¿¿ كنت أتمنى أن أكون كاتب سيرة، فن لا يجيده إلا القليل، كنت أتمنى ذلك لكي أكتب عن رحلة شاقة من الزلفي إلى آبار النفط والتمر، التاريخ القديم لضنك العيش وقلة الحيلة والأعمال في العديد من مساحات الجزيرة.
¿¿ جاء الشيخ فوزان الحمين بطموح الشباب اليافعين، من الزلفي الصغيرة، حيث أنهى حفظ القرآن ودراسة التوحيد، إلى الأحساء، ينتقل مع الوالد من محطة إلى أخرى، ومن الزلفي الصغيرة إلى عالم الهفوف، حيث العلم والرزق، فلا تعليم نظامي في الزلفي وقتها.
¿¿ الرحلة التي استغرقت 25 يومًا على ظهور الجمال. لم تكن بالطبع ممتعة، قدر الطموح الكبير الذي حمله «رحمه الله» نحو تأسيس مرحلة الشباب التي انقسمت بين طلب العلم والعمل مع الوالد، طفولة في الزلفي وشباب في الأحساء وانطلاق في الدمام والخبر.
¿¿ لقد كون الراحل ذاكرة خاصة به في الشرقية، احتضنت وحدها نحو أربعين عامًا من بدايات التأسيس، موزعة على كافة القطاعات الحكومية والخاصة، والحب والمعرفة لكل من حوله، كان أحد العصاميين النادرين، وأحد الناصحين الغيورين، صديقا للجميع، محبا للخير، أول القادمين لمواقع العزاء، مشاركا الجميع مشاعرهم، أحب الناس فأحبته، وبادلوه رفعة.. جعل الله مثواه أعلى في الجنة.
¿¿ في آخر حوار له مع هذه الجريدة بمناسبة خمسين عامًا على انطلاقها، وحين سئل: من الرجال الذين لا يزالون في ذاكرة المنطقة الشرقية وفي ذاكرة الوطن، قال: الشيخ حمد المبارك مدير عام الجمارك، والشيخ عبدالعزيز التركي مدير التعليم بالشرقية، والشيخ عبدالرحمن بن شعوان مدير بلدية الخبر، والشيخ عبدالعزيز بن ماضي أمير الخبر «رحمهم الله جميعا».
¿¿ لقد كانت البدايات المبكرة الصعبة وأجيال الكبار كما هي «الرحلة الطويلة» للمغفور له الشيخ فوزان الحمين رحمه الله، الذي رحل وبقيت سيرته العطرة.
¿¿ الموت قدر ستذوقه كل روح، لكن فقد المؤثرين والكبار دائما ما يكون له أثر في النفس، وأمس فقدت المنطقة الشرقية أحد رجالاتها، لذلك سيبقى الفقيد في الذاكرة وسيترك فقده أثرًا في النفس، رحمه الله وغفر له وجمعه مع محبيه في جنات النعيم.
بحث متقدم
