DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
national day
national day
national day

لا وقت للغد «1-2»

لا وقت للغد «1-2»

لا وقت للغد «1-2»
التحولات الجسدية والروحية والوجدانية هي التي أشعلت في وجدان الشعراء الثلاثة الذين حمل أنينهم المقال السابق ما أشعلت.. وقد اكتفى المقال بوصف تجربتهم بالغربة الوجودية الحتمية لكل حي، شعر بظلام هذه الغربة يتكور في عينيه وقلبه. لكن قراءة سريعة لقصيدة «لاعب النرد» لدرويش تنسينا كل ما قاله الشعراء المبدعون الثلاثة وحتى ما قاله هو في نفس التجربة «- أتعرفني؟ بكى الولد الذي ضيعته/ لم نفترق لكننا لن نلتقي ابدا» وتضعنا في متيه يرادف العبث نرى منه وفيه الحياة كلها حفنة من زجاج: «نجوت مصادفة كنت أصغر من هدف عسكري وأكبر من نحلة تتنقل بين زهور السياج وخفت كثيرا على إخوتي وأبي وخفت على زمن من زجاج» هذا الزمن الزجاجي الذي لا يعرف المرء متى سيتحطم هو نفسه مصادفة من المصادفات التي يتقلب في رمضائها السرمدية جميع البشر وهو الذي يجعل الخوف ظلا بثقل اللعنة يطوق الحياة: «ومشى الخوف بي ومشيت به حافيا ناسيا ذكرياتي الصغيرة عما أريد من الغد – لا وقت للغد -..» هل تريد مني التوقف عند هذا «اللغم» الذي يسمونه لغة = «لا وقت للغد؟» لا لأني لا أستطيع. وحتى الوطن الذي كان درويش يعانيه كما يعاني قلبه الذي يقول فيه «كان قلبي زاهدا/ أو زائدا عني/ كحرف الكاف في التشبيه؟» هذا الوطن برغم مصادفته القدرية أصبح غربة مضاعفة أو خبرا لكان: «شمألت شرقت غربت أما الجنوب فكان قصيا علي لأن الجنوب بلادي..» أما الحب الذي هو المعنى الأجمل للحياة فيصبح محض طيف يمر بسرعة البرق أو بسرعة الصدفة: «يقول المحب المجرب في سره هو الحب كذبتنا الصادقة فتسمعه العاشقة فتقول: هو الحب يأتي ويذهب كالبرق والصاعقة..» أهكذا هو الإنسان: ريشة في عاصفة ليس له أي دور في أي شيء «ليس أي دور بما كنت/ أو سأكون» إنها الحياة التي يقودها السراب: «السراب كتاب المسافر في البيد لولاه لولا السراب لما واصل السير بحثا عن الماء.. هذا سحاب يقول ويحمل إبريق آماله بيد.. وبأخرى يشد على خصره ويدق خطاه على الرمل «...» ويكتب سطرا على الرمل: لولا السراب لما كنت حيا إلى الآن»..