إذا أردت أن تعرف أخلاق شخص فضع في يده سلطة، ثم انظر كيف يتصرف، فإن تصرَّف بضميره وأمانته تأكد أنه لا يهمه ذلك الغطاء الذي يغطيه سواء بقي أو انكشف.
صاحب القيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة إن نال منصبًا وتقوى، تواضع وعمل بأخلاقه وأخلاق المهنة ولا يضره سقوط ورقة التوت، سقطت أم ظلت.
وعكسه المتسلق على أكتاف الآخرين يدمره سقوط ورقة التوت، ويكشف ستره، ولا أبالغ إن قلت: أمثاله منتشرون في كل مؤسسة يوجد فيها فساد، قاعدتها متهرئة سببها هذه الفئة التي نبتت في الظل، وتبحث عن نقطة مضيئة لتبقي على حياتها المتشبعة بثاني أكسيد الكربون وتوصلها إلى طموحاتها.
عقول فارغة من كل المبادئ والقيم والأخلاق والأعراف تسطح تفكيرها وفراغ عقولها يحجب عنها ضوء الشمس، حقيقة لا يصح إلا الصحيح جوفاء فلا تستغرب من عدم استقامتها، فالكيس الفارغ لا يقف مستقيما.
يصولون ويجولون ويتصرفون كما يحلو لهم خاصة عندما تُعطى لهم الفرص ويكون لهم غطاء ساتر ولو بحسن نية، ومع ذلك الغطاء قل على المؤسسات السلام.
بيدهم الأخطبوطية يعبثون في كل الاتجاهات، يرمون أوراقهم، ويلعبون في مجالات لا تمت لتخصصهم بصلة، ضاربين بكل الأعراف والنظم والقوانين عرض الحائط.
ورقة التوت اليوم تستر، وغدا ستسقط وينكشف المستور.
البداية التسلق على الأكتاف، ثم تجاوزوها بالطيران بأجنحة المُتسلق عليهم، ولا يهم من يكونون؟ وكيف؟ ومتى؟ وأين؟ كلها أدوات استفهام لها معنى فقط في قواعد اللغة العربية أما في منهجهم المعتمد الوصول لا شيء غيره.
لا يهمهم أخلاقية الوسيلة المتبعة لتحقيق غايتهم، وإنما ملاءمة هذه الوسيلة، فالغاية تبرر الوسيلة منهج وصولي متفق عليه في قانون هذه الفئة.
يتلونون بتلون المواقف ليصعدوا على أكتاف المبدعين، غير آبهين بمن يقع أرضا ومن يضيع سحقا لا يهم.. ما دامت مصالحهم قائمة، وورقة التوت باقية. أمنوا سقوطها ونسوا أن أوراق الأشجار تتساقط كل يوم، ولا شك في أن ورقة التوت كبقية أوراق الشجر ستسقط وبعدها زيفهم سيذهب إلى مزبلة التاريخ.
محترفون في خطف الأضواء من أصحاب الجهد الحقيقيين.. «ويعطيك من طرف اللــســان حلاوة ويروغ عنك كــما يروغ....».
ستسقط ورقة التوت يوما، لأن دوام الحال من المحال، وجلمود الصخر قد يتحول لقشة لا تستطيع حمل أصغر بعوضة، وكذلك النار تصبح رمادا لا تقدر على حمل أصغر قشة، وفي كل الأحوال أعمالهم سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، واكتشاف واقعهم الحقيقي سيكون عندما تسقط ورقة التوت.
مخلوقات غير إنسانية، وأعتذر عن التشبيه فلا أعنيهم من ناحية الخِلقة، بل من ناحية الأساليب المتسلقة، حيث يقفزون من غصن إلى غصن ومن شجرة لأخرى يأكلون من ثمارها ولا حمدا ولا شكرا.
إذا أردت أن تعرف أخلاق شخص فضع في يده سلطة، ثم أنظر كيف يتصرف، فإن تصرف بضميره وأمانته تأكد أنه لا يهمه ذلك الغطاء الذي يغطيه سواء بقي أو انكشف.
خلل اجتماعي سببه قلة، وغيرهم من المخلصين كثير يبدؤون أعمالهم بكتابتها بمسك ويختمونها بعنبر وذكراهم العطرة عمرهم الثاني، ولا يخيفهم سقوط ورقة التوت أو بقاؤها.