DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

أحاديث الرايات السود «2-4»

أحاديث الرايات السود «2-4»

أحاديث الرايات السود «2-4»
من مظاهر التأثير السياسي على الرواية، ما روي عن عبدالله بن مسعود قال: "أتينا رسول الله، فخرج إلينا مستبشرا يعرف السرور في وجهه فما سألناه عن شيء إلا أخبرنا به، ولا سكتنا إلا ابتدأنا حتّى مرّت فتية من بني هاشم فيهم الحسن والحسين، فلمّا رآهم التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا: يا رسول الله، ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه؟ فقال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وأنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي تطريدا وتشريدا في البلاد، حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطونه، ثمّ يسألونه فلا يعطونه، ثمّ يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون فمن أدركه منكم أو من أعقابكم، فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوا على الثلج، فإنّها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما". أخرجه الحاكم وهو ضعيف. فهذه الرواية تختم بالإشارة إلى فكرة المهدي المنتظر، وأنه من أهل البيت، ويكاد يفصح عن اسمه، أنه محمّد واسم أبيه عبدالله لقوله: (يواطئ اسمه اسمي)، ولقوله: (واسم أبيه أبي)، فهو إذا محمّد بن عبدالله، ومن أهل البيت، ويزعم أنّه المهدي المنتظر؛ فبسهولة ويسر يقال إنه محمّد بن عبدالله بن الحسن بن الحسين المعروف باسم ذي النفس الزكيّة، الّذي بايعه العبّاسيّون ومن بينهم أبو العبّاس السفّاح وأبو جعفر المنصور والشيعة كذلك. فالبحث التاريخي يظهر أنّ هذا الحديث نتاج الثورة العبّاسيّة على الأموييّن، الّتي تبلورت مع من يسمى بالتوّابين، ثمّ الكيسانيّة، وكلاهما ينتسب إلى الشيعة المطالبين بدم الحسين مع التركيز على فكرتي الاضطهاد والمنقذ الإلهي المتجسّد في خروج المهدي المنتظر. وبالرغم من بقاء فكرة المهدي المنتظر، إلا أنّه في روايات أخرى تغيبت التفصيلات الموحية باسم المهدي المشار إليه في رواية الحاكم السابقة، حيث رويت أحاديث تشيد بأصحاب الرايات السود أيضا، وتلمّح إلى العبّاسيين وأنّ المهديّ منهم، لكن غاب فيها التلميح عن ذي النفس الزكيّة وذلك لأنه خرج على بني العبّاس لاحقاً، فقتله أبو جعفر المنصور. وهذا يؤكد الأثر السياسي في تدوين السنة، فتلك الأحداث لم تترك في صيغ الحديث إلا ما يلمّع صورة العبّاسيين ويدعمهم دون تلميح لاسم المهدي، وقد روي الحديث عن ابن مسعود قال: "بينما نحن عند رسول الله إذ أقبل فتية من بني هاشم فلمّا رآهم النبي اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال: فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه. فقال: إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك ولو حبوا على الثلج". أخرجه ابن ماجه في السنن وهو ضعيف. فروى الحديث بطرق، لم يشر فيها إلى الشام؛ الذي هو مركز حكم الأمويين، ممّا يدعم أنّها عبّاسيّة من قبيل ما روي "عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: تخرج من خراسان رايات سود لا يردها شيء، حتى تنصب بإيلياء". أخرجه الترمذي في السنن وهو ضعيف. ونجد صنفا آخر من الروايات، يشير إلى مكان انطلاق الرايات السود؛ من خراسان، ويؤكّد أنّها رايات المهدي، ولكن لا يبيّن مكان وصولها، وهو ما روي: "عن ثوبان قال: قال رسول الله: إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها، فإنّ فيها خليفة الله المهدي" أخرجه أحمد في المسند وهو ضعيف. فهذه التفصيلات في الروايات المتفقة مع تغير الأحداث تؤكد ذلك التأثير السياسي في الروايات.