برنامج «التحول الوطني 2020»، الذي أقره مجلس الوزراء أمس الأول يحمل مضامين هامة، ورسالته الأبرز هي: الأمل والعزيمة والإصرار على الدخول بقوة في المستقبل، الدخول عبر التفكير الموضوعي الذي ينظر لواقعنا وإمكاناتنا وتحدياتنا، ويدقق في الفرص التي تحملها التحديات. هذا البرنامج المنبثق عن «رؤية المملكة 2030» هو رسالة لكي نواجه تحديات المرحلة الراهنة، وخطورة المشاريع والحروب التي تجري حولنا، نواجهها بالانشغال بالمشاريع والمبادرات التي تعزز الجبهة الداخلية وتستجيب للمشاكل التي نعاني منها، إننا نستثمر قوتنا لعلاج ضعفنا. ما يستهدفه البرنامج الجديد هو البحث عن موارد مالية مستدامة لمشاريع وبرامج التنمية. وهذه الاستدامة للموارد تسعى المبادرات لتنميتها من الموارد الذاتية لكل قطاع، ثم يعالج النقص في الموارد المالية من عائدات ثرواتنا الطبيعية بأنواعها. هذا هو جانب الابتكار والإبداع في رؤية المملكة 2030، إنها مشروع للتربية الوطنية المستدامة التي تأخذنا إلى حقبة «إنتاج الثروة»، هذا الجانب المشرق في التفكير هو طاقتنا لمواجهة تحديات المستقبل. بعد الثقة في تدبير الله سبحانه وتعالى، ليس هناك طاقة دافعة للإنتاج والإبداع تتعدى قوة «التفكير الإيجابي»، إنها طاقة فعالة لمواجهة التحديات، وهذا ما نلمسه من المبادرات التي يطرحها برنامج التحول الوطني. كل وزارة وهيئة نظرت في الخدمات التي تقدمها للناس، بحثت عن جوانب القصور والخلل في خدماتها، ثم نظرت في السبل والآليات المساعدة للتغلب على المشاكل. في هذه الجريدة، وفي أماكن أخرى، قلت مرات عديدة إن المدقق في مشاكلنا والتحديات التي نتخوف منها ربما يقتنع أننا سلبيون وغير مبادرين، وننظر إلى أوضاعنا بمنهج ضيق واحد يحد من إطلاق قدرات التفكير بطرق متعددة، وبالتالي إهدار فرص عديدة نملكها لمواجهة تحدياتنا ومشاكلنا. من هذا المنطلق نرى برنامج التحول الوطني ومبادراته وما يطرحه من أفكار تأخذنا للمستقبل. بعد مرور ثلاثة أجيال على مشروع الوحدة الوطنية، بلادنا تحتاج أن تعيد اكتشاف إمكاناتها وإبداعات أبنائها، وأن تستثمر رأسمالها الوطني المتراكم والموجود في مكونات الدولة التي تراكمت عبر قرن، وأيضا تحتاج إعادة اختراع عمل الحكومة. قبل عدة سنوات، كنّا نتحفظ في الحديث حين النظر في المشاكل، وكنا نقول: لا نحتاج إعادة اختراع العجلة، وكان هذا في حقبة التطور التدريجي للتقنية واستقرار الاختراعات. الآن البشرية دخلت بقوة في حقبة الاختفاء السريع للاختراعات وما تحمله من حلول وأفكار وتقنية. عالمنا اليوم تتقاطع فيه قوى عديدة تاريخية تأخذنا إلى تغييرات سريعة وكبيرة. التطور المذهل في تقنية المعلومات يولِّد انفجارا معرفيا كونيا نعيشه الآن ونرى تأثيراته على حياتنا. كذلك الأجيال الجديدة تطلعاتها تكبر وتتوسع كل يوم وهي ترى عالمنا اليوم بكل أبعاده وتتواصل معه من غرف نومها. أيضا نحن نشهد تحول كل فرد إلى منتج وموزع للمعرفة والمعلومة، ولديه فرصة لاختراع مشروع أو المساهمة في نجاح أو فشل مشروع، ومساهمته هذه ربما تؤثر في العالم سلبا أو إيجابا. هذه الحقبة تتطلب من بعض الوزارات والأجهزة الحكومية أن تعيد اختراع طرق عملها لتنظر للمستقبل. لدينا بعض الأجهزة ما زالت تعمل وتفكر وتتواصل مع الناس الذين تخدمهم بآليات القرن الماضي! مع برنامج التحول الوطني.. الآن الأجهزة الحكومية سوف تدخل ميدانا للتنافس الشريف الذي يفرز إمكانات وقدرات العاملين فيها وقياداتهم، سوف ينتهي زمن «الشماعات» التي تخترعها بعض الأجهزة الحكومية لتعلق عليها تقصيرها وقلة حيلتها. الآن زمن المبادرات ومواجهة التحديات، والأفق لن يعوق المشاريع الطموحة. الحمد لله أن لدينا مبادرات ومنجزات وطنية ناجحة، سابقة وحالية في مجالات عديدة، تؤكد أننا قادرون على إحداث وصناعة التميز. المهم أن نكون إيجابيين. طبعا لن تتحقق كل أحلامنا، ومتوقع أن تفشل بعض مشاريعنا، وهنا لذة الحياة عندما تتقلب بين النجاحات والإخفاقات.. إنها مشروع كفاح وليس صراعا وتطاحنا! المهم أن نكون مشغولين في البناء، بالذات بناء الأشياء العظيمة. •••
إذا غامرت في شرف مروم
فلا تـقـنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن العجز أمن
وتلك خـديعة الطـبع اللئيم «أبو الطيب المتنبي»