كان البنك المركزي في اليابان ومنذ فترة طويلة يحارب مرضاً يصيب الآن أجزاء كثيرة من العالم المتقدم: التضخم المنخفض أكثر من اللازم، والذي يميل للسير جنبا إلى جنب مع النمو الاقتصادي الباهت. إذا أرادت اليابان تحقيق النجاح في الجهود التي تبذلها، ربما يتعين عليها استهداف تخطي هدف التضخم لديها. أعلن بنك اليابان عن هدف التضخم البالغة نسبته 2 بالمائة في مارس من عام 2013. منذ ذلك الحين، أحرز بعض التقدم: ارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكية بمعدل سنوي متوسط نسبته 1.3 بالمائة، مرتفعا عن معدل بلغت نسبته سالب 0.3 بالمائة خلال السنوات الثلاث الماضية. وهذا أفضل مما حققه الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة، حيث ارتفعت الأسعار بمتوسط سنوي بلغت نسبته 0.8 بالمائة فقط في مارس من عام 2013. مع ذلك، لم يتمكن البنك المركزي الياباني من تحقيق أهدافه كلها. في إبريل من عام 2013، أعلن أنه يتوقع بلوغ الهدف الذي نسبته 2 بالمائة خلال «حوالي عامين» - لكن حتى الآن لا يزال أمامه طريق طويل لتحقيقه.
ربما يكون السبب في عدم النجاح نابعا من عدم كفاية الطموح في الاستراتيجية. أحد الأمور الهامة من أجل تحقيق تضخم أعلى هو في إقناع الناس والشركات بأن الأسعار ستبدأ في الارتفاع وبشكل أسرع. يرغب بنك اليابان في الوصول بتوقعات التضخم تلك إلى نسبة 2 بالمائة - لكن بقيامه بذلك، يكون لا يرغب في أن يرتفع التضخم أبدا لمستوى أعلى من 2 بالمائة. وهذا التقييد يمكن أن يكون يؤدي إلى إلغاء ذاته بذاته، وفقا لورقة بحثية نشرت مؤخرا من تأليف الأستاذة كندة هاشم والأستاذ جينج سينثيا وومن كلية بوث لإدارة الأعمال في جامعة شيكاغو. يفترض كل من هاشم ووو أن كثيرا من الناس يتوقعون التضخم ببساطة عن طريق البحث في مدى سرعة ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة. بدلا من ذلك يريد البنك المركزي منهم إيلاء الاهتمام للرقم الذي يقول هو إن التضخم سيصل إليه - وهي مهمة يمكن أن تكون أسهل بكثير إن ثبت أن التضخم الفعلي يختلف كثيرا عما كان في الماضي. بالتالي، يمكن أن يكون البنك المركزي أكثر فعالية إذا استهدف منذ البداية مستوى أعلى من هدف التضخم الأطول أجلا.
لنفترض، على سبيل المثال، أن بنك اليابان كان قد أعلن عن هدف نسبته 4 بالمائة في مارس 2013. عندما ربما كان التضخم الفعلي خلال السنوات الثلاث الماضية أعلى مما حدث فعلا - الأمر الذي يلقن واضعي الأجور وواضعي الأسعار درسا بأنهم إن أرادوا تجنب الأخطاء الفادحة المكلفة، من الأفضل لهم إيلاء الاهتمام لما يقول البنك المركزي إنه سيحدث في المستقبل. بعد بناء تلك المصداقية، يمكن للبنك المركزي بعدها وبكل سهولة توجيه التوقعات نحو هدفه طويل الأجل والذي تبلغ نسبته 2 بالمائة. إليكم قياسا أجده مفيدا. تخيلوا أن شخصا ألقى مفاتيحه على طاولة تبعد عنه مسافة متر. هذا أمر ليس صعبا. لكن تخيلوا الآن أن تلك المفاتيح لا يمكنها الارتفاع عن مستوى سطح الطاولة. الآن، سيكون من المستحيل تحقيق الهدف المتمثل في وضع المفاتيح على المنضدة.
لدي إيمان بأن بنك اليابان سوف يحقق في نهاية المطاف هدف التضخم لديه. رغم ذلك أغلب ظني أنه سوف يصل إلى هدفه بصورة أسرع إذا حاول في البداية تخطي الهدف.