شهدت العاصمة الليبية طرابلس امس الخميس حالة من الهدوء بعد التوتر الذي شهدته الليلة قبل الماضية على خلفية وصول رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية إلى العاصمة.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية (وال) في طرابلس عن رئيس "لجنة الترتيبات الأمنية بحكومة الوفاق الوطني" العقيد عبد الرحمن الطويل تأكيده أن "الوضع الأمني في طرابلس هادئ جدا وأن الجيش والشرطة يتولون تأمين العاصمة ومرافقها الحيوية".
وأضاف: إن "أي تواجد مسلح في أي مكان من العاصمة هو لحماية المواطنين والمرافق الحيوية وأن الحياة العامة في العاصمة تسير بصورة عادية والجميع يمارسون أنشطتهم بطمأنينة كاملة".
وأوضح أن "الحكومة ستبدأ عملها بصورة مؤقتة من المكان الذي تتواجد فيه حاليا وأنها ستنتقل إلى مقرها الرسمي فور الانتهاء من بعض التجهيزات".
وأكد أن "هناك خططا ستعد لعملية السيطرة على المجموعات المسلحة والخلايا النائمة".
وأشار إلى أن "المجلس الرئاسي سيبقى في قاعدة أبوستة البحرية لأيام قليلة لحين إعداد الأماكن التي ستباشر منها الحكومة أعمالها. وستنتقل الحكومة إلى مقرها الرئيسي خلال أيام".
وتسعى حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من المجتمع الدولي والتي وصل اعضاؤها الى طرابلس الاربعاء، الى تأكيد عزمها على تسلم السلطة وممارستها انطلاقا من العاصمة الليبية، على الرغم من معارضة السلطات الحاكمة في طرابلس.
وسادت حالة من الهدوء والترقب في طرابلس بعد التوتر الذي اثاره وصول رئيس حكومة الوفاق فايز السراج مع عدد من افراد حكومته، وتخلله اطلاق نار لم تحدد ظروفه وتهديدات توجه بها مسؤولون في حكومة وبرلمان طرابلس غير المعترف بهما الى السراج داعين اياه الى مغادرة طرابلس.
لكن السراج واعضاء حكومته -الذين لقي وصولهم الى طرابلس ترحيبا من واشنطن والامم المتحدة ودول غربية اخرى- لم يغادروا العاصمة. ويفترض ان يقوم السراج بأنشطة خارج القاعدة، بحسب احد معاونيه الذي لم يكشف عن مضمونها.
وأمضى السراج ليلته في القاعدة البحرية في طرابلس، حيث استقبله كبار ضباطها الاربعاء، بحسب ما افاد احد مستشاريه، ووقفت آليات للشرطة ومجموعة من القوات الخاصة عند مداخل القاعدة لحمايتها.
ويحظى السراج منذ وصوله بدعم مجموعة مسلحة رئيسية في المدينة يطلق عليها اسم "النواصي" وهي تتبع وزارة الداخلية في الحكومة غير المعترف بها، وتتمتع بقدرة تسليحية عالية.
ومن الواضح ان قسما من الاجهزة التابعة لسلطات طرابلس يدعم الحكومة. وقال المستشار رافضا الكشف عن هويته: "ردود الفعل جيدة مقارنة بتوقعاتنا. الوضع على ما يرام".
وفتحت المحلات التجارية منذ الصباح الباكر، وانتشر عناصر من شرطة المرور في انحاء متفرقة من المدينة ينظمون حركة السير التي بدت خفيفة مقارنة بأيام اخرى.
وازدحمت بعض مقاهي شارع قرقارش الراقي في شمال غرب طرابلس بالزبائن، وفتحت معظم المدارس ابوابها بينما فضلت اخرى ان تبقي ابوابها مغلقة امام الطلاب.
واصطف عشرات الليبيين امام مصارف في العاصمة، الا ان هذه المصارف بقيت مغلقة عند نحو الساعة العاشرة، من دون ان يتضح ما اذا كانت ستفتح في وقت لاحق من النهار.
وتوقفت حركة الملاحة في مطار «معيتيقة» في طرابلس منذ مساء الاربعاء، إذ اعلنت شركات الطيران تحويل رحلاتها الى مطار مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) "نظرا للاوضاع الامنية".
وقال جمال وهو في طريقه الى مقهى لملاقاة اصدقائه: "اوصلت ابنتي الى المدرسة والوضع يبدو انه على ما يرام، لكننا نبقى في حالة من التأهب والترقب خوفا من تدهور الاوضاع".
وشهدت طرابلس الاربعاء توترا امنيا حادا عقب وصول رئيس حكومة الوفاق واعضاء المجلس الرئاسي الى العاصمة عن طريق البحر.
وسمع إطلاق نار وأصوات قذائف في ارجاء متفرقة من المدينة مع بداية المساء، من دون ان تتضح الصورة حولها، قبل ان يعم الهدوء مع حلول منتصف الليل.
ولم يخرق الهدوء سوى قيام مجموعة مسلحة باقتحام مقر قناة "النبأ" القريبة من سلطات طرابلس وطرد موظفيها وتوقيف بثها.
وكانت القناة بثت بيانا متلفزا لرئيس حكومة طرابلس خليفة الغويل دعا فيه السراج الى مغادرة المدينة، واصفا إياه بـ"المتسلل غير الشرعي".
ويخشى سكان في طرابلس أن يؤدي دخول الحكومة المدعومة من الامم المتحدة مدينتهم الى مواجهات بين المجموعات المسلحة الموالية للسلطات الحاكمة فيها والجماعات المؤيدة لحكومة السراج.
وولدت حكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق سلام موقع في ديسمبر برعاية الامم المتحدة. واختار تشكيلتها المجلس الرئاسي الليبي المنبثق عن الاتفاق ذاته والذي يقوده السراج ايضا.
وينص الاتفاق على ان عمل حكومة الوفاق يبدأ مع نيلها ثقة البرلمان المعترف به، لكن المجلس الرئاسي اعلن في 12 مارس انطلاق اعمالها استنادا الى بيان تأييد وقعه مائة نائب من اصل 198 بعد فشلها في حيازة الثقة تحت قبة البرلمان.
ونالت هذه الحكومة اعتراف المجتمع الدولي لتحل محل الحكومة التي كانت مستقرة في طبرق (شرق) وكانت تحظى بالاعتراف.
ودفع المجتمع الدولي في اتجاه تشكيل هذه الحكومة واعدا بدعمها، ومعلقا عليها آمالا للوقوف في وجه تمدد تنظيم داعش في ليبيا.