تأخذ زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد وزير الدفاع، للولايات المتحدة هذه الأيام أهمية خاصة، سيما وأنها تتم في ظرف دولي وإقليمي بالغ الدقة، يتمثل في تطورات القضية السورية، ومشكلة اليمن، والعراق، وليبيا، إلى جانب القضية الفلسطينية التي لا تزال تراوح مكانها رغم وعود الرئيس أوباما في مستهل ولايته الأولى، والذي يبدو من الواضح أنه سيختتم ولايته الثانية دون أي بارقة أمل في حلحلة هذا القضية التي تشكل دمّل المرض العربي، وأس مشاكله، حيث سيلتقي سموه الكريم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووزير دفاعه أشتون كارتر، إلى جانب عدد من القيادات الأمريكية، كما من المتوقع أن يزور سموه نيويورك للقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، غير أن الملف السياسي الذي يحمله سمو الأمير -على أهميته، وضخامة محتوياته- لن يخطف كل تفاصيل هذه الزيارة، فسمو الأمير يحمل بيده الأخرى ملفا ضخما لا يقل أهمية عن سابقه، إن لم يكن يوازيه في الأهمية، وهو ملف الاستثمار، حيث يعمل مهندس «رؤية السعودية 2030 م» على فتح كل منافذ الاستثمار، لتحرير اقتصاد البلاد من أحادية المصدر إلى رحاب الاستثمار المتعدد وغير المزاحم، ومن المقرر في هذا الصدد أن يلتقي سمو ولي ولي العهد خلال زيارته لواشنطن عددا من الرؤساء التنفيذيين لكبريات الشركات الأمريكية لغرض مناقشة مساهمتها في مشروع الرؤية والتحول الوطني، وبحث كافة سبل الاستثمار التي يمكن أن تُفتح أمام الطرفين عبر اتفاقيات الشراكة، ويولي سمو الأمير هذه اللقاءات والتي تمّ التحضير لها جيدا الكثير من العناية والاهتمام، انطلاقا من أهمية السوق الأمريكية في الاقتصاد الدولي، وتأسيسا على قاعدة عريضة من العلاقات الاقتصادية المميزة التي اتسمت بها العلاقة بين الطرفين، مما سيسهم في تسريع تنفيذ برامج استثمارات الرؤية، التي وجدتْ الكثير من الترحيب فور إعلانها من قبل الدوائر الاقتصادية الأمريكية، والتي أدركت أن المملكة، وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، قد وضعتْ قدمها فعلا على أول مضمار التحول الوطني، وبرؤية جادة عكستها عناوين الرؤية الواضحة التي نالت ثقة الاقتصادات العالمية، وبادرت لإعلان ترحيبها بها واستعدادها للمشاركة في تحقيق تطلعات المملكة لما فيه خير الطرفين.
لهذا يُعلق الكثير من خبراء الاقتصاد السعوديين والدوليين أهمية كبرى على لقاءات سموه الكريم برؤساء الشركات الأمريكية الكبرى، على اعتبار أنها ستكون الباب الآخر الذي سينفتح لصندوق الاستثمارات السعودي بعد الاستثمار في أوبر في الولايات المتحدة الأمريكية، مما سيعزز متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويزيد من حجم التبادل التجاري، ويسهم في تسريع إنضاج الرؤية السعودية التي تحظى بثقة كافة أركان الاقتصاد العالمي في الولايات المتحدة وخارجها، تأسيسا على شفافيتها ووضوح مقاصدها، وقبل هذا وذاك الثقة الكبيرة في الاقتصاد السعودي ومتانته، وسلامة ذمم بلادنا في كل تعاملاتها الاقتصادية الدولية.