نكرر أن المجتمع غير ثابت في موقفه مع المرأة، ونرى كل الرجال يفتون في حال وحياة امرأة واحدة، لذلك قبل كل هذا يجب أن نسأل، كيف ترى المرأة نفسها؟ سؤال مهم جدا قبل أن نلوم أي طرف. فليس صعبا ولا نحتاج لبراهين لنثبت أن المرأة لديها مشكلة مع نفسها قبل كل شيء، فهي لا تدري هل هي كائن مستقل وإنسان قبل أي تصنيف آخر، أم هي مكمل للحياة وضيف مؤقت على كوكب الأرض ينتظر تأييد الرجل ومباركته.
أنا كامرأة أعيش في مجتمعات نسائية بحتة وأرى هذا التذبذب بين بنات جنسي، فكثير من النساء لا يدركن ما حقوقهن، ويجهلن حقيقة دورهن في هذه الحياة، وتجهل المرأة أن أول واجباتها هي أن تعيش حياتها كإنسان مستقل يحق لها ما يحق لأي إنسان في هذا العالم، ومثلها مثل الرجل في هذا المجتمع، لهما حق الاختيار والقرار، لكن لا تزال النساء يحاربن هذه الحقيقة، وتجدها بكل سذاجة تنقل هذه الفكرة لبناتها وبنات جنسها من حولها، تقمع فيهن الذات وتحقرها لأنها امرأة، فيعتقدن وينشرن أفكارا يطمسن فيها كيانها لأجل غيرها، فحسب آرائهم فإن المرأة الحقيقية يجب أن تنصهر حتى تكون محل احترام الآخرين وتقديرهم، تتفانى حتى الموت، تعطي بلا توقف حتى تذبل وتجف، وإياها أن تعيش حياتها بلا رجل يكملها، فهذا كسرٌ لا يجبر، لا يهم نوع الرجل، المهم أنه رجل، مهما علا شأنها وازدهر، هي لا شيء يذكر مالم تكن في ظل رجل؛ الذي هو أفضل من ظل "حيطة"!.
وفي أحيان كثيرة.. يشتد الموقف أكثر فتجد أن المرأة تحارب المرأة الواعية بحقوقها وكيانها فيقاتلن لأجل أن يقنعن غيرهن من النساء بذلك، أن تكون في الأقصى، في الأخير، بعيدة تماما عن الحياة، لأنها لا شيء سوى احتمال، وشيء ثانوي! وكأن الله خلق هذا الكون وأبدع في تكوينه ليستمتع به الرجل فقط، وتعيش هي على الرفات، على الهامش، في قائمة الانتظار!
هذا هو رأيهن، وإن لم يكن بشكل صريح، سيكون مغلفا بأفكار مغرية غبية متفشية بيننا، فنسمع دائما أن من أنوثة المرأة أن تكون خانعة وخاضعة للرجل، ومن حياء المرأة أن لا تطلب حقها، وهنا مشكلة تلوين الأفكار لتُطمس حقيقتها، وتشكيلها بغير شكلها لتكون أسهل في الالتقام والمرور فتطرب الأذن لسماعها، وتدغدغ مشاعرها الحساسة، كل ذلك لأنه بالأساس هناك مشكلة في فهم الحقيقة الأولى، المرأة إنسان وشريك الرجل.
لذلك أول التحديات هو أن تفهم المرأة أنها تستحق، فهذه مسؤوليتها هي، أن تقتنع بأنها كائن كرمها الله بكل شيء جميل، وأعطاها مثل ما أعطى الرجل، ولم ينقص من حقها في أي شيء، خلق الله المرأة بصفات جسدية ونفسية، وخلق الرجل بصفات جسدية ونفسية أخرى، لذلك هما مكملان لبعضهما، يتشاركان الحياة معا، ولا صدق في أي فكرة تدعو بأن يكون أحدهما في مرتبة أعلى من الآخر، لذلك عزيزتي المرأة.. كوني.. وحاولي واجتهدي لأن تجدي مكانك الصحيح، فحقك في الحياة يجب أن لا يسلبه منك أحد، ومسؤوليتك الأولى هي أن تعيشيها كاملة لا أن تعيشي حياة مقضومة الأطراف ومشوهة الملامح فقط لأنك امرأة.