تخيل نفسك تستيقظ صباح أحد الأيام لتجد مبلغا إضافيا في حسابك، هدية من البنك المركزي في بلدك. ربما يبدو هذا أمرا غريبا - حتى بعض المؤيدين للفكرة يعترفون بأنها غير محتملة الحدوث. لكن مفهوم ما يسمى بأموال المروحيات تجري مناقشته بشكل جدي من قبل خبراء الاقتصاد. السبب في ذلك هو أن تريليونات الدولارات واليورو والين والجنيهات التي قامت البنوك المركزية بضخها إلى النظام المالي العالمي منذ أزمة الائتمان لعام 2008 فشلت في إشعال فتيل النمو العالمي.
تفيد النظرية بأن أموال المروحيات التي تسلم مباشرة إلى المستهلكين من شأنها أن تدفعنا نحو الانطلاق إلى المحلات التجارية لإنفاق المكاسب التي حصلنا عليها، ما يعزز الثقة في الاقتصاد. وهذا الطلب المتزايد من شأنه أن يسمح للأسعار بأن ترتفع مرة أخرى، وهذه خطوة حاسمة لأن التراجع في الأسعار، الذي يعرف بالانكماش، غالبا ما يكون مقدمة للركود واسع الأمد. وهذا الاهتمام المتجدد في فكرة يبلغ عمرها حوالي نصف قرن ما هو إلا دليل على أن التدابير التي سبق اعتبارها على أنها جريئة أصبحت عادية - وتفتقر إلى الفعالية على نحو متزايد.
في العام 2016، تحدث مشاهير السوق بمن فيهم بول كروجمان، الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، وتوني ييتس، الخبير الاقتصادي الأسبق لدى بنك إنجلترا، وأدير تيرنر، الرئيس السابق لسلطة الخدمات المالية في المملكة المتحدة، جميعهم حول إيجابيات وسلبيات التحويلات المالية المباشرة. كما أن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي في مارس وصف أموال المروحيات بأنها «مفهوم مثير جدا للاهتمام». قام وزير ياباني بتحريك سعر الين في يوليو من خلال رفض أحد التقارير الصحفية الذي أفاد بأن الحكومة تأخذ بعين الاعتبار أموال المروحيات. وازدادت حدة النقاش بسبب المخاوف من انخفاض التضخم، لا سيما في أوروبا واليابان.
وقد حاولت البنوك المركزية الرئيسية في العالم، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تعزيز الأسعار ورفعها من خلال شراء السندات الحكومية فيما يعرف باسم برنامج التسهيل الكمي. يلجأ المسؤولون عن الاستقرار النقدي إلى التسهيل الكمي لخفض تكاليف الاقتراض بعد أن فشل خفض أسعار الفائدة التي يسيطرون عليها - الطريقة التقليدية للتحفيز النقدي- في تحقيق الهدف المطلوب، حتى عندما انخفضت جميعها وصولا إلى الصفر. وتجاوزت بعض البنوك المركزية برنامج التسهيل الكمي وأدخلت أسعار فائدة سلبية، وبالتالي فرض رسوم على البنوك التي تحتفظ بالنقدية المودعة لتشجيعها على الإقراض بدلا من اكتنازها.
في الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة ومعظم الحكومات الأوروبية غير راغبة أو غير قادرة على مواصلة تقديم التحفيز المالي من خلال خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق. وهذا يفرض بدوره ضغطا على البنوك المركزية لتصل إلى مستويات أعمق من الأدوات التي تستخدمها وتستخدم أدوات سياسة غير تقليدية بشكل أكبر من أي وقت مضى.
توصل ملتون فريدمان إلى مفهوم أموال المروحيات في العام 1969. وقد تصور ذلك الخبير الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل وجود مروحية تحلق فوق المجتمعات المحلية وتلقي نقودا ورقية من السماء، كتجربة فكرية لنرى ما الذي يمكن أن تفعله الزيادة التي لن تتكرر أبدا في عرض النقود في كل من الإنفاق والتوفير. وقد اشتهرت هذه الفكرة بسبب بين بيرنانكي في العام 2002، عندما أشار إليها، حين كان عضوا في مجلس المحافظين في الاحتياطي الفيدرالي، أثناء الإعراب عن وجهة نظره بأن البنك المركزي يمكنه دائما إشعال التضخم إذا لزم الأمر. علق الاسم المستعار «مروحية بين»، على الرغم من أن كتاب قواعد اللعبة الذي كان يسير بيرنانكي على أساسه حين كان رئيسا للاحتياطي الفيدرالي خلال فترة الركود التي أعقبت الأزمة المالية لم يصل إلى حد طباعة المال وتوزيعه على المستهلكين.
مع ذلك، وفي منشور له في مدونة في إبريل من عام 2016، قال بيرنانكي: إن أموال المروحيات ربما تكون «أفضل بديل متاح» في ظل بعض «الظروف القصوى». في مناقشات اليوم، من المتصور أن أموال المروحيات يمكن توزيعها إما عن طريق إضافة رصيد إلى الحسابات المصرفية للناس أو على شكل رديات ضريبية. الأمر المهم هو أنها تأتي من عملية إصدار لمرة واحدة للمال من قبل البنك المركزي، بدلا من أن يتم إقراضها من قبل الحكومة أو أن تنتج عن الإنفاق الحالي.
يقول مؤيدو أموال المروحيات إنها تعتبر المكافئ المالي لحقن الأدرينالين في قلب مريض مصاب بالسكتة القلبية. ويقولون إنها يمكن أن تكون أيضا أقل خطورة من التسهيل الكمي، الذي ألقي عليه اللوم بتأجيج ما يراه البعض على أنه فقاعة في أسواق الأسهم والسندات العالمية. كما أنه من الممكن أيضا أن تنتشر منافعها بشكل أوسع نطاقا.
يشير المعارضون إلى أن أموال المروحيات ليست مجانية تماما. فطباعة المزيد من المال يحط من القوة الشرائية لما يمتلكه المدخرون في حساباتهم، بنفس الطريقة التي تعمل فيها شركة تبيع أسهما جديدة على التخفيف من حيازات المساهمين لديها. يقول آخرون إن أموال المروحيات هي عبارة عن بديل بالغ التعقيد للتحفيز المالي الذي ينبغي على الحكومات توفيره. كما أن هنالك أيضا خطرا في أن تؤدي أموال المروحيات إلى حدوث تضخم أعلى بكثير من نسبة 2 بالمائة التي تعتبر حاليا النسبة التي ترغب بها البنوك المركزية، إذا اعتقد الناس بأن البنوك أو الحكومات ربما تصبح مدمنة على تلك الدفعة.
وقد تفشل أيضا على أية حال: فحيث إنه لا يوجد أي شيء حاليا يعمل بشكل ناجح على النحو الذي كان يدرسه طلاب الاقتصاد في الكتب الجامعية المقررة، ربما يقرر الناس فقط أن يقوموا بتوفير المكاسب المفاجئة التي هبطت عليهم.