وجد المنتخب الفرنسي بطلا كان يبحث عنه منذ اعوام، وتحديدا منذ ايام زين الدين زيدان الذي قاده الى لقب كأس العالم 1998 ونهائي 2006 وكأس اوروبا 2000، واسمه انطوان جريزمان الذي دخل الى نهائيات كأس اوروبا 2016 وهو خارج حسابات النجومية في ظل الجدل القائم بسبب استبعاد كريم بنزيمة. لكن مهاجم اتلتيكو مدريد الاسباني فرض نفسه النجم الابرز لبلاده في هذه النهائيات التي تستضيفها على ارضها، اذ نجح بأهدافه الستة حتى الآن في قيادتها الى نهائي البطولة القارية للمرة الاولى منذ 2000 والثالثة في تاريخها. صحيح ان جريزمان الذي يخوض النهائيات القارية للمرة الاولى في مسيرته، رفض مقارنته بالاسطورة ميشال بلاتيني الذي قاد «الديوك» الى لقبهم الاول عام 1984، لكن المهاجم الصغير القامة حفر اسمه في سجلات عظماء الكرة الفرنسية خصوصا بعد الدور الذي لعبه بقيادتهم الى النهائي على حساب المانيا بطلة العالم بعد ان سجل ثنائية الفوز.
«انه لاعب رائع. لقد اظهر معدنه كلاعب معطاء»، هذا ما قاله مدرب فرنسا ديدييه ديشان عن جريزمان الذي اصبح اول لاعب يسجل 5 اهداف او اكثر منذ التشيكي ميلان باروش في نسخة 2004 (5 اهداف)، واللاعب الوحيد الذي يتفوق عليه بعدد الاهداف في نسخة واحدة هو مواطنه بلاتيني (9 عام 1984). وواصل ديشان: «كان حاسما بالنسبة لنا في هذه البطولة الاوروبية. بإمكانه التسجيل وبإمكانه مساعدة الاخرين على التسجيل». وحتى ان بنزيمة الذي حرم من المشاركة في البطولة بسبب قضية ابتزاز زميله ماتيو فالبوينا على خلفية شريط جنسي للاخير، وضع جانبا غروره والادعاءات بانه استبعد عن التشكيلة بسبب خلفيات عنصرية واشاد بالمنتخب في حسابه على تويتر واعرب عن دعمه له، قائلا: «هيا، تبقى لنا مباراة واحدة» تجمع الفرنسيين بالبرتغال ونجمها كريستيانو رونالدو غدا الاحد على «ستاد دو فرانس» في ضاحية سان دوني الفرنسية. ما هو مؤكد ان بإمكان فرنسا التي ثأرت من خسارتها امام المانيا في ربع نهائي مونديال 2014 واكدت تألقها على ارضها في البطولات، اذ لم تذق طعم الهزيمة بين جماهيرها للمباراة الثامنة عشرة على التوالي (5 مباريات في كأس اوروبا 1984 حين توج باللقب و7 في كأس العالم 1998 حين توج ايضا و6 في كأس اوروبا 2016)، ان تعتمد في النهائي على لمحات اخرى من جريزمان الذي اظهر رباطة جأش مميزة جدا بتنفيذه ركلة الجزاء في الوقت بدل الضائع من الشوط الاول.
ففي نهاية دوري ابطال اوروبا في مايو الماضي، اهدر جريزمان ركلة جزاء لفريقه اتلتيكو في الشوط الاول من مواجهته مع جاره اللدود ريال مدريد كانت بالامكان ان تغير مجرى المباراة التي حسمها الاخير بركلات الترجيح وتوج بلقبه الحادي عشر.
لكن في مباراة الخميس في مرسيليا، لم يتردد جريزمان في تولي المسؤولية رغم الضغط المعنوي وذكريات ذلك اليوم المشؤوم على ملعب «سان سيرو» في ميلانو، وقد نجح في وضع الكرة بعيدا عن متناول الحارس العملاق مانويل نوير مسجلا هدفا مصيريا خصوصا ان الافضلية كانت للالمان في معظم فترات الشوط الاول. وعلق جريزمان على هذا الامر، قائلا: «اردت ان انفذ ركلة الجزاء في لحظة مهمة للغاية، وانا سعيد لاني فعلت ذلك، وسعيد لاني سجلت».
فرصة لتحقيق الثأر
وبعد ان ثأر منتخب «الديوك» من نظيره الالماني الذي فرض نفسه عقدة له في البطولات الكبرى بفوزه عليه في 3 مناسبات (نصف نهائي مونديال 1982 بركلات الترجيح بعد تعادلهما 3-3 ونصف نهائي مونديال 1986 بنتيجة صفر-2 وربع نهائي مونديال البرازيل 2014 بنتيجة صفر-1)، ستكون الفرصة سانحة امام جريزمان لتحقيق ثأر شخصي من لاعبي ريال مدريد رونالدو وبيبي عندما يواجههما الاحد في سان دوني. ويأمل جريزمان الذي حرم قبل اسابيع على يد رونالدو ورفاقه في ريال من لقبه الكبير الاول على الاطلاق ان كان على صعيد الاندية او المنتخب، ان يقود بلاده الى لقبها القاري الثالث وان يحرم «سي ار 7» من فرحة التتويج الاول مع بلاده بعد ان توج بجميع الالقاب الممكنة على صعيد الاندية ان كان مع مانشستر يونايتد الانجليزي او النادي الملكي. ولم يأت تألق جريزمان في نهائيات كأس اوروبا من فراغ، وذلك لان المهاجم السابق لريال سوسييداد الاسباني قادم من موسم رائع مع اتلتيكو اذ سجل 32 هدفا لفريق المدرب الارجنتيني دييجو سيميوني بفضل غريزته القاتلة امام المرمى، كما اظهر في الهدف الثاني الذي جاء بعدما انقض على الكرة امام المدافعين الالمان وحولها الى الشباك اثر تدخل غير موفق لنوير على عرضية من بول بوجبا. وعلق المهاجم البالغ من العمر 25 عاما على هذا الهدف، قائلا: «بالنسبة للهدف الثاني، كنت متربصا بانتظار اي خطأ من الحارس». واعتبر زميله في الهجوم اوليفييه جيرو ان جريزمان اسكت المشككين، قائلا: «لقد استلم القيادة في هجومنا واصبح عنصرا لا غنى عنه»، فيما رأى بوغبا ان الهدف الذي جاء بعد تمريرته العرضية اكمل ليلة رائعة في مرسيليا حيث احتشد 65 الف مشجع في «ستاد فيلودروم».
وتابع لاعب وسط يوفنتوس الايطالي: «لقد لعبتها (الكرة) عرضية وجريزو كان هناك. الامر كان رائعا في فيلودروم. بصراحة، كرة القدم شيء رائع».