إن المبادرات الاجتماعية الراقية والهادفة غير الربحية لها دور حيوي في بناء المجتمع المدني، وكذلك رفع مستوى الثقافة والأخلاق بشكل عام بين أطياف المجتمع. ولا شك أن تفاعل القطاعات الرسمية والخاصة معها سيكون له أثر بالغ في ترسيخ مبادئ وقيم أخلاقية وإنسانية يدعو لها ديننا الحنيف بكل وضوح. وهي أيضا تدخل تحت مفهوم العطاء والعمل التطوعي الذي يعد أجمل وأرقى الأبواب للمساهمة سواء بالوقت أو الجهد أو المال من أجل الدين والوطن والمجتمع.
ومن هذه المبادرات الإيجابية تأسيس جمعية تسمى «الجمعية السعودية للذوق العام». وقد تم تأييدها ودعمها من قبل رئيسها الفخري صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية - حفظه الله -.
تلك الجمعية (ذوق) تعمل تحت مظلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية «وزارة الشؤون الاجتماعية سابقا». وقد انعقدت جمعيتها العمومية في 1 شعبان 1437 هجري الموافق 8 مايو 2016 في مقر الغرفة التجارية بالشرقية.
ومثل هذه المبادرات الجميلة والتي تحولت إلى جمعية بدأت بفكرة وحلم، ثم كبرت لتصبح واقعا. وقد كان صاحب تلك الفكرة الراقية هو الأستاذ خالد الصفيان. ولكن الفكرة هي كالبذرة تحتاج إلى داعمين ومتبنين لتصبح شجرة مثمرة ونافعة للوطن والمجتمع. وقد انبرى لذلك رجل الأعمال المهندس محمد خالد الدبل ليكون من الداعمين المتحمسين لها وذلك بتحويلها إلى واقع وعمل مؤسسي ملموس لتصل إلى مراحل متقدمة. وما زال الأمل يحدو الجميع من أجل التوسع والوصول إلى جميع مناطق المملكة، ومن ثم التحليق إلى أبعد من ذلك.
وقد قامت الجمعية «ذوق» باتخاذ رؤية جذابة وهي «مجتمع متحضر»، ورسالة راقية إيجابية تنص على «نشر ثقافة ومفهوم الذوق العام من خلال الرقي بالذائقة في المجتمع في جميع التعاملات والتصرفات لجوانب الحياة المختلفة». إضافة إلى ذلك وضعت لمشروعها عدة أهداف بلغت 28 هدفا، وذلك حتى تصل إلى كل فئات المجتمع المتنوعة.
وربما نتوقف عند بعض من الجوانب المهمة في مثل هذه المبادرة. منها أن شعارها يتجسد في «تعاون، تواصل، تجديد، حيوية» وهو ما يتوافق مع رؤية السعودية 2030 الطموحة. حيث إن من محاور الرؤية الرئيسية هو مجتمع حيوي.
ومنها أن فكرة الجمعية هي منكم وإليكم أيها المجتمع لأنه حين نركز ونغرس روح الجماعة، فنحن المعنيون بها، ونحن المستفيدون منها. فكلنا نريد بيئة صحية خالية من التلوث البصري والسمعي، و نريد أن نرى تصرفات وسلوكيات متحضرة في الشوارع والطرقات. ونريد أيضا الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة حتى تصبح لدينا مدن راقية عمرانيا وسلوكيا. والجمعية هدفها و حلمها الأكبر أن يكون الطابع العام للمجتمع منافسا لباقي دول العالم، فنحن حسب الأرقام والإحصائيات بعيدون جدا عن ذلك!، ولكنه حلم ممكن تحقيقه حين تكون هناك مثابرة وتعاون.
ومن الأمور التي تُحسب لجمعية ذوق هو التنوع العمري والمهني لفريق العمل حيث يشمل رجال أعمال، ونشطاء اجتماعيين، وطلابا من الجامعات والمدارس، وموظفين من القطاع العام والخاص وغيرهم. هذا التنوع يعطيها صدى في المجتمع، ويبين أنها تخص الكل وليست لفئة خاصة. أيضا هو يذكي مفهوم العمل التطوعي وأن كل فرد في المجتمع مهما كان عمله وموقعه يستطيع أن يشارك في بناء المجتمع المدني سواء بماله أو وقته أو جهده أو قلمه أو حتى أفكاره ومقترحاته.
ومن الاقتراحات أن يكون التركيز أكثر على فئة الشباب «الجامعات والمدارس» حيث إنهم يمثلون نسبة 60% من المجتمع، فهم الجيل القادم.
وأضف إلى ذلك ان المبادرة بدأت بتويتر وقد وجدت صدى وتفاعلا كبيرا ومحمودا، وهذا أمر إيجابي ومحفز وربما تحتاج إلى التوسع إلى باقي وسائل التواصل الاجتماعي مثل انستغرام وسناب شات وغيرها، إضافة إلى إنشاء موقع رسمي على الانترنت للجمعية. ومنها استقطاب وجوه شابة إعلامية للوصول لأكبر شريحة من الشباب كنماذج فعالة. كذلك القيام بمسابقات إعلامية متنوعة.
إنه من الجميل والرائع أن تعمل من أجل الرقي بذوق المجتمع، والأجمل أن يتفاعل المجتمع معك، وذلك ما نرجوه ونتمناه بإذن الله.