردنيين إلى الجماعات المتشددة المعارضة لنظام بشار الأسد.
وشهد الأردن مراراً عمليات استعراض لعناصر تابعة للتنظيم الارهابي، كان أبرزها رفع "تنظيم داعش" لأعلامه السوداء على مداخل محافظة معان الجنوبية، ما اعتبر آنذاك تحدياً لسلطات الدولة الأردنية.
ويستضيف الأردن، الذي يعد من أهم المشاركين في الحرب على "تنظيم داعش"، قرابة 1.3 مليون لاجئي سوري، فيما تعتبر مدينة إربد ثاني اكبر مدينة أردنية تستضيف السوريين.