قال مسؤولون في المجالس البلدية وأكاديميون ومستشارون أسريون، إن سكن العمالة والعزاب وسط أحياء العائلات يفضي إلى جرائم وممارسات دخيلة وسيئة مثبتة بالأدلة والشواهد.
وأشاروا لـ«اليوم» ضمن الملف الشهري الخامس عشر «العزاب .. الملف الوطني التائه» إلى أن الأحياء التي يقطنها العمالة الوافدة خطر حقيقي من جميع النواحي الأمنية والدينية والأخلاقية والاجتماعية، في ظل التواصل بينها وبين المجتمع، خصوصا تلك المساكن القريبة من السكان وسط اختلاف العادات والتقاليد بين الطرفين.
وطالبوا بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة وضبط تنظيم سكن العزاب وفرض رقابة على المساكن التي باتت تشكل مصدر خطرٍ على الأهالي المجاورين لها، إضافة إلى كونها تشوه المظهر العام للحي السكني.
وبينوا أن سكن العمالة الوافدة مجهولة الهوية في بيوتات سكنية وفي أزقة ضيقة يعد ساحة وبيئة حاضنة للجريمة، وتهدد كل أفراد المجتمع لما تفرزه هذه العمالة من ضرر جسيم يهدد أمن الأسرة والمجتمع فوجودهم بين العائلات يعني عصابة تغذي جرائم متعددة.
وأوضحوا أن هذه الظاهرة تستحق دراسة اجتماعية من الأكاديميين والجهات المختصة، مقترحين على رجال الأعمال ومكاتب توعية الجاليات تكثيف الاهتمام بهذه الفئة وتوعيتهم، فهذا كفيل بالحد من استغلال الآخرين بالكذب عليهم أو غشهم كما أن للتعليم أثرا في انضباط صاحبه واتزانه.
وأكدوا أن تجمع العزاب والعمالة وسط الأحياء يعني إتاحة الفرصة للتحرش الجنسي والاعتداءات نتيجة تجمهرهم في أوقات معينة ورصدهم لتحركات الأسر وأرباب البيوت، إضافة إلى اقتراف أعمال غير شرعية، فيما ذكر مستشار أسري أنه ترده حالات تحرش من مختلف الأعمار والفئات سببها مجاورة العمالة الوافدة.
وفي جولة ميدانية لـ"اليوم" على بعض مساكن العزاب، وجدت البعض منها لا يصلح للسكن أو حتى العيش إنسانيا في أحياء هجرها أهلها إلى مناطق أخرى بسبب الزحف السكاني للعمالة، أو عدم توافر الخدمات أو حتى وسائل السلامة، فيما يجمع عدد من المواطنين على أهمية تطبيق الاشتراطات لإسكانهم.
فيما يقول الدكتور عمر السعيد عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالإحساء، "يعيش في مجتمعنا الكريم جملة من المقيمين الوافدين من إخواننا المسلمين وغير المسلمين جاءوا إلى بلادنا ليحصلوا على عمل يكسب من خلاله أجرة ينفق بها على نفسه وأهله وخبرة يطور فيها نفسه ومهنته ويقدم خدمة لأهل هذه البلاد وصدق الله تعالى إذ قال: "وَرَفَعنا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعضُهُم بَعضًا سُخرِيًّا وَرَحمَتُ رَبِّكَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ".
ويقول المفسرون: نحن قسمنا بينهم أرزاقهم في الدنيا، وجعلنا منهم الغني والفقير؛ ليصير بعضهم مُسَخَّرًا لبعض، ورحمة ربك لعباده في الآخرة خير مما يجمعه هؤلاء من حطام الدنيا الفاني، مضيفا: من خلال عيشهم في بلادنا يتم تبادل الثقافات والعادات وغير ذلك بيننا وبينهم.. ولا يخفى أنهم على درجات متفاوتة من حيث تعليمهم ووظائفهم، ومن حيث وجودهم لوحدهم أو مع أسرهم.
وزاد الدكتور السعيد قائلا: لا بد لهذا الاندماج من تأثر وتأثير فهم يؤثرون في المجتمع ويتأثرون به سواء أكان التأثر أو التأثير إيجابيا أم سلبيا، ومن الأمور الملفتة للنظر انتقال أهل البلد للأحياء الجديدة حيث المساكن الواسعة والبنايات الحديثة.. بينما يقيم في الأحياء القديمة جملة من العزاب والعمالة الوافدة من ذوي الدخل اليسير والتعليم المحدود.
وأضاف: هذه الظاهرة تستحق دراسة اجتماعية أتمنى من الأكاديميين المختصين العناية والاهتمام بها، ولعلي هنا أقدم بعض المقترحات والأفكار حول هذه الظاهرة، وهي أتمنى من مكاتب توعية الجاليات الاهتمام بهذه الفئة وقصدهم في أحيائهم بدعوتهم للإسلام وتعليمهم أحكامه وأخلاقه وإبراز محاسنه وأن الدين شامل لعبادة المسلم ومعاملاته فالشريعة جاءت بتحريم الغش والخداع والكذب.. وغير ذلك فهذا كفيل بالحد من استغلال الآخرين بالكذب عليهم أو غشهم، كما أن للتعليم أثرا بينا في انضباط صاحبه واتزانه.
وأردف: أرجو من القطاع الخاص ورجال الأعمال وهم أكثر المجتمع نفعا وانتفاعا من هذه الفئة، التعامل مع هذه الفئة بأخلاق الإسلام النبيلة وصفاته الحميدة فيعطونهم حقوقهم ولا يبخسونهم حتى لا يلجأوا إلى السرقة والنهب.. والالتزام بالأنظمة واللوائح التي تضمن للطرفين حقه من غير بخس.
وتابع: بل نتمنى منهم الإسهام في المسؤولية الاجتماعية من خلال إيجاد أماكن ترفيهية ورياضية يشغلون بها أوقاتهم أثناء إجازتهم. وعلى رجال التعليم أن يقدموا توجيهات لطلابهم يؤكدون فيها على احترام الآخرين ولا سيما العمال الوافدين وتقدير مشاعرهم فهم تركوا بلادهم وأهليهم ليقدموا خدمة لنا ولبلادنا وعدم التعرض لهم بالأذى القولي أو الفعلي.
وزاد: العمل عز وشرف لصاحبه مهما كان نوعه وهو خير من الكسل والبطالة وبقدر ما نحيي في نفوس أبنائنا هذا الشعور سيتقلص عدد الوافدين ويحل محلهم المواطنون، مؤكدا ضرورة الإكثار من شكر الله تعالى على نعمه التي لا تحصى حيث يعيش الواحد منا في بلده وبين أهله، وقد أشار الله تعالى إلى هذه النعمة بقوله « وَبَنينَ شُهودًا» وقد قال المفسرون وجعلت له بنين حاضرين معه ويشهدون المحافل معه لا يفارقونه لسفر لكثرة ماله.
وبين أن الانتماء الصادق لهذا الوطن ولولاة أمورنا وفقهم الله تعالى على ما يسروه من سبل التعلم والتعليم في كل مدينة وقرية بل حتى في الهجر، والاستفادة من الفرص التعليمية التي وفرتها الدولة وفقها الله تعالى لتضمن لنا الحياة الكريم وتنبيه الطلاب بالتعامل الحذر مع من يكبرهم سنا ممن يرتاب من تصرفاتهم سواء من المواطنين أو المقيمين.
ويري حجي النجيدي الباحث في الشأن الاجتماعي، أنه من حق العزاب والعمالة الوافدة السكن المريح كذلك من حق الشركات والمؤسسات اختيار السكن المناسب من حيث الايجار وقربه من مقر العمل، مضيفا لا بد أن نفرق بين سكن العمالة المتأهلة بعوائلها والعمالة غير المتأهلة مع الأخذ في الاعتبار مستوى وتعليم ومهنة العمالة، فلا يمكن المساواة بين سكن الدكتور والمهندس والمتخصص بسكن العمالة الخدمية وكذلك يجب تقيد اصحاب المؤسسات والشركات بالشروط النظامية في السكن.
وقال: من الملاحظ أن معظم سكن العمالة في الأحياء الشعبية تحول الى حالة من الفوضى وبيئة حاضنة للعمالة السائبة والمخالفة، وهنا تكمن الخطورة ليس على السكان المجاورين فحسب بل خطرها يشمل أبعد من ذلك، وأرى من المناسب ان تنظر الجهات المعنية بجدية في معالجة سكن العمالة الأجنبية داخل الاحياء الشعبية وفق آلية يكون المعيار هو الحكم فيها ورفع حالة القلق التي يشعر بها المواطنون المجاورون لسكن العمالة من خوفهم على منازلهم من السرقة وعلى عوائلهم من المضايقات والتحرش لا سمح الله فالنظام يكفل للوافد والمواطن حقه على حد سواء.
إلى ذلك، تؤكد معصومة العبد الرضا المستشار الأسري عضو المجلس البلدي، أن سكن العمالة الوافدة مجهولة الهوية في بيوتات سكنية وفي أزقة ضيقة يعد أزمة كبيرة. ويسهم فيها كل أفراد المجتمع لما تفرزه هذه العمالة من ضرر جسيم يهدد أمن الأسرة والمجتمع، وجودهم يعني عصابة تغذي جرائم متعددة من اغتصاب، سرقة، ترويج، اختطاف، ترويع، تحرش جنسي.. الخ، هذا من جهة. ومن جهة أخرى تباين العادات والتقاليد والأفكار وما تسببه من قلق الأسرة المجاورة أقل تقدير.. عادات الأكل واللبس مما يؤثر سلبا على الناشئة والتجمهر في الأزقة والطرقات وما يحدث من رقابة مستمرة لتحركات الأسر.
وأضافت: هذا يعني إتاحة الفرصة للتحرش الجنسي والاعتداءات نتيجة تجمهرهم في أوقات معينة ورصدهم لتحركات الأسر وأرباب البيوت بالإضافة إلى القيام بأعمال غير شرعية. وأذكر هنا من خلال وصفي مستشارا أسريا تردني حالات تحرش من مختلف الأعمار والفئات سببها مجاورة العمالة الوافدة. واستغلال سطوح المنازل والطرقات الضيقة.
وقالت: من هنا يتوجب التدخل السريع قبل تزايد الخطر ونحن في بلد نسعى إلى أمن المجتمع وسعادة الأسر فالحل لا يكون من جهة بل تضافر الجميع هو نشر ثقافة التعامل مع العمالة الوافدة عمالا كانوا أو عاملات منزليات بين أفراد المجتمع وعدم التهاون بهذا الشأن، كذلك دور البلدية بإصدار قانون العقوبات الحاسم دون تراخ على الكفلاء.
وأضافت: بدوري كعضو المجلس البلدي سأضمّن مطالباتي هذا الخطر من خلال المجلس ودور الجوازات والحس الإنساني من الكفلاء باختلاف توجهاتهم الوظيفية في تخصيص أماكن بمنأى عن الأسر ومنح وظائف للشباب السعوديين للحد من العمالة الوافدة والتدخل الرادع من وزارة العمل ناهيك عن مسؤولية الجهات المسؤولة عن الاستقدام وآلية الاستقدام في ظل الحاجة الفعلية. داعية الله أن يمن على مجتمعنا بموفور الأمن والأمان.
من جهته، شدد الدكتور أحمد البوعلي عضو المجلس البلدي، على أن العمالة في اي مكان اذا لم تضبط بضوابط واضحة جلية يعرفونها ويتابعون من خلالها وتعطى قدرا من العناية والمتابعة وإلا ضررها اكثر من نفعها، ويدل على ذلك الآثار التي نراها ونسمع بها بين الفينة والأخرى من جرائم اخلاقية وسطو على البيوت والمحلات كان من ابرز اسبابها العمالة السائبة.
وأبان: في الشرع البيوت لها حرمتها، واحترامها من صفات المجتمع المدني وتقسيم مكان للعزّاب والعمالة والعوائل امر يفرضه الواقع ويحتمه ما يجري من متغيرات؛ ولذا يجب على الجهات المختصة متابعة ذلك بشكل مستمر وعلى أبناء المجتمع مسؤولية في التواصل مع المعنيين لايصال اي مخالفة.
من جانبه، يقول الدكتور محمد العلي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالإحساء، "إنني أعتقد بوجود خطر من العمالة التي تسكن في هذه الأحياء التي أصبحت نقطة تجمع اجرامي وملجأ للمخدرات والممنوعات فيجب تفريق هذه العمالة وايجاد حل لهم".
وقال الدكتور إبراهيم بوبشيت إنه ومن خلال زيارتي لعدد من الدول العربية أو الخليجية فإنها توفر للعمالة الوافدة مساكن خارج منازل العوائل القريبة منها للحماية من المخالفات، مضيفا: لا يخفى علينا أنه كم تعرض عدد من النساء للابتزاز وغيره من بعض الجنسيات ونحتاج إلى تحرك الجهات المعنية من أجل عمل دراسة لتلك العمالة تقتضي توفير السكن لها بعيدا عن سكن العوائل تتوفر فيه جميع الخدمات وما يحتاجونه من لوازم.
وطالب المهندس زكي الجوهر بإيجاد نظام في الاحياء القديمة بإعادة النظر في تلك الأحياء، بحيث يتم إعادة ترميمها وبنائها بشكل أفضل للحفاظ على السمات المعمارية التي تتصف بها بشكل متميز ويتناسب مع الطابع المحلي للمنطقة وتأسيس لجنة عليا لتطوير المباني العشوائية وتحويل البيوت الطينية إلى محال تجارية ومولات وتحويل الأحياء القديمة والبيوت الطينية إلى تراث قديم يتم ترميمه وفقاً للعمارة القديمة ليكون واجهة سياحية للوطن.
في السياق ذاته، علق الكاتب وليد السليم على القضية قائلا: بالفعل هذه الأحياء العشوائية أصبحت سكنا للعمالة الوافدة التي يغلب على أعمالها الوظائف المتدنية والحرف البسيطة ذات الدخل المنخفض وهم الأكثر عددا من مجموع العمالة الوافدة التي تعمل لدينا، ومنطلق تنامي السكن في هذه الأحياء هو تجمع الوافدين من جنسية واحدة في مناطق سكنية محددة هذا من جهة، ومن جهة أخرى قيمة الإيجارات الرخيصة في هذه الأماكن باعتبار اشتراك مجموعة كبيرة في سكن صغير لتكون قيمة الإيجار على الفرد بسيطة ومحددة جدا.
وأضاف الكاتب السليم: البيوت في هذه المناطق قديمة ومتهالكة وباتت تكون بيئة سيئة جدا وهي مناطق تكثر فيها القاذورات والقوارض والحشرات، السيئ في هذه المناطق الموبوءة أنها قد تكون مأوى للمقيمين بطريقة غير نظامية وربما أصبحت مكانا للمجرمين والمخالفين والخارجين على النظام وهي بيئات تكثر فيها كما نلاحظ في بعض الأخبار صناعة الخمور وترويج وتعاطي المخدرات، ولقد سلطت بعض وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على بعض العمالة الوافدة التي استخدمت هذه الأماكن كذلك لتخزين وإعداد الأطعمة والمأكولات والعصيرات للمطاعم وهي بلا شك أضحت وسيلة مؤكدة لنقل الأمراض والتسمم لكل من يتناولها.
واستطرد الكاتب السليم: من المهم متابعة ومراقبة هذه المناطق العشوائية وتنظيمها بشكل علمي بإزالة المباني المتهالكة المعرضة للسقوط، التي تسبب خطرا بالغا على من يسكنها وتمثل تلوثا بصريا لكل من يشاهدها مع ملاحظة الحفاظ على الطابع العمراني التراثي وبعض المباني الأثرية في بعض هذه المناطق إذ أن العديد من المناطق القديمة كانت مناطق مأهولة لمئات السنين وتحولت بفعل الزمن وانتقال ساكنيها إلى مناطق جديدة تحولت إلى مناطق عشوائية. من الضروري إعداد كود منظم لهذه الأحياء عبر دراسة علمية من كليات العمارة والتخطيط في جامعتنا هذا الكود الذي ينبغي أن نحافظ على الحد الأدنى من الطابع العمراني المقبول من الناحية الإنسانية والبيئية والإيوائية لمن يسكن هذه الأماكن.
وشاركه في الرأي الكاتب عبداللطيف الملحم بقوله: رغم أن الأحياء السكنية في الأحساء تعتبر من الأفضل في تكامل بنيتها التحتية من خدمات مثل تمديدات أسلاك الكهرباء أو أسلاك الهاتف وتمديدات المياه أو الصرف الصحي المتكامل والذي يمثل أهمية قصوى في أي حي سكني، إلا أن البيوت في الأحساء القديمة هجرها قاطنوها والذين عاشوا بها من مئات السنين إلى بيوت أكبر وأحياء ذات شوارع أكثر سعة، إلا ان الأحياء القديمة وبيوتها أصبحت مع الزمن قديمة ومتهالكة. ولكنها أصبحت سكنا يتمثل في رخص الإيجار مما حدا بانتقال الكثير من اليد العاملة الأجنبية للسكن في تلك البيوت. ومع الوقت أصبحت تلك البيوت في الحارات القديمة تسكن بعدد كبير في كل منزل بصورة تعكس أمورا ليست فقط مضرة بالصحة العامة، ولكن أيضا تعكس تواجد بؤر أخطر فيما يخص التصرفات لتلك العمالة غير المؤهلة. ولهذا تجد من السهولة انتشار أمور لا أخلاقية في تلك الحارات وتنتشر أيضا أسباب كثيرة للانخراط في أعمال محرمة أو ممنوعة من قبل الدولة، مشيرا إلى أن تلك العمالة قد تلجأ لكسب المال السريع بأي وسيلة وطريقة ممكنة.
وأشار إلى أنه في الوقت الحالي لا يمر يوم إلا وتسمع عن اكتشاف معامل للكحوليات هي في الحقيقة معامل للسموم لأنها تفتقر لأبسط عوامل الصحة والسلامة. إضافة لكونها مكانا من الممكن استخدامه لتخزين أي ممنوعات أو تكون ملجأ لكل عامل هارب. وهنا تكمن الخطورة لأن ذلك أرض خصبة لانتشار الجريمة الفردية أو المنظمة وغيرها من الأمور اللا أخلاقية.
وأوضحت الأستاذة فوزية المخيلد: أحياء العمالة في وقتنا الحاضر تعتبر وكرا آمنا لذوي النفوس الضعيفة سواء أكانوا مواطنين أو مقيمين، فلا بد من تدارك الأمر والسيطرة عليه من قبل أن يستفحل والمسؤولية مشتركة من قبل المسؤول والمواطن، فلا بد من الحد من استقدام العمالة، وأن يتم الاعتماد على ابناء الوطن بإيجاد مشاريع عمل جماعية وتدريب الأيدي العاملة.
وأضافت المخيلد: يجب أن يكون الدافع الأمني والاجتماعي للوطن مقدما على الربح المادي الذي يجنيه من يقوم باستقدام العمالة وتركها في البلد من غير حسيب ورقيب، وأن يتم تهيئة مساكن للعمالة الوافدة بمبلغ رمزي تتوفر فيه الحماية والنظافة.
على الصعيد ذاته، قالت الأخصائية الاجتماعية أمل المسلم: بالنسبة للأحياء القديمة التي ما زالت بعض الأسر السعودية تقطنها لظروفها المادية وجاورها الكثير من العمالة الوافدة من مختلف الدول للسكن في تلك الأحياء لرخص الاستئجار فيها، وذلك بسبب سوء المباني وضعف مستوى الأمن والسلامة فيها أو تكون آيلة للسقوط وأصبحت بدون رقابة أو تنظيم فإتاحة الفرصة لهذه العمالة لارتكاب الكثير من التجاوزات والمخالفات التي لا يستطيع العامل الأجنبي ممارستها إذا أقام بسكن خاص للكفيل لكن المساكن المستأجرة والمزدحمة بالعمالة في أحياء قديمة يستخدمها أكثر العمال كمستودعات لتخزين احتياجات البوفيات وإعداد وجبات غير صحية أو وكر لصناعة وتخزين المشروبات الممنوعة والمصنوعة محليا أو وكر لتمرير المكالمات وتسجيل الأفلام الممنوعة أو المخدرات أو إيواء المخالفين والهاربين مما سهل على كل من لديه رغبة في ممارسة أي تجاوزات أو مخالفات الإقامة بمثل هذه الأحياء.
وأضافت: الواجب تنظيم إقامة العمالة الوافدة بمساكن مخصصة مع تشديد الرقابة عليهم بشكل دوري وأي تجاوز من أي منهم يتم إيقافه عن العمل وترحيله عن البلد، وعدم السماح لهم بمزاولة أي نشاط بدون ترخيص أو بدون لوحة على المحال وهذا من واقع مشاهدة لي شخصيا بأحد الأحياء بقالات بدون لوحات.
وأشارت المواطنة منيرة التركي بقولها: لا شك في أن لسكن العمالة الوافدة دورا كبيرا وانعكاسا على تفكيرهم إيجابياً أو سلبياً، فطالما تم توفير السكن المناسب والمريح له فنسبة انحرافه ستقل لا شك والعكس إذا تم رميه في سكن لا يناسب إنسانيته فنسبة انجرافه للجرائم ستكبر حقداً منه على أولئك الذين قللوا من شأنه. ويتبادر لذهن ضعاف النفوس بأن تلك الأحياء القديمة والمهددة بالسقوط ستكون بعيدة عن العين الرقابية مما يعزز الفرص لهم بأن تكون محضنا للجرائم سواء بتنفيذها أو التخطيط لها.
وأبانت: ليس هذا مقتصرا على العمالة بل حتى ضعاف النفوس تكون تلك الأحياء جاذبة لهم لممارسة فعائلهم المشينة أو الاختباء فيها مما يشكل الخطر على أمن الوطن، فعندما نراجع ما تم من جرائم نجدها في مزارع مُنهكة أو منازل مهددة بالسقوط أو أحياء أكل عليها الدهر، لذا من الحلول أن يزال كل مبنى مهدد بالسقوط ويمنع السكن فيها بتاتا وفي المزارع النائية وأن يلتزم الكفلاء بإسكان عمالتهم في منازل مؤهلة للمعيشية الإنسانية. والحرص على عدم إسكان العمالة في هذه الأحياء غير المؤهلة للمعيشة الإنسانية ليس فقط لتقليل الجرائم بل لأن هذه العمالة بشر مثلنا لهم الحق علينا أن نكرمهم كما وصانا بهذا إسلامنا الحنيف، فإن رأوا معاملة طيبة ومسكنا حسنا جذبهم ذلك لاعتناق الإسلام ونقل صورة مشرفة لوطننا في بلادهم.
وزادت: على أرض الحرمين تتعدد الجنسيات العاملة في كثير من الأمكنة وعلى كافة الأصعدة حيث بلغت نسبة الوافدين نحو تسعة ملايين نسمة، وقد أدت تحويلات هؤلاء الوافدين المالية لبلدانهم إلى جعل المملكة العربية السعودية ثاني أكبر دولة بالعالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث حجم التحويلات المالية الباهظة من اقتصاد البلد، وهذا بلا شك مما يؤثر سلباً على اقتصاد المملكة. إضافة إلى تلك الجرائم البشعة التي يتم ارتكابها من بعض هؤلاء العمالة الوافدة.
وقالت: للأسف الشديد إن هؤلاء ممن يرتكبون أفعالهم المشينة النكرة على مجتمعنا المحافظ تناسوا الهدف الأسمى الذي أتوا من أجله وهو لقمة عيش يسدون بها رمقهم وتعيش بها عائلاتهم وسد حاجتهم، ذلك الهدف تحول عند البعض منهم إلى سد حاجات أخرى من طمع وجشع وجمع أكبر عدد من النقود بغض النظر عن طريقة إيجاده، ولو كان ذلك فيه ضرر بالغ على من كان لهم الفضل عليهم، لكن وبكل أسف نقضوا العهد واستحلوا الميثاق.
واستطردت التركي في حديثها: عدة نقاط تؤدي لارتكاب هذه المخالفات، أولها عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن الذي يجمع لقمة عيشه منها، التأخر في دفع رواتب هؤلاء العمالة الوافدة في أوقاتها المحددة وتناسي حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: أعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، الاتجار بالتأشيرات والإتيان بالعمالة للسعودية ودفعهم لجمع المال دون تحديد مهنة معينة، الأمن من العقوبة في بعض الأحيان التي من المفترض تطبيقها عليهم وترحيلهم كحل متداول، والزج بهؤلاء العمالة للعيش في بيئات سيئة للغاية وعدم توفير الأماكن المناسبة لهم.
وأضافت التركي: رغبة بعض الوافدين في جمع ثروة مالية هائلة بأسرع الطرق وأسهلها، والمعاملة السيئة معهم تؤدي بهم للانتقام وحمل المزيد من الحقد والحسد على بلادنا.
وأشارت إلى أن أسباب تكاثرهم تقاعس بعض الشركات والمؤسسات في تطبيق نظام السعودة الذي يحد من كثرتهم وبالتالي يقلل من جرائمهم، التستر على مخالفي الإقامة بعد العمرة والحج وإيوائهم بطرق مخالفة من أبناء جلدتهم، توفر الخبرات المطلوبة لديهم وقلة رواتبهم وموافقتهم للعمل في أي مكان.
وتطرقت إلى بعض السلبيات منها تداخل الثقافات ببعضها وتأثر أبناء البلد بها وبأفكارهم المنحرفة، تأثيرهم على اقتصاد البلد حينما يتم القبض على المجرمين منهم والصرف عليهم و ترحيلهم لبلدانهم، مزاحمة المواطنين على الوظائف وازدياد البطالة بين أبناء البلد.
من جهته، يؤكد محمد إسلام أحد العمالة الوافدة، أنه يعيش مع مجموعة من زملائه في هذا السكن منذ مدة بعد اختيار كفيله المكان، قائلا: المكان مناسب للعيش بالرغم من الروائح الكريهة والجدران المتشققة في مكان بوسط النخيل. ويضيف إنه جاء للعمل وكسب العيش خصوصا أن الحياة صعبة ومن الصعب بمكان أن تضع شروطا على الكفيل إثر عمله في مجال البناء أو الحدادة أو اللحام.
ويقول سعيد محمود أحد العمالة العربية، إنه جاء لكسب الرزق وقد وجد نفسه مع مجموعة من العمال من مختلف الجنسيات في مكان سكنه، وليس عليه أن يضع الشروط في اختيار السكن، مشيرا إلى أنه اجتمع مع عمالة من جنسية عربية وأصبحوا يبيتون في غرفة واحدة بعيدا عن الجنسيات الأخرى، مضيفا إن التفكير في الامور الاخرى مثل مستوى العيش ومكان السكن لا يستطيع مناقشتها لأنه يستلم راتبه وبالتالي لا يمكن ان يصرف راتبه كله في سكن مريح تتوافر فيه جميع الخدمات التي يحتاجها الفرد.
من جانبه، يؤكد المواطن سلمان بونهية أحد المجاورين للعمالة، أن هناك مخالفات صريحة للعمالة في المنطقة، التي نجدها أخذت حد الخطر بل أمر يقلق الجميع في التواجد في منطقة لا تصلح للعيش وتمتزج بالعشوائية في كل مكان، لافتا إلى أنه يتمنى أن تتحرك الجهات المعنية من أجل تحسين المساكن العشوائية في المبرز والهفوف وغيرها وبقدر الإمكان ابعادهم عن سكان العوائل.
ويتفق المواطن ماجد البرية حول خطر تلك العمالة الوافدة في تجمعها في مكان العائلات ويقول من الصعب بمكان السيطرة عليها وتجد الزحام الكبير في إجازة الاسبوع في الازقة الضيقة والتي تقطنها تلك العمالة وصعوبة البحث عنها خصوصا تلك المنازل العشوائية.
الأزقة الضيقة والشوارع المتوارية بيئة لممارسات غير محمودة من العمالة
تكدس العمالة في مكان واحد بين العائلات يؤدي إلى مخاطر أمنية واجتماعية وأخلاقية
يجب تفعيل البرامج التوعوية لاستغلال أوقات فراغ العمالة
أحياء هجرها أهلها باتت مأوى للعمالة والعزاب