تبدو هدنة «الفرصة الاخيرة» لاخراج سوريا من الازمة صامدة في ثالث أيام الهدنة، وعم الهدوء معظم الجبهات، لكن غياب المساعدات الانسانية يثير خيبة امل لدى السكان في المناطق المحاصرة. وتوقفت المعارك مع الاعلان عن تجاوز عدد القتلى 300 الف سوري بينهم 87 الفا من المدنيين في الحرب التي بدأت منتصف مارس 2011 وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان.. بينما سُجلت خروقات من قوات النظام في حلب شمالي البلاد ووردت انباء عن حدوث قصف متقطع بالمدفعية على ما تبقى من مواقع للمعارضة في حي الراموسة جنوب المدينة، كما قصفت طائراته بلدة كفرناها، الا أن الهدوء كان سائدا بشكل عام حيث مارس السكان حياتهم الطبيعية. واستهدفت طائرات الأسد في وقت مبكر امس مدينة حريتان وطريق غازي عنتاب شمال مدينة حلب بالرشاشات الثقيلة بحسب ناشطين.
واستمرت المعارك في محافظة حماة (وسط) بين قوات النظام ومسلحي فصيل «جند الاقصى» الذي تصنفه دول عدة على أنه «إرهابي».
وشهدت إدلب هدوءا دون تسجيل خروقات. فيما خيم الهدوء على جميع الجبهات في حمص. وشهدت درعا التزاما بالهدنة. وفي حين وردت أنباء أمس الأول عن دخول شاحنات محملة بمساعدات إلى سوريا، الا أن شهود عيان أكدوا عدم دخول أية مساعدات دولية حتى ظهر أمس الأربعاء، في وقت تنتظر فيه الأمم المتحدة موافقة النظام للبدء في هذه الخطوة الحيوية، وقال المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الثلاثاء في جنيف إنه لا علم له بتحرك شاحنات مساعدات إلى سوريا. بينما أعلن الكرملين، الأربعاء، أن الهدنة في سوريا هشة لكنها تمنح الأمل في الوصول إلى حل سلمي للصراع وقال ان الهدف الرئيسي من الهدنة هو فصل المعارضة المعتدلة عن «الجماعات الإرهابية». واعتبر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أنه لابد من تحقيق ذلك، من أجل تعزيز الهدنة الهشة في سوريا، حسب ما أوضحت وكالة رويترز.
وقالت وسائل اعلام ان الطيران الروسي استهدف مقرا لفصيل فيلق الشام في ريف حلب الغربي.
شاحنات تنتظر
من جانبه استبعد مسؤول في مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية احتمال ان يتم توزيع المساعدات الانسانية أمس الاربعاء.
وقال ديفيد سوانسون، الناطق باسم مكتب الشؤون الانسانية بغازي عنتاب في تركيا، لوكالة فرانس برس «على أساس ما سمعناه على الارض، من غير المرجح ان يحصل هذا الامر اليوم».
وأضاف ان الهدنة التي تبدو صامدة «تعطينا الامل، وهي الفرصة الوحيدة منذ فترة طويلة لإيصال المساعدات».
وتابع «لكن التحدي بالنسبة إلينا هو ضمان أن كل أطراف النزاع هي على الموجة نفسها»، مطالبا بضمانات أمنية.
واكد سوانسون ان عشرين شاحنة محملة بحصص غذائية كافية لحوالى اربعين ألف شخص جاهزة لعبور الحدود التركية. وقال «ما ان نحصل على الموافقة، يمكننا التحرك».
وتابع «المساعدة لن تسلم فقط الى حلب، ان الامم المتحدة في سوريا تسعى ايضا الى تقديم المساعدة الى مناطق اخرى محاصرة أو يصعب الوصول اليها».
وكان مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا طالب الثلاثاء «بضمانات بعدم التعرض للسائقين وللقوافل».
وتعتزم الامم المتحدة البدء بتوزيع المنتجات الغذائية في الاحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حلب حيث لم يتلق اكثر من 250 الف شخص المساعدات من المنظمة الدولية منذ يوليو.
وبهدف ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة في حلب حيث ينتظر السكان المواد الغذائية بشكل يائس، أقام جنود روس نقطة مراقبة على طريق الكاستيلو، محور الطرق الاساسي لنقل المساعدات من تركيا الى أحياء المدينة الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة.
وعمّ الهدوء لليلة الثانية على التوالي حلب، المدينة الكبرى في شمال سوريا، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس في الاحياء الشرقية وتلك الغربية التي يسيطر عليها جيش النظام. وحلقت طائرات فوق المنطقة لكن بدون شن غارات.
عدم مقتل أي مدني
وفي السياق، أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان انه لم يسقط أي قتيل مدني منذ بدء سريان الهدنة مساء الاثنين، رغم حصول إطلاق نار متقطع في محافظة حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان اتفاق وقف الاعمال القتالية «إيجابي جدا ومطبق إلا من بعض الخروقات القليلة التي لم تتسبب بمقتل مدنيين سوريين».
وأضاف «اذا استمرت الامور على ما هي عليه، فهذا يعتبر تطورا ايجابيا للغاية، لأننا حافظنا على أبناء شعبنا السوري المدنيين من القتل والاقتتال والتشريد».
لكن الشكوك حول استمرارالهدنة لا تزال قائمة بعد فشل اتفاقات تهدئة عدة سابقة في الحرب المعقدة التي تشمل اطرافا عديدة.
الى ذلك أعلنت القيادة العسكرية الامريكية للشرق الاوسط (سنتكوم) ان ثلاثا من الغارات الجوية التي شنتها في الايام الستة الاخيرة ضد اهداف لتنظيم داعش في سوريا قد تكون اسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين.
وقالت سنتكوم في بيان انه في 7 سبتمبر الجاري واثناء غارة جوية على هدف للتنظيم الإرهابي قرب دير الزور (شرق) «دخلت المنطقة المستهدفة سيارة غير عسكرية على ما يبدو وذلك بعد انطلاق الصاروخ من الطائرة».
واضافت ان الامر نفسه تكرر في 12 الجاري وهذه المرة قرب مدينة الشدادة في محافظة الحسكة (شمال شرق)، من دون مزيد من التفاصيل.
وفي حادث ثالث وقع في 10 من الجاري استهدفت غارة جوية هدفا لتنظيم داعش قرب الرقة، معقل التنظيم الإرهابي في سوريا، و«قد تكون اسفرت عن مقتل مدنيين قرب المكان» المستهدف، بحسب ما اضاف البيان.
إسرائيل تقصف مواقع للأسد
على صعيد آخر، أعلن الجيش الاسرائيلي ان طائراته قصفت مجددا مساء الثلاثاء مواقع لجيش النظام السوري ردا على سقوط قذائف في الجولان المحتل، وذلك بعيد ساعات على نفيه ما اعلنته دمشق من انها اسقطت طائرتين اسرائيليتين اثناء غارة مماثلة.
وقال الجيش في بيان ان قذيفتين اطلقتا مساء الثلاثاء من الاراضي السورية سقطتا في الشطر المحتل من الهضبة السورية من دون ان يسفرا عن اصابات.
واضاف ان «الطيران الاسرائيلي رد باستهداف بطاريات مدفعية للنظام السوري في وسط مرتفعات الجولان السورية».
وكان سلاح الجو الاسرائيلي شن غارة مماثلة ليل الاثنين-الثلاثاء ردا على سقوط قذيفة في الشطر المحتل من الهضبة السورية، في هجوم قال جيش النظام انه تصدى له عبر اسقاط طائرتين اسرائيليتين إحداهما حربية والأخرى للاستطلاع، الامر الذي نفته اسرائيل.
وافاد متحدث باسم الجيش الاسرائيلي هو الكولونيل بيتر ليرنر على تويتر ان «صاروخي ارض-جو أطلقا من سوريا بعد المهمة التي نفذها الطيران الإسرائيلي ليلا على مواقع للمدفعية السورية، ولم يكن أمن الطيران في خطر في أي وقت».
وكان هذا رابع حادث من نوعه في تسعة ايام.