لقد فجعنا برحيل رجل الخير والحكمة الأخ والصديق سليمان الرشيد «رحمه الله»، أحد رجالات المنطقة الشرقية وله سمعة طيبة وذو قدوة حسنة، وهو من رجال الأعمال العصاميين الذين جمعوا بين التجارة وأعمال الخير، وما يحضرني عن الفقيد الكثير ولكن أوجزه ببعض الذكريات.
حضر - رحمه الله - إلى مدينة الخبر عام 1367هـ تقريباً، يبحث عن دكان ليستخدمه في مهنة الصرافة، فاستأجر دكانا وغرفة من الوالد عبدالله الفرج - رحمه الله - الذي كان لديه دكاكين يؤجرها على الشارع الأول وشارع الملك سعود، في هذه الأثناء قمت أنا بفتح دكان صرافة من دكاكين الوالد - رحمه الله - وزاولت مهنة الصرافة بنفس الطريقة.
وكان - رحمه الله - يتعاون مع الرواجح «الشيخين صالح وسليمان الراجحي» في بيع وشراء الدولار الأمريكي مقابل الريال السعودي. في ذلك الوقت كانت البداية ضعيفة لعدم توافر الإمكانيات، ولكن بفضل الله وبركاته كافحنا ونما معنا العمل المصرفي وربحنا من التجارة في العملة، وبدأ التوسع في أعمال التجارة الأخرى مثل بيع السكراب وتجارة الأسمنت والطحين، وكان هو يتعاون مع تجار الرياض وكنت انا اتعاون مع تجار الكويت، واستمررنا فترة على هذا الحال حتى حققنا بعض الارباح، وقمنا برد رؤوس الأموال لأصحابها، وكذلك تجارة الارز التي سافرنا من أجلها سويا إلى كراتشي، وكان السفير السعودي حينئذ الشيخ محمد الشبيلي، وقدم لنا كل التسهيلات وأكرمنا بكرمه المعروف - رحمه الله -، ثم توجهنا إلى مقر الحكومة في راولبندي لأجل المفاوضة لشراء الأرز، وكنا حريصين على معرفة طريقة زراعة الأرز، وتوجهنا إلى بيشاور للاطلاع، ومنها ذهبنا إلى منطقة "بيت مري" الجميلة ثم إلى جهة البحرين وكشمير وكانت رحلة ممتعة، وكان - رحمه الله - نعم الرفيق. وبدأنا مشوارنا الموفق أنا وهو، عرفته في هذه الأثناء عن قرب بأنه رجل عصامي ذو رأي سديد ونظرة بعيدة.
وأثناء افتتاح ميناء الدمام، انتقلنا أنا وهو إلى مدينة الدمام، وفتحنا محلات تجارية ونقلنا سكننا إليها، وكان صديقاً وفياً امتدت صداقتنا حتى وافاه الأجل، أقدم عزائي إلى أخينا حمد وأولاده وإلى أم عبدالعزيز وأم صالح وأبنائهم وبناتهم وإلى أسرة الرشيد الكرام، رحم الله رجل الخير والأيادي البيضاء، رحم الله أخانا أبا محمد رحمة واسعة.