يعتقد بعض مديري البلديات أن العمل البلدي هو إدارة الرخص والرقابة على المحلات التجارية والمطاعم لتتحول البلدية إلى مكتب لمطاردة المخالفين وإيقاع الغرامات عليهم.
رئيس البلدية كما يبدو ينغمس في الإدارة العميقة للبلدية ويصبح شخصية منشغلة بالتوقيعات والمعاملات وحل المشكلات والخلافات ويترك العناية بالحي وتطويره وتجميله وبث السعادة في نفوس ساكنيه والتقليل من التلوث بكافة أنواعه لذلك تشيخ الخدمات والطرق والمنتزهات في الأحياء مبكراً.
اليوم بعض مديري البلديات والبلديات التابعة لهم أصبحت تمتلك الحصانة والمقاومة ضد إسعاد المواطن وتوفير بيئة مناسبة في الحي للعيش فيها خاصة بعد مشاريع البنية التحتية التي أهلكت الشوارع وكومت المخالفات، وبدلا من أن تقوم البلدية بدورها في صيانة ونظافة وتجميل الحي أصبحت كالمواطن متفرجة، وتحول المواطن إلى رقيب ومسئول نيابة عن البلدية ولكن بدون صلاحيات وإمكانات وأصبح الرقم 940 الخاص بالطوارئ والتطبيقات مجرد بوابة فشة خلق، وصدق المواطن شعار الشراكة وأنه رجل البلدية الأول وتفاعل ولكن النتيجة رسالة نصية تقول شكراً لاتصالك لقد تم توجيه بلاغك إلى البلدية الفرعية أو مكتب تنسيق المشاريع وتبقى الحفر والأرصفة المكسرة والمخلفات شاهدة وعصية عن التنفيذ.
اليوم أندهش وأستغرب من مدير البلدية السلبي الذي يدير مؤسسة هامة لها علاقة بالمجتمع ويتسمر في مكتبه وكأن الأمور في الحي لا تخصه أو غير مسئول عنها ولا حتى يرد أو يتصل ويتفاعل مع المطالب المشروعة للناس فإما أنه تولى هذا المنصب وهو يجهل أبجديات العمل البلدي وإما أن يكون هذا الشخص شخصية سلبية وليست قيادية واختير لشهادته وغير جدير بالعمل البلدي أو أنه مجرد خيال لا يهش ولا ينش ومنزوع الصلاحيات والإمكانات التي تمركزت بيد مسؤولي الأمانة وكل هذه الأمور خطرة على التنمية المحلية التي تبدأ من الأحياء وأكثر خطورة على الكثير من المفاهيم الجميلة عن الشراكة والعمل البلدي والتنمية المحلية والمستدامة.
البلدية والعمل البلدي كمفهوم ودور وإبداع وتميز وفعالية في أشد الحاجة إليه في المملكة خاصة أننا دولة ناشئة وأحياؤنا أغلبها حديثة ونريد أن نحافظ على مكتسباتنا ويصبح الحي بيئة جاذبة ينخفض فيه مستوى التوتر والتلوث وترتفع فيه جوده الحياة ويحس الناس بالرفاهية لأننا دولة غنية بكل شيء وليست هذه المكانة والحال في الأحياء التي نطمح إليها.
أعتقد أن اللغز وراء عدم قيام البلديات بدورها هو مركزية الأمانات واستحواذها على أدوار يجب أن تكون ضمن أدوار البلديات الفرعية إلى جانب ما تشهده بعض الأمانات من تضخم إداري أدى إلى انعزالها عن احتياجات ومتطلبات مجتمع الأحياء وهذا يتطلب من الدولة إعاده تقييم العمل البلدي وإدخاله ضمن منظومة مقاييس الأداء الاحترافية حتى نستطيع أن نقول إن هناك عملا بلديا من عدمه.