تقول بعض المصادر إن أول اتصال رسمي جرى بين المملكة العربية السعودية واليابان كان بعد الحرب العالمية الثانية حين ارسلت اليابان وفدا اقتصاديا للسعودية سنة 1953م، وتلا ذلك بعد عامين إقامة علاقة دبلوماسية كاملة بين البلدين وكان ذلك سنة 1955م. بعدها منحت السعودية حق التنقيب عن البترول لشركة يابانية (شركة البترول التجارية اليابانية) وتم الاتفاق على أن تعمل هذه الشركة بالمنطقة البحرية بين السعودية والكويت، وكان المطلوب هو استكشاف النفط واستخراجه من أعماق مياه الخليج العربي والمنطقة المحايدة بين السعودية ودولة الكويت الشقيق.
وفي ديسمبر من عام 1957م وقع جلالة الملك سعود «رحمه الله» اتفاقية عقد شراكة مع اليابان وولدت شركة الزيت العربية المحدودة بحق امتياز لمدة 40 سنة، وكان مقر الشركة مدينة الخفجي، ولكن التعاون في مجال النفط مع اليابان لم يتطور بعد إنشاء هذه الشركة، حيث انتهت أعمال هذه الشركة في السعودية وحل محلها شركة ارامكو لأعمال الخليج المحدودة، وبذلك انتهت شراكة اليابان مع المملكة في التنقيب وانتاج النفط.
لكن الشراكة مع اليابان لم تنته؛ فقد اسست السعودية واليابان مصفاة شواشل في اليابان بطاقة تكريرية 400 الف برميل في اليوم، تبلغ حصة المملكة في هذه المصفاة 15%.
وبالرغم من التاريخ الطويل في العلاقات التجارية بين اليابان والسعودية حيث تشير الأرقام الا أن اليابان تأتي بالمراتب الثلاث الأولى من حيث الاستيراد والتصدير للمملكة العربية السعودية. إذ ان اليابان تستورد ما يقارب 30% من احتياجاتها النفطية من المملكة، وفي المقابل تصدر الينا السيارات والمعدات والأجهزة. الا ان التجارة بين البلدين لم ترتق الى مستوى وحجم ومكانة كلتا الدولتين، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الياباني حوالي 4,6 تريليون دولار.
وتحتل بذلك المرتبة الثالثة بين دول العالم وبعدد سكان ضخم يفوق 130 مليون نسمة. في المقابل فالمملكة تعد واحدة من أكبر 20 اقتصادا حول العالم بناتج محلي إجمالي حوالى 746مليار دولار وبعدد سكان يقارب 30 مليون نسمة، لا شك أن هذه الأرقام الضخمة لا تعكس مستوى التبادل والتعاون الاقتصادي بين البلدين. ولقد كان لزيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الى اليابان بداية تأسيس شراكة حقيقية بين البلدين تصل الى طموح الدولتين حيث يتوقع أن يرتفع عدد الشركات اليابانية العاملة في المملكة من 90 شركة الى حوالي 200 شركة خلال الخمس سنوات القادمة، تعمل في جميع المجالات سواء البترولية أو التقنية أو الخدمات. وبالأمس القريب أعلنت مجموعة (سوفت بانك) اليابانية عن تأسيس صندوق استثمار ضخم باسم (صندوق رؤية سوفت بنك) للاستثمار في القطاع التقني على مستوى العالم بالشراكة مع صندق الاستثمارات العامة السعودي. ويتوقع أن يبلغ حجم استثمارات هذا الصندوق حوالي 100 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة، وطبعا هذا الصندوق ستكون استثماراته حول العالم لكن كون السعودية شريكا أساسي فهذا سيسهل ويخلق بنية أساسية لجعل الاقتصاد السعودي بيئة جاذبة للاستثمار وخصوصا الاستثمار التقني واعتقد أن إنشاء هذا الصندوق سيكون له ثلاث فوائد مهمة للاقتصاد السعودي:
1- تنويع مصادر الاستثمار.
2- جذب الاستثمارات التقنية للأسواق السعودية.
3- ريادة المملكة في إنشاء وخلق حلول تمويلية على المستوى العالمي.
لا شك أن هذه الخطوة تعتبر خطوة جريئة ومتقدمة ولا ينقصها إلا تواجد الكفاءات السعودية القادرة على المشاركة في إدارة هذا البنك.