طالما بقي المسؤولون الذين وصلوا إلى المناصب الرفيعة في الحكومة الصينية إلى الجانب الأيمن من المعارك السياسية، بحيث يمكن عموماً أن يعولوا على أمن العمل، فطردهم في منتصف مدتهم الوظيفية نتيجة للأداء الضعيف لم يحدث سابقاً. إن إعفاء "زياو جانج" من منصبه كمنظم للأوراق المالية في الصين قبل انتهاء مدته بأكثر من سنتين مسألة تلفت النظر.
وقد كان ذلك سيئاً بالنسبة لفقاعات سوق الأسهم التي انتفخت وانفجرت في السيد "زياو". وكان قد ولي منصب رئيس "هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين" في بداية عام 2013. وبدأ سباق سوق الأسهم في منتصف 2014 ثم انقلب إلى هوس قبل الانهيار في منتصف 2015 ماسحاً 5 تريليونات دولار من الثروة. والأسوأ أن بصماته كلها كانت فوق مداخل السوق عندما حلق السوق وعندما هبط.
وفي طريقه لصعود المنصب، كان قائداً بشوشاً نشيطاً. وفي الأشهر قبل الانهيار، عندما كانت الأسعار مرتفعة على نحو غير دائم، وصف السيد "زياو" السباق "كثور إصلاح" - وهذا يعني استجابةً عادلة لخطط الإصلاح الاقتصادي للحكومة، مع أنها خطط غامضة ومتزايدة فعلياً. وقد افتقد أيضاً إلى الأخطار في السوق، مجادلاً أن شراء الأسهم عالية المخاطر كان تحت السيطرة، حتى عندما تصل في الحقيقة إلى مستويات غير مسبوقة. وفي طريقه للهبوط، كان القوة الموجهة خلف تبني آلية خرق الدورة بقصد إبطاء الخسائر، وهذا أنهى استثارة هلع الشراء وكنسها.
ولأشهرٍ انتشرت الشائعات أن الزعماء فقدوا الثقة بـالسيد "زياو"، وأخذ المستثمرون هذه الإشارة إليه كـ"زياو ريكتم"، والذي يبدو مثل اسمه الحقيقي. ونقلت رويتر في الثامن عشر من يناير أنه قدّم استقالته. ومع ذلك فإن القرار الأخير لإعفائه من منصبه في هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين لا يزال مليئاً بالمخاطر بالنسبة لرئيس الوزراء "لي كيج يانج" . وحتى الآن يقف السيد "زياو" المتلعثم كحائط سد مخمد بين سوق الأسهم والسيد "لي". وفي حال عجز أكثر للسوق، فإن اللوم سينصب في تصفية المناصب العليا.
وخلف السيد "زياو" هو السيد "ليو شي يو"، الذي كان حتى وقت قريب جداً رئيساً لبنك الصين الزراعي، وهو بنك تملكه الدولة، وسابقاً كان نائب محافظ البنك المركزي. وهو يأمل بلا شك أن الأسوأ قد مضى. إن مؤشر "سي إس أي- 300" ذا حصص الشريحة الزرقاء قد فقد أكثر من 40% من قيمته منذ وصوله القمة في يونيو الماضي. ومع ذلك حتى بعد البيع بسعر بخس للأسهم منخفضة الرأسمال لا تزال تتداول تقريباً 90 مرة من مكاسب العام الماضي، التي تقترح أن التصحيح ربما لديه مدى أبعد ليجري (ضعف 40 أو ما يقارب ذلك سوف يكون معقولاً أكثر).
ماذا أكثر، لدى السيد "ليو" مهمة لا يحسد عليها لتغيير طريقة إدارة العروض العامة الأولية. لسنوات فكرت السلطات ملياً بالتغيير من نظام فيه هؤلاء المخولين فردياً إلى نظام تسجل فيه الشركات المناسبة نيتها للإدراج في قائمة. وفي السابق، تحكّم المنظمون بالشركات التي تندرج في القائمة وعند أي سعر تقريباً. وبالتالي، هذه القرارات تعطَى وفقا للسوق (بتأثير أمناء الاكتتاب، والشركات، والمستثمرين).
إن نظام التصديق معرّض للفساد بسبب سلطة المنظمين التي لا داع لها. لكن في السوق المتقلب مع الحماية القانونية الشحيحة للمستثمرين، كان الخوف هو أن ذلك التسجيل سيستغل من قبل الشركات عديمة الضمير، وبذلك يمكن أن يكون أكثر ضرراً. وقد عالج السيد "زياو" هذه المعضلة بسحب قدميه. وبذلك سيكون السيد "ليو" تحت الضغط ليتحرك بجرأة اكبر.
عن «إيكونوميست»
الأسعار في البورصة الصينية كانت مرتفعة على نحو غير دائم