منذ سنوات طوال استطاعت الاستخبارات الإيرانية نسج علاقات تجنيد لجاليتها في أمريكا، وأرسلت عددا كبيرا للاقامة الدائمة هناك، ونيل الجنسية، والانخراط الكامل في الحياة الأمريكية، وحددت مؤسسات بعينها للإيرانيين بغية الاقتراب منها، وهي ما تسمى بمؤسسات الضغط pressure groups كشركات السلاح، والادوية، والاعلام، ومراكز الابحاث، وشكل الإيرانيون المجلس الوطني للإيرانيين الأمريكيين NIAC.
كانت مهمته إدارة حوارات خلفية مع الادارات الأمريكية، حول إيران والشرق الاوسط، وفي ذات الوقت عمد المجلس الى تنظيم الإيرانيين المتواجدين في أمريكا ليصبحوا قوة مؤثرة، حيث يبلغ عدد الإيرانيين في أمريكا 4.8 مليون يملكون قوة اقتصادية تقدر بـ400 مليار دولار بحسب تقديرات بعض مراكز الدراسات الأمريكية، وقد أسس الإيرانيون المقيمون في أمريكا 320 شركة كبيرة، كما أنهم يساهمون في أكثر من 450 شركة أخرى نافذة في المجالات المختلفة، ووفقاً للمعلومات والإحصاءات الأمريكية ذاتها فإن 7000 طبيب إيراني و1300 متخصص في العلوم البحثية والتطبيقية، يعملون في المؤسسات الأمريكية وهناك 980 سيدة إيرانية يعملن في قطاع الاتصال والعلاقات العامة والترجمة والخدمات اللوجستية.
اختراق المؤسسات الأمريكية
وعليه برع الإيرانيون في اختراق هذه المؤسسات، واصبحوا في الصف الثاني من حيث قوة الحضور والنفوذ، وقدموا تصورات سياسية ودراسات استشرافية حول الشرق الاوسط تلامس التوجهات الأمريكية الجديدة، واستغلوا الاحداث السياسية والثقافية لبذر مجموعة من الافكار التي توحي بأن العنصر الفارسي، عنصر متطور وقريب من الذهنية الغربية، وان التدين واحد من اسباب التخلف الثقافي في إيران، ووصل ببعضهم الامر ان يكون جزءا من منظومة المحافظين الجدد، ممن ينظرون نظرة عسكرية وتدخلية في العالم، حيث تمكنوا من اعادة بناء مجموعة من الافكار القديمة حول تقسيم الشرق الاوسط، واعادة بنائه على اسس جديدة.
عمل NIAC منذ أواسط السبعينيات، على التمدد في مختلف الاوساط الأمريكية، بخطط منظمة، وبكوادر علمية متخصصة، حيث تمكن من اختراق المؤسسات الإعلامية الأمريكية والأوروبية من خلال الصحفيين والباحثين والكتاب الإيرانيين العاملين في وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية، وفي الثمانينيات، وظفت الاستخبارات الإيرانية التشيع كأداة اختراق غير مباشرة لها، في هذه المؤسسات، وعملت وفقا للعقلية الغربية، في تقديم تصورات استشرافية للازمات والقضايا في المنطقة، وطرحت افكارا تتناسب ورغائب المحافظين والتيارات اليمينية، واللوبي الصهيوني، وأكثر من ذلك فقد كانت الخطط تستهدف الاقتراب من العوائل الثرية والمؤثرة، بعلاقات زواج واتصال اجتماعي مختلفة، ابرزت أن الإيرانيين شعوب متحضرة وفقا للسلوكية الغربية.
في هذه الفترة تم تكوين مجلس السياسات والدراسات، وهو مجلس داخل المجلس الوطني، معني بالقضايا السياسية والامنية العالمية، واقتصر على المتخصصين في هذه المجالات، وقدر لهم اختراق مراكز الابحاث والدراسات، وبعض الجامعات، وتحديدا الدراسات الشرق أوسطية، وشكلوا لوبي داخل هذه المؤسسات يهدف الى تقديم صور سلبية عن الدول والمجتمعات والتدين العربي، واستغلوا بعضا من السياسيين الأمريكيين من أصول اسيوية للنفاذ لهم، وبخاصة في دائرة التخطيط السياسي، حيث ربطت كلا من محمد جواد ظريف الذي اقام لفترة طويلة في الولايات المتحدة علاقات قوية مع زلماي خليل زادة الذي شغل مناصب مهمة من بينها المسؤول عن تنسيق الاعمال الجهادية في افغانستان، ومسؤولا في دائرة التخطيط السياسي الخارجي في وزارة الخارجية الأمريكية، وسفيرا لأمريكا في العراق 2004، حيث يؤكد زلماي خليل زادة على انه استطاع بعلاقاته مع محمد جواد ظريف عندما كان عضوا في بعثة بلاده في الامم المتحدة، ان يقيم اتصالات سرية مع إيران رغم ان العلاقات الأمريكية الإيرانية كانت مقطوعة منذ عام 1979، ويضيف زادة ان اللقاءات تكررت وتم التنسيق مع الإيرانيين في افغانستان عام 2001، وكذلك عام 2002 لغزو العراق.
تعزيز المصالح الإيرانية
وعلى الرغم من ان اللوبي الإيراني استطاع تقديم خدمات سياسية وامنية كبيرة لواشنطن، الا انه ايضا استطاع ان يعزز الفكرة السياسية الإيرانية لدى الادارات الأمريكية، وعلى التحديد ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما، التي ضمت عددا من الأمريكيين من أصول إيرانية اليها كمستشارين في جهاز الامن القومي والاستشارات السياسية، ففي الثمانينيات برزت العديد من الاسماء الإيرانية الأمريكية اللامعة في السياسة الأمريكية، وعلى عدة مستويات، شخصيات بحثية واكاديمية، ومستشارين ورؤساء شركات وجمعيات ولوبيات، ورؤساء اقسام مهمة في جامعات معروفة، ولعل إيران استطاعت بناء ونسج علاقات خاصة مع هؤلاء على الرغم من كونهم يؤكدون رغبتهم في تغيير بنية النظام السياسي الإيراني، الا انهم قدموا استشارات على العكس من ذلك تخدم المصالح القومية الإيرانية، وتصورات استراتيجية، تغازل الفكر الأمريكي، وتعطي حضورا لإيران على حساب الدول الاخرى، فقد كتب ولي نصر أمريكي من اصول إيرانية كتاب «على وقع أحداث 11 سبتمبر» 2001، ملخصه الرئيس ان على أمريكا ان تراهن على الخيار الشيعي بعد سقوط الخيار الشيعي، في وقت تتكشف الاوراق مجددا حول الدور الإيراني اللوجستي الداعم لهذه الاحداث، والتي اتخذت ذريعة تتناسب وطموحات وانفعالات اليمين الأمريكي، وقدمت إيران معلومات حول العراق عن طريق المعارضة العراقية آنذاك وتحديدا أحمد الجلبي الذي قدم معلومات حول وجود دور للعراق في احداث سبتمبر وكذلك انتاج اسلحة الدمار الشامل، ولان العملاء نهايتهم معلومة، ولان أحمد الجلبي وعدته إيران بأن يصبح رئيسا للوزراء في العراق الجديد، وعندما لم تف بتعهداتها له، سرب الجلبي العديد من الوثائق التي تدين إيران في قضايا داخل العراق، وخارجه، ومنها علاقة إيران بتنظيم القاعدة، الامر الذي دفع بمدير مكتب اطلاعات في بغداد وبإيعاز رسمي من إيران لاعتقال الجلبي، وليذهب الجلبي مسموما بعد ان سلم بلاده للأمريكيين والإيرانيين.
وفي الثمانينيات تمكن فؤاد عجمي الأمريكي من اصول إيرانية وان كان لبنانيا، في نسج علاقات خاصة مع الإيرانيين، وتقديم رؤى سياسية تسهم في رد الاعتبار الى إيران بعد الحرب الإيرانية على العراق 1980-1988، وقدم فؤاد جملة من الدراسات الاستراتيجية عن الشرق الاوسط، التي تعتبر امتدادا لدراسات برنارد لويس الشهيرة، وكتب عجمي في نهاية الثمانينيات، كتابا يغازل فيه المحافظين واليمين الأمريكي، تحت عنوان «العراق الجائزة» وظل عجمي دائم الحضور والبروز بانتظام في برامج «تشارلي روز» و«نيوز أور» على شبكات «سي بي إس نيوز» و«سي إن إن» و«بي بي إس»، ليوضح للشعب الأمريكي المنطق والسبب وراء شن الحرب التي ستكلف الولايات المتحدة ثلاثة تريليونات دولار، وتحصد حياة الآلاف من القوات الأمريكية. وكان يظهر أيضا على قنوات عربية منظرا لفوائد التدخل الأمريكي في دولهم المضطربة.
الامر الذي دفع بديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي في اغسطس 2002 وقبيل غزو العراق بعام، للقول وامام المحاربين القدامى، ولتهدئة مخاوفهم من الغزو المتوقع للعراق، باستشهاده امامهم باستشرافات فؤاد عجمي، حيث أكد تشيني، أن ردة فعل الشعب العراقي ستكون لافتة للانتباه، سيقابلون جنودك بالورود، واضاف «هذه ليست توقعاتي بل توقعات خبراء في شؤون الشرق الأوسط وعلى الخصوص البروفسور فؤاد عجمي فقد أكد عجمي أنه بعد التحرير، من المؤكد أن الشوارع في البصرة وبغداد سوف تعج بالبهجة، بالطريقة ذاتها التي استقبلت بها الأمريكيين في كابل».
التأثير في إدارة أوباما واللافت للانتباه، أن اللوبي الإيراني لم يتوقف بعد بل ظل قوة مؤثرة في السياسة الأمريكية، دون ظهور لافت للعيان، بل ان العديد من الدراسات التي تؤكد أن ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما، ووزارة الخارجية في عهدي كولن باول، وهيلاري كلينتون، كانا مسرحا لنشاط الأمريكيين الإيرانيين، لا بل تجاوز الامر الى حالات الزواج والعلاقات الشخصية التي ربطت بعضا من طاقم الادارة مع استشاريات من اصول إيرانية، ساهمت في اقترابهن من اماكن ووظائف بالغة الحساسية للامن القومي الأمريكي، حيث لعب هذا الطاقم دورا كبيرا في احتلال العراق، واقامة علاقات سرية مع إيران، وساهم في تقريب وجهات النظر بين ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما، وعدد من الشخصيات الرسمية الإيرانية ممن أمضوا سنوات طوالا للدراسة والعمل في أمريكا، وعلى رأسهم محمد جواد ظريف، والدكتور حسن روحاني، ومحمد جواد لاريجاني وهم من خريجي المعاهد والجامعات الأمريكية، حيث لعبت مؤسسة المرشد دورا سياسيا في تقديمهم للغرب كوجوه اكثر ليبرالية من غيرهم، ساهمت في عقد صفقة الملف النووي الإيراني.
وظل اللوبي الإيراني أكثر تعصبا قوميا لإيران من المتدينين، حيث دعموا بقوة حصول إيران على الامكانات النووية، وعملوا وبشكل منظم على تشويه صورة الاسلام السني، حيث ساهمت الاستخبارات الإيرانية والروسية في (تبليع) أمريكا طعم مواجهة الارهاب، ليصبح مواجهة العالم السني، وذلك لتحقيق هدف إيراني رئيس يرى أن القوة الصلبة في العالم العربي والاسلامي، تتشكل في القوة السلفية، ولا يمكن مواجهتها الا من خلال مسخها وجعلها ارهابية ومحاربة دوليا، وجاءت داعش لتكون الاداة الإيرانية للنيل من صورة الاسلام ومن صورة السنة على الخصوص، ناهيك عن انها ستشكل اداة للفوضى، ونقل الصراع من عربي فارسي الى صراع طائفي يمزق الجسد الداخلي للامة.
تأثير اللوبي الإيراني، ليست مؤسسة تنشأ في أمريكا، وتدمن على البيانات الاعلامية، والبحث عن تمويل بعقلية اعلانية سطحية، بل ان مجموعة اللوبي الإيراني استطاعت وخلال 25 عاما من ان تكون خيوط التشبيك لها مخترقة لكافة تراتبيات صناعة القرار السياسي والامني والاقتصادي الأمريكي، ولان الشرق الاوسط منطقة حاضرة بقوة في الاعلام والسياسة الدولية، بسبب الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وبسبب الامكانات والثروات النفطية والموقع الاستراتيجي في متوسط القارات العالمية، ولإيمان المخطط السياسي الاستراتيجي بأن هذه المنطقة لديها مشروع حضاري متكامل، قد يكون له مكانته في يوم من الايام، ظلت هذه المنطقة في دائرة اهتمام السياسات الأمريكية والغربية على الدوام، وعليه، كانت هناك امكانية للاختراق والتأثير والاستماع، وايضا في تقديم الاستشارات للطرفين الأمريكي والإيراني، حيث دعا حسن روحاني الجالية الإيرانية في أمريكا للقيام بدور ايجابي لتوضيح الموقف الإيراني، في الوقت الذي يعمل فيه اللوبي الإيراني ضمن تفاهمات قوية والاستخبارات الإيرانية.
ان فهم تراتبية صناعة القرار في أمريكا وكيفية التأثير فيها، دفعت بالإيرانيين لاختيار التخصصات والاعمال والاستثمارات في اماكن ومفاصل محددة، حيث تسيطر الاناث على قطاع الادارة والتخطيط والتسويق والعلاقات العامة والسكرتاريا المتخصصة وامن المعلومات والارشيف، والاستشارات النفسية والتربوية، فيما يسيطر الشباب على دراسات التكنولوجيا والعلاقات الدولية وتاريخ الاديان المقارنة، فيما تنشط جماعات رجال الاعمال والبزنس في شركات السلاح والادوية والطاقة والاتصالات والمواصلات، وعليه فان رؤية خريطة التأثير للوبي الإيراني في الادارة الأمريكية يمكنها الافصاح عن الاهداف السرية لهذا اللوبي والقائمة على دعم العلاقة الإيرانية الأمريكية، على حساب العلاقات مع العالم العربي الاسلامي.
طريقة عمل وتأثير اللوبي
في دراسة لنا حول دور اللوبي الإيراني وتأثيره في السياسات الأمريكية، وجدنا أن هذا اللوبي كان عملا منظما ومخططا له، من حيث الادارة والتنظيم واختيار التخصصات ونطاق وبيئة الاختراق، والتسلق، والاقامة والجنسية، والزواج، وعلاقات المصالح والمنافع الداخلية والخارجية، والهيمنة والتأثير على اعضاء الكونجرس، عبر علاقات مباشرة وشخصية احيانا، وعلاقات مؤسسية، وايضا اختيار مؤسسات التأثير الاعلامي والمدني، وكذلك في الشركات الكبيرة ذات المصالح العابرة للقارات، وتحديد شركات السلاح والطاقة، والادوية والغذاء، والعلاقات العامة، وقد ساهمت إيران بدور كبير في نضوج هذا اللوبي من خلال تقديم تسهيلات سياسية لصالحه، كاستقبال الوفود ورؤساء المنظمات والشركات والشخصيات التي يقترحها اللوبي، وايضا قدمت إيران دعما ماليا ولوجستيا، تمثل بملايين الدولارات، وخبراء لدراسة العلاقات الأمريكية الإيرانية، وحركة المصالح الأمريكية، واللوبيات ومراكز التأثير، وعينت شخصيات مشهودا لها بقوة الحضور والتأثير والتخصص الفني ومنحتهم القوة التنفيذية اللازمة للقيام بهذا الدور، وعليه فإن ما نراه اليوم ليس الا نتاجا لسنوات طويلة من العمل والجهد، وفي هذا الصدد يقول السياسي الإيراني حسن ديوليسلام، في حديث صحفي له مع موقع «فرونت بيج» الأمريكي، إن صادق خارازي، نائب وزير الخارجية الإيراني السابق (1997-2003) الذي عاش في الولايات المتّحدة بين 1989 و1996، يعتبر مصمم هذا اللوبي.
أعضاء اللوبي الإيراني
ولعل من أبرز مؤسسي اللوبي الإيراني هو الباحث الأمريكي الإيراني الاصل تريتا بارسي مؤلف كتاب (التحالف الغادر) بين اسرائيل وإيران، والذي- وكما اسلفنا- تقدم برؤى وتصورات حول حل مشكلات الشرق الاوسط، مشيرا الى حتمية سياسية تفيد بأن حل مشكلات الشرق الاوسط لن يتم الا بتفاهم وتوافق ما بين طهران وتل ابيب، وقد فتح تريتا بارسي خطوط اتصال خلفية ما بين اسرائيليين وإيرانيين بعلم طهران وتل ابيب وادار حوارات مختلفة بهدف تقريب وجهات النظر.
وقد بدأت نواة اللوبي الإيراني عام 1973 عندما اوعز شاه إيران بتأسيس مؤسسة (بيناد بهلوي) وتغير اسمها بعد ثورة الخميني لتصبح (بيناد علوي) وكانت ضمن المؤسسات الخاضعة للسيطرة المباشرة للسفير الإيراني آنذاك في واشنطن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الحالي، وهناك منظمة (أمريكان إيرانيان اورغ) المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، ويشرف عليه البرفيسور شيانغ امير احمدي من جامعة روتجر في نيوجيرسي، والتي تعمل على استقطاب الشخصيات المؤثرة في الحياة الأمريكية والانفتاح عليها، ومن ثم تنظيم زيارات لها الى الشرق الاوسط، لبنان وسوريا وإيران، وقد كان للوبي الإيراني دور لوجستي في دعم وإسناد الموقف الإيراني اثناء مفاوضاتهم مع الغرب حول الملف النووي، حيث عملت «سحر نوروزيان» مستشارة في الامن القومي الأمريكي، وهي إيرانية الاصل، بدور ناشط في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وقادت عمليات اتصال خلفية، حسنت من وضع المفاوضات بين إيران وأمريكا، وهي من ناحية عملية المسؤولة عن الملف الإيراني في مجلس الأمن القومي الأمريكي.
وتعتبر فريال جواشيري من أخطر الأمريكيات من أصول إيرانية، والتي امتازت بعلاقات خاصة والرئيس الأمريكي باراك اوباما وكذلك مع وزير خارجيته جون كيري، حيث جواشيري ككاتبة خاصة للرئيس أوباما، وهي مساعدة له منذ ان كان عضوًا في الكونجرس الأمريكي، والتحقت عام 2007 بالحملة الانتخابية له، وتعمل في قطاع التخطيط، وكانت الأولى في مجلس الأمن القومي بمنصب مستشار مساعد لمستشار الأمن القومي، وتبوأت العديد من المناصب في مجلس الأمن القومي الأمريكي، حيث خدمت في 2014 كمساعد خاص لرئيس الجمهورية في البيت الأبيض.
أما فاليري جارت فقد ظلت دائما أقرب المستشارات إلى رئيس باراك أوباما، وأكثرهم تأثيرًا عليه، حيث وصفتها وسائل الاعلام بأنها كاتمة أسراره وصاحبة الكلمة الأخيرة قبل أعلى مستوى سياسي في أمريكا، وتناول تقرير لصحيفة «يديعوت أحرنوت» مستوى تأثير جارت، فذكر أنها: «لعبت دور الوساطة السري بين أمريكا وإيران، قبل إجراء المباحثات النووية»، وقال بعض المقربين من البيت الأبيض لـ «يديعوت احرنوت» بأن جارت تدخلت بشكل مباشر في القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في ملف إيران النووي.
أهداف اللوبي الإيراني
وضع اللوبي الإيراني في أمريكا عدة أهداف لنشاطه في أمريكا، ولعل أول الاهداف هو الانتشار الهادف اي استهداف نقاط ومفاصل القرار الأمريكية، والهدف الثاني خلق المشتركات وعدم التعارض مع اللوبي الصهيوني، وثالث الاهداف اعطاء انطباع بأن إيران دولة ومجتمع مختلف في الشرق الاوسط، وتم ذلك من خلال ارسال نخبة من الخبراء للعمل والاقامة في أمريكا، مهمتهم اعطاء صورة عن حضور إيراني نوعي في أمريكا، والهدف الرابع اختراق مؤسسات الابحاث والجامعات والمعاهد والجامعات، وخامسا اختراق مؤسسات القرار السياسي والاقتصادي والامني، واقناعها بضرورة اعادة النظر في رؤيتها للنظام الإيراني، وتقديم رؤى وتصورات استراتيجية حول ضرورة عقد صفقة تاريخية مع إيران لتقاسم النفوذ في الشرق الاوسط، وتقديم إيران نفسها كدولة حامية للمصالح الأمريكية في المنطقة، وسادسا تقديم صورة سلبية عن الاسلام والسنة والمملكة ودول الخليج بتصويرها أنها مصدر الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة وليس إيران.
والإيرانيون يعملون بحذر شديد فيما يتعلق باعمال التمويل المباشرة، فقد أكدت مجلة Tablet Magazine أن التمويل الذي يتلقاه اللوبي الإيراني يأتي عبر مؤسسات محلية أمريكية مثل صندوق بلاوشيرز الذي انفق الملايين للتأثير في سياسة أمريكا ناحية إيران، حيث يعمل اللوبي الإيراني بحرفية تحول دون معرفة مصادر تمويله، بينما تشير بعض المصادر الى ان بعض الشركات الإيرانية التابعة للحرس الثوري، وعبر مجموعة من رجال الاعمال الإيرانيين واللبنانيين الأمريكيين تقوم بدعم اللوبي الإيراني من خلال الاستثمارات المشتركة لرجال الاعمال في السوق الأمريكية، والسبب في هذه الخشية هو الرأي العام الأمريكي، ورغبة هذا اللوبي في عدم الاضرار بصورة إيران في أمريكا.
وهناك ايضا المجلس الوطني للتجارة الخارجية، وهي مجموعة ممثلة للشركات الكبرى في الولايات المتحدة، بدأ مبادرة الضغط الخاصة به والمسماة: USA Engage. جماعات ضغط تجارية كبرى اخرى في الولايات المتحدة اسست لاحقا المجلس الإيراني الأمريكي AIC، بإدارة مكونة من دبلوماسيين أمريكيين سابقين، ومسؤولين تنفيذيين من شركات شيفرون، اكسون موبيل وهالبيرتون. الـAIC والذي حظي بدعم مالي من النظام الإيراني، كان مصممًا بهدف واحد: تغيير الاولويات السياسية الأمريكية تجاه إيران بهدف رفع العقوبات وخلق الفرص للشراكات التجارية المربحة في البلاد.
واللافت للانتباه ان العديد من رجال الاعمال الإيرانيين في أمريكا هم ايضا واجهات لقوى ورموز سياسية ودينية في إيران، حيث تكشف المعلومات أن قوة تريتا بارسي في الحضور والتأثير في الاوساط الأمريكية متأتية من اتكائه على قوة دعم سياسي ومالي إيرانية عبر واجهات استثمارية لشخصيات ورموز إيرانية، ابرزهم المرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني الاسبق هاشمي رفسنجاني، حيث يرتبط بارسي بشبكة علاقات ومصالح مع القوى الحية الأمريكية، يجري تمويل نشاطاته عبر رجل اعمال إيراني يدعى عطية باهار، وهو من المقربين من خامنئي ورفسنجاني.
كما استغلت إيران في ابتعاث مجموعة من الباحثين بالتعاون اللوبي الإيراني في أمريكا للعمل كباحثين في مراكز الابحاث الأمريكية حيث إن ثلاثة من نواب وزراء الخارجية الإيرانيين السابقين قد التحقوا بجامعات أمريكية وهولاء هم: إم. جي. ماهالاتي، فرهاد أتي، وعباس ماليكي رئيس اللوبي الإيراني في أمريكا،، نائب وزير خارجية لثماني سنوات الذي كان أيضا مستشارا لخامنئي حتى بدأ مهنته كباحث في جامعة هارفارد.
في الوقت الذي تتمدد إيران وتبتلع مؤسسات القرار الأمريكية من الداخل، وتؤثر في سياساتها الخارجية، فانها تعمل على نشر ميليشياتها في كل مكان، وتعمل على جعل التشيع أداة تأثير سياسي وأمني لتحقيق مصالحها واهدافها، واذا ما كانت عاصفة الحزم واحدة من السياسات التي استطاعت ان تضرب العصب الإيراني بقوة، وتعيد التذكير بالقادسية الاولى، فان التخطيط الاستراتيجي الامثل هو ميدان المواجهة مع إيران لقلب الطاولة على مخططاتها رأسا على عقب.
فاليري جارت أقرب المستشارات إلى أوباما
الرئيس أوباما وفريال جواشيري